اقترب البلاديوم مجدداً من أعلى مستوياته في 2025 ويحاول الاستقرار فوق 1500 دولار للأوقية، مواصلاً موجة الصعود التي أعادت بناء زخمها تدريجياً خلال الشهرين الماضيين، مع قوة الطلب على السيارات الكهربائية في الصين، وبحسب سامر حسن، كبير محللي أسواق إكس إس دوت كوم، تبدو تحركات البلاديوم انعكاساً لتوافق نادر في إشارات الطلب الداعمة من ألمانياوالصين، إضافة إلى تباطؤ وتيرة تبنّي السيارات الكهربائية بما يخفف من مخاطر الاستبدال، واستمرار المخاوف بشأن موثوقية الإمدادات الروسية. لقد استند الصعود الأخير للبلاديوم إلى تحسن الإشارات الواردة من ألمانياوالصين، وهما سوقان يشكلان عادةً الركيزة الأساسية للطلب العالمي على السيارات. فقد ارتفعت طلبات المصانع في ألمانيا بنسبة 1.5 بالمئة في أكتوبر، بينما سجّل الإنتاج الصناعي ارتفاعاً بنسبة 1.8 بالمئة، وهو مزيج يشير إلى استقرار النشاط الصناعي رغم استمرار فتور تسجيلات السيارات المحلية بشكل مزمن. وتكتسب هذه المفارقة أهمية لأنها توحي بأن قاعدة التصنيع تتعافى بوتيرة أسرع من الطلب الاستهلاكي على السيارات، وهو غالباً مؤشر مبكر على موجة إعادة تخزين تقودها المصانع، وهي مرحلة تميل إلى دعم معادن محفزات العوادم وعلى رأسها البلاديوم. ووفقاً لرابطة سيارات الركاب الصينية، قدمت الصين صورة مشابهة، ولكن دقيقة في تفاصيلها. فقد تراجعت مبيعات التجزئة للسيارات بنسبة 8.1 بالمئة في نوفمبر، وانخفضت على أساس شهري بنسبة 1.1 بالمئة، في حين سجلت الصادرات رقماً قياسياً جديداً بارتفاع بلغ 52 بالمئة إلى 601,000 مركبة. أما مبيعات مركبات الطاقة الجديدة فقد نمت بنسبة 4.2 بالمئة فقط على أساس سنوي، وهو دون التوقعات، مما يعزز الفكرة بأن زخم السيارات الكهربائية المحلية يتباطأ أسرع من المتوقع. غير أن طفرة الصادرات تبقي الإنتاج الصيني مرتفعاً، وتواصل دعم الطلب العالمي على البلاديوم عبر سلاسل التوريد الموجهة للأسواق الخارجية. وتعزز الأداء التجاري الأوسع للصين هذه الصورة. فبحسب الإدارة العامة للجمارك، تجاوز فائض تجارة السلع في الصين حاجز 1 تريليون دولار للمرة الأولى، مدفوعاً بزيادة نسبتها 5.4 بالمئة في الصادرات. ويمثل هذا الإنجاز دليلاً على قوة الهيمنة الصناعية الصينية، ويساعد في الحفاظ على معدلات تشغيل مرتفعة في قطاعات تدعم بشكل غير مباشر أجزاء السيارات والمواد التحفيزية. كما تمنح هذه القوة التصديرية شركات صناعة السيارات الصينية هامشاً مالياً يتيح لها الحفاظ على وتيرة إنتاج مرتفعة حتى عند ضعف الطلب المحلي وهو نمط تاريخي يرفع استهلاك البلاديوم. كما تضيف ديناميكيات السيارات الكهربائية طبقة داعمة إضافية. بلغ نمو مبيعات المركبات الكهربائية عالمياً في نوفمبر 6 بالمئة فقط، وهو الأبطأ منذ فبراير 2024، مع تباطؤ السوق الصينية وانهيار السوق الأمريكية بنسبة 42 بالمئة بعد انتهاء الإعفاءات الضريبية. وظلت أوروبا النقطة المضيئة الوحيدة مع ارتفاع التسجيلات بنحو الثلث، إلا أن الاتجاه العالمي يبطئ بوضوح. هذا التباطؤ في التحول الكهربائي يحد من سرعة الاستبدال بعيداً عن محركات الاحتراق المعتمدة على البلاديوم، مما يمدّد دورة الطلب على محفزات العوادم في وقت لا يزال فيه نمو الإمدادات محل تساؤل. ولا يقل جانب الإمدادات أهمية عن غيره. فروسيا تسيطر على نحو ربع صادرات البلاديوم العالمية، ووفقاً لتقارير حديثة حول الضربات الأوكرانية التي تستهدف "أسطول الظل" الروسي، ترتفع المخاطر الجيوسياسية من جديد. ورغم أن تأثير ذلك على شحنات المعادن لا يزال غير واضح، فإن احتمال حدوث تعطّل بات يتزايد. وعادة ما يتعامل السوق مع مثل هذه المخاطر بشكل غير متناظر، مما يمنح المعدن أرضية دعم طبيعية كلما تصاعدت التوترات أو تعرضت قنوات التصدير لتهديد لو كان هامشياً. ومع ذلك، هناك قوى اقتصادية كلية تتحرك في الاتجاه المقابل. فبحسب ستاندرز آند بورز العالمية، لا يزال مشهد إنتاج المركبات الخفيفة عالمياً حساساً للغاية تجاه تطورات المشهد التجاري الأمريكي. ورغم تمكن شركات السيارات من احتواء التكاليف حتى الآن، قد تبدأ الضغوط الناجمة عن الرسوم الجمركية بالظهور لدى المستهلكين العام المقبل، بما قد يخفّض الطلب. وأظهرت التحديثات الأخيرة للتوقعات مراجعات صعودية محدودة لأوروبا والصين وأخرى أصغر لليابان وكوريا وأمريكا الشمالية. إلا أن النمط العام يشير إلى اتجاهات إنتاج عالمية شبه ثابتة لعام 2026 وهو سيناريو يحافظ على نمو طلب البلاديوم عند مستوى مستقر لكنه غير استثنائي. وتضيف الظروف النقدية عاملاً مبرّداً آخر. فبعد تصريحات جيروم باول الأخيرة، تراجعت توقعات الخفض بشكل حاد. ووفقاً لأداة فيد واتش التابعة لبورصة شيكاغو التجارية، لم يعد السوق يتوقع خفضاً في يناير، فيما تنقسم التوقعات بشأن احتمالية التيسير في مارس. ويؤدي هذا التحول إلى تشديد محدود في الأوضاع المالية، ما قد يضغط على السلع الدورية إذا ارتفعت العوائد الحقيقية أكثر، أما بالنسبة للبلاديوم، فيكمن الخطر الرئيس في المعنويات أكثر من الأساسيات، إذ تميل السياسة الأكثر تشدداً إلى تقليص المشاركة المضاربية.