كثيرة هي أحياء مكة التاريخية، بأزقتها الضيقة، وبيوتها العتيقة، التي يفوح منها عبق التاريخ، والموروث الاجتماعي، لكن قليل أن تنزع ملكية عقارات حي تاريخي للتطوير، وتجد سكانه كنسيج اجتماعي، على تواصل كبير، وبمبادرات إبداعية خلاقة، إنسانية واجتماعية وثقافية، ومنها توثيق تاريخ الحي. سكان "حي جرول" قدموا نماذج لملامح اللحمة الاجتماعية في الأحياء السعودية، حيث أثمر التعاون المجتمعي على إصدار كتاب بعنوان "جرول ذكريات ومرويات" أعده المؤلف محمد ناصر الأنصاري. وملتقيات سكان جرول رغم إزالة 70 % من مساحة الحي لصالح مشروع توسعة ساحات المسجد الحرام والعناصر المرتبطة به، متواصلة، بل وكأنها تعزيز روحي لكبار سكان الحي لاسترجاع الماضي الجميل، ومنها ملتقى تدشين الإصدار الوثائقي الذي جمع نخبة من المثقفين والوجهاء. وقال وزير الإعلام الأسبق د. عبدالعزيز خوجة وأحد سكان الحي: أنا ولدت، ودرست في حي جرول، ثم ذهبت لإكمال الدراسة، ثم مباشرة العمل الوظيفي الحكومي، لكنني عدت إلى جرول مرة أخرى، وكان بيتنا بجور برحة قصر السليمان، واعتز بقصيدة نظمتها في بيتنا عند زيارتنا له بعد فترة طويلة، وقد تذكرت عشرات السنين من العيش فيه. وأوضح مدير عام فرع وزارة الإعلام بمنطقة مكةالمكرمة عبدالخالق الزهراني أن الملتقى جمع النخب الفكرية والإعلامية والثقافية، في صورة تجسد مستوى الحراك الثقافي في أم القرى. وألمح الدكتور أنور عشقي إلى أن حي جرول يجسد تاريخ أحياء مكة منذ البدء، فمن وادي غير ذي زرع، إلى شعاب، ثم حارات شعبية قديمة تدافع عن بعضها البعض، إلى أصبحت أحياء آمنة في هذا العهد الزاهر، في ظل حكومة المملكة، مبيناً أن الحي يفخر بوجود معالم تاريخية من أهمها "بئر طوى" التي اغتسل منها الرسول صلى الله عليه وسلم عدة مرات، منها في عام الفتح وحجة الوداع. وفي ذات الاتجاه اعتبر المستشار الدكتور عبدالله بن صالح والدكتور علي الحازمي الاحتفالية ملتقى ثقافي، لتوثيق حي يحمل رمزية تاريخية وهو حي جرول. واتفق اللواء سامي الحازمي ورجل الأعمال الشيخ هشام الهباش على أن حي جرول بقربه من المسجد الحرام يمثل صورة رائعة لأحياء مكة التاريخية، حيث كان شاهداً على حقب زمنية سابقة، وجميل أن يتم التوثيق لهذا التاريخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. وقال الدكتور خضر اللحياني -قدم الأعمال الفنية في الحفل-: إن الكتاب منتج ثقافي جديد يوثق لحي تاريخي، يحتضن سبعة عشر حارة، قريبة من مركزية المسجد الحرام، ومن خلال 400 صفحة، إضافة إلى 600 صورة نادرة لشخصيات ومعالم الحي، يشار إلى أن الملتقى اشتمل على عروض وفقرات فنية وقصائد شعرية وألوان شعبية، ومعرض تشكيلي. د. عبدالعزيز خوجة عبدالخالق الزهراني د. خضر اللحياني