في مشهد يعكس التحول المتسارع لكرة القدم من لعبة جماهيرية إلى صناعة اقتصادية متكاملة، استضافت الرياض أعمال Social Football Summit النسخة السعودية، بمشاركة رفيعة المستوى من القيادات الرياضية والاقتصادية وصناع القرار من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيطالية، وبالتعاون مع وزارة الرياضة، وبحضور ممثلين عن الدوري الإيطالي (Serie A)، إلى جانب جهات استثمارية وإعلامية. وجاءت القمة لتؤكد أن كرة القدم باتت اليوم إحدى أكثر القطاعات ديناميكية في الاقتصاد الرياضي العالمي. وانعقدت القمة تحت عنوان «إيطاليا والمملكة العربية السعودية في كرة القدم: ما وراء المباراة»، في إشارة واضحة إلى انتقال كرة القدم من إطار المنافسة داخل الملاعب إلى فضاء أوسع يشمل الاستثمار، والسياحة، والإعلام، وصناعة الترفيه، وبناء العلاقات الثقافية بين الشعوب، ضمن منظومة اقتصادية متعددة الأبعاد. علاقات استراتيجية في مستهل أعمال القمة، أكد سعادة السفير الإيطالي لدى المملكة كارلو بالدوتشي عمق العلاقات السعودية الإيطالية، مشيرًا إلى أن التعاون بين البلدين يشهد توسعًا متواصلاً لا يقتصر على كرة القدم، بل يمتد إلى الاقتصاد، والثقافة، والأعمال. ولفت إلى أن كرة القدم أصبحت اليوم أداة فاعلة للتقارب الدولي وبناء الشراكات الاستثمارية، مستفيدة من شعبيتها العالمية وتأثيرها العابر للحدود. ما بعد اللعبة من جانبها، أوضحت وكيل وزارة الرياضة للعلاقات والشؤون الدولية غندورة بنت شمس غندورة أن وزارة الرياضة تفخر بكونها شريكًا استراتيجيًا في هذا الحوار الدولي، الذي يجسد مفهوم «ما بعد كرة القدم». وأكدت أن هذا المفهوم في المملكة لم يعد رؤية مستقبلية، بل واقعًا قائمًا، حيث تحولت كرة القدم خلال سنوات قليلة إلى عنصر أساسي في بناء مجتمع نشط، واقتصاد متنامي ومنظومة رياضية احترافية ذات أثر اقتصادي مباشر. أرقام ودلالات وبينت غندورة أن هذا التحول يأتي ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي أعادت هيكلة قطاع الرياضة لينتقل من كونه نشاطًا مدعومًا حكوميًا إلى قطاع مستدام وقادر على خلق فرص العمل وجذب الاستثمارات. وأشارت إلى أن النتائج أصبحت واضحة وقابلة للقياس منذ عام 2017، مستشهدة بارتفاع المؤشرات الجماهيرية والاقتصادية للدوري السعودي للمحترفين. وأوضحت أن إجمالي الحضور الجماهيري في مباريات الدوري خلال الموسم الماضي بلغ نحو 2.5 مليون مشجع في مختلف الجولات، وهو رقم يعكس تنامي الإقبال على المدرجات وتطور تجربة المشجع، ويؤكد ازدياد ارتباط المجتمع المحلي بالمسابقة بوصفها منتجًا رياضيًا وترفيهيًا متكاملاً. عوائد متنامية وأضافت أن هذا الزخم الجماهيري انعكس بشكل مباشر على المؤشرات المالية، حيث سجلت إيرادات الرعاية نموًا يقارب 60%، في دلالة واضحة على تصاعد ثقة العلامات التجارية والمستثمرين في السوق الرياضية السعودية، وتحول كرة القدم إلى منصة جاذبة لرؤوس الأموال المحلية والدولية. كما كشفت أن الدوري السعودي للمحترفين بات يحظى بحضور عالمي متزايد، إذ يُبث حاليًا في نحو 180 دولة وبعدد من اللغات، ما يعزز مكانته كمنتج رياضي عالمي، ويدعم مستهدفات المملكة في توظيف كرة القدم كأداة اقتصادية وإعلامية تسهم في تنويع الاقتصاد وتعزيز القوة الناعمة. تجارب دولية وتضمن برنامج القمة جلسات متخصصة ناقشت تطور تجربة المشجع، ودور كرة القدم كعامل محفّز للتغيير الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى استعراض الأثر الاستراتيجي ل كأس السوبر الإيطالي، ونماذج تطوير أعمال الرياضة من تجربة الدوري الإيطالي إلى مستهدفات رؤية السعودية 2030، بما يعكس تكامل الخبرات بين الجانبين. وشارك في القمة عدد من القيادات التنفيذية والخبراء، من بينهم ريكاردو ناسوتي ممثل القمة، ووليد القرني مساعد نائب وزير الرياضة لتطوير المنشآت الرياضية، ولويجي دي سيرفو الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإيطالي، وعمر مغربل الرئيس التنفيذي للدوري السعودي للمحترفين، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد السعودي لكرة القدم وقطاع الإعلام وصناعة المحتوى. مركز اقتصادي وفي ختام القمة، أجمع المشاركون على أن استضافة الرياض لهذا الحدث تعكس مكانتها المتنامية كمركز إقليمي ودولي لاقتصاد الرياضة، ومنصة عالمية للحوار حول الاستثمار الرياضي، وتحويل كرة القدم إلى قوة اقتصادية ناعمة تسهم في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز الاستثمارات، وبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد، ضمن مسار تنموي يتسق مع طموحات رؤية السعودية 2030.