لا يمكن النظر إلى مشاركة فيلم "سبع قمم" في مهرجان البحر الأحمر السينمائي؛ بوصفه عرضاً فنياً عابراً، بل هو لحظة تتقاطع فيها التجربة الشخصية مع الحلم الوطني، ويتحوّل فيها الإنجاز الفردي إلى قطعة، تُضاف بفخر إلى لوحة الوطن. لقد وجدت نفسي، حين ارتفعت راية التوحيد فوق أعلى قمم العالم، مجرد امتداد من سبقوني إلى تلك القمة، وكأن يد الوطن كانت ترتفع معنا جميعاً، جيلًا بعد جيل، لتعلن أن الحلم السعودي لا حدود له. امتلأت القاعتان في عرضي الفيلم حتى آخر مقعد، وكان المشهد أكبر من مجرد حضور جماهيري؛ كان شغفاً قويا يمكن رؤيته في العيون قبل أن يُسمع في التصفيق. رأيت في الوجوه دهشة محببة، وفي الأسئلة التي تلت العرض رغبة صادقة في الاقتراب من التجربة، لا بوصفها مغامرة بدنية فحسب، بل رحلة بحث داخلي، واختباراً للمعنى، ومواجهة صامتة مع الذات قبل مواجهة الجبل. كان الجمهور يتفاعل وكأنه يستعيد لحظات تأمله الخاصة، كأن الفيلم أعاد إلى كل واحد منهم تلك الخلوة التي نفتقدها وسط زحام الحياة؛ خلوة نصغي فيها لأنفسنا، ونراجع فيها الطريق الذي نقطعه كل يوم دون أن نلتفت. اللافت أن الصدى الإعلامي جاء أكبر مما توقّعت بكثير؛ عشرات المواد الصحفية والتلفزيونية، وملايين المشاهدات على المنصات، وأحاديث امتدت إلى خارج حدود المملكة. كان ذلك دليلاً على أن المجتمع متعطش لقصص تُروى من الداخل، تُقدَّم بصدق، وتُشبه الناس في بساطتها وعمقها. وما عزز هذا الأثر أن رسائل الفيلم كانت واضحة لكل من شاهد: احلم مهما بدا الحلم مستحيلاً، وتجاوز الصعوبات بحكمة وتخطيط، فالقمة ليست حجراً شاهقاً، بل حالة ذهنية وروحية تصنعها الإرادة. الوقائقي لم يكن مجرد توثيق لمغامرة، بل مساحة للتأمل الجماعي، وللسؤال عن معنى الإنجاز ودوره في صياغة صورة الوطن في أعين العالم. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، أجدني أدعو كل من ينجز، صغيراً كان أو كبيراً، فردياً أو جماعياً، إلى أن يوثّق عمله، ويحوّل قصته إلى قيمة مضافة في سجل هذا الوطن العظيم. فبلادنا تنمو بالعمل… لكنها تُخلَّد بالرواية. وهكذا، يبقى وثائقي "سبع قمم" خطوة أولى في مسار طويل من الحكايات التي تستحق أن تُروى، عن الإنسان الذي يصعد… وعن الوطن الذي يبقى شامخاً خلف كل خطوة. ورسالة أخيرة لكل من حضر ودعم وكتب كلمة دعم وتشجيع… شكراً من القلب.