خالص الشكر والتقدير لكافة منسوبي قطاع التعليم، هي جملتي الافتتاحية لهذا المقال، حيث يعجز اللسان والحروف عن شكرهم، فلا يشعر بالحال إلا من يعمل فيه، حيث يُعد التعليم عاملًا رئيسًا في تقدم الأمم أو تقهقرها، هذا القطاع الذي يعتمد أساسًا على عدم الربحية، والتحدي الأكبر فيه أن عملية التطوير فيه تحتاج إلى وقت أطول من كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية حتى تبرز النتائج المرجوة، عندما كنت اقراء في كتاب عن سيرة ناصر المنقور -رحمه الله-، عن بدايات التعليم في المملكة وكيف حققت السعودية بقيادتها الرشيدة معجزة التحول من الجهل شبه الكامل إلى الوصول لنور العلم الذي انتشر في أرجائها يأسرني الإنجاز في وقت يعتبر قصير في زمن الأمم. أشار معالي وزير التعليم في ملتقى الميزانية هذا العام إلى أمرين هامين: الأول التحول من مفهوم الإنفاق على التعليم إلى الاستثمار فيه، والثاني الانتقال بالتعليم من تصنيفه كقطاع خدمي إلى أن يكون صناعة المستقبل. وهذان الأمران يمثلان توجهًا في المنظور العام للتعليم، لذا يقود معاليه ومن خلفه قيادات القطاع حراكًا بتطبيق ما أشار إليه، لرفع جودة التعليم من خلال فاعلية وكفاءة الإنفاق، ولتكون المملكة مركزًا علمياً تنويرياً في المنطقة. تابعت باهتمام «برنامج استثمار»، أحد برامج شركة تطوير للمباني، الهادف إلى استثمار الأصول التعليمية بالشراكة مع القطاع الخاص، وذلك من خلال طرح فرص استثمار المرافق التعليمية، والذي بلا شك سيكون له العديد من المنافع؛ من حيث تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، ورفع مستوى جودة الحياة داخل الأحياء، وتعزيز الصحة البدنية والترفيه لسكان الحي، وزيادة الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص بأقل التكاليف الممكنة والمخاطر، وهذا في تقديري غيض من فيض قادم. هذه الفرص سيكون لها أثر إيجابي كبير على جميع الأطراف؛ حيث إن الشراكات الاستراتيجية داخل المملكة، مثل شراكة التعليم مع وزارة الثقافة وهيئاتها التابعة، كهيئات الطهي، والعمارة، والتصميم، والأزياء، والمكتبات، والتراث، وكذلك وزارة الرياضة وهيئة الترفيه وصندوق التنمية الوطني وغيرها، تعد عاملًا مهمًا في تنسيق التعاون، وتحقيق المواءمة، وإتاحة الفرص، وتسخير الإمكانيات للقطاع الخاص، المحلي منه والأجنبي. كما تمثل الشراكات الاستراتيجية الدولية مع الجامعات الدولية، والمدارس، والمعاهد، وكراسي الأبحاث، والمنح الدراسية المتبادلة مع الدول، إضافة إلى الفرص الاستثمارية المتاحة، التي لا تجذب المستثمر الأجنبي فحسب، بل تمنحه أيضًا تصورًا كافيًا ووافيًا لكافة المعلومات والتكاليف التي تجعله يقدم على الاستثمار دون أي تردد، دور مُهم وفاعل لتعزيز جودة التعليم ومخرجاته. خلال الأشهر الماضية، عملت بسعادة بالغة، مع طلبة من جامعة الملك عبدالعزيز على مشروع تخرج تقوم فكرته على استخدام الذكاء الاصطناعي لتسهيل رحلة المستثمر في قطاعي السياحة والتعليم، حيث يُمكن للمستثمر المحلي أو الأجنبي التعرف على السياسات العامة، والتشريعات، والإحصاءات، والإجراءات، والسوق، والفرص الاستثمارية بشكل سهل ومتعدد اللغات. وتمثل هذه الفكرة خطوة لتسهيل رحلة الاستثمار في هذين القطاعين، من بداية التفكير بها وصولًا إلى التنفيذ والتشغيل. مما أشاهده في مسار التعليم، أرى أن حقبة من التطوير قد بدأت بعزم، والتحديات ستكون - بلا شك – واقفه في بعض مسائله، ولكن الإرادة والصبر والمواءمة والمرونة في معالجة ما يعترضها هم حجر الأساس للنجاح، سنكون على موعد مُهم هو "منتدى الاستثمار في التعليم والتدريب" في بداية العام القادم بإذن الله فكل التوفيق والسداد لقطاع يمثل الأساس لبناء كافة القطاعات.