مرة أخرى يجد الاتفاق نفسه في دائرة النقد، ومرّة أخرى يظهر الفريق بصورة باهتة لا تشبه تاريخه ولا إمكانياته، ولا تعكس حجم العمل الإداري والمالي الذي بُذل في السنوات الأخيرة. ورغم كل التعاقدات والوعود والحديث عن مشروع طويل الأمد، إلا أن الحقيقة المؤلمة تبقى واضحة للعيان: الاتفاق كالعادة... بلا هوية، فريق يدخل الملعب بلا شخصية، المشكلة الكبرى التي يعاني منها الاتفاق ليست نقصًا في العناصر، ولا ضعفًا في العامل البدني، بل غياب الشخصية الفنية داخل الملعب. الفريق لا يملك أسلوبًا واضحًا يُبنى عليه، ولا يمكن للمشاهد أن يميز بصمته أو طريقته في اللعب. مرة يعتمد على المرتدات، ومرة على الكرات الطويلة، ومرات يُظهر عشوائية لا تُفسّر، هذا التذبذب يجعل الاتفاق فريقًا يمكن توقعه بسهولة، ويمكن هزيمته بدون كثير من التعقيد. تعاقدات كبيرة... ونتائج صغيرة، إذ لا يمكن إنكار أن الإدارة بذلت جهدًا ضخمًا في جلب لاعبين مميزين سواء محليين أو أجانب، لكن السؤال: لماذا لا يظهر هذا على أرض الملعب؟ الجواب بسيط: غياب الهوية يلغي قيمة الأسماء، فلا يوجد لاعب مهما كان وزنه الفني قادر على تقديم مستوى ثابت في منظومة مضطربة لا تعرف ماذا تريد. مدربون يتغيرون... والمشكلة واحدة مرّ على الاتفاق في السنوات الأخيرة أكثر من مدرب، وكلهم جاؤوا بأفكار ووعود، لكن النتيجة واحدة: لا شيء يتغيّر، وهذا دليل على أن المشكلة أعمق من مجرد جهاز فني؛ إنها مشكلة مشروع غائب، رؤية غير واضحة، وخطوات منفصلة لا تتكامل لصناعة فريق يعرف كيف يبدأ وكيف ينهي المباراة. الجماهير... صبرها بدأ ينفد جماهير الاتفاق، التي طالما وقفت خلف فريقها، بدأت تفقد ثقتها في الوعود المتكررة، هي لا تطالب ببطولة كل موسم، بل تطالب بهوية، بأسلوب، بفريق يُشبه الاتفاق الذي عرفوه: فريق يقاتل، ينافس، يفرض نفسه، ويُحترم، لكن ما يحدث الآن هو العكس تمامًا، فالفريق يخرج إلى الملعب وكأنه يجر أقدامه، بلا حماس، بلا تنظيم، بلا روح، وكأن اللاعبين يلعبون للمشاركة فقط وليس لتحقيق شيء. إلى متى؟ المشكلة ليست في مباراة واحدة ولا جولة واحدة، بل هي تراكمات مواسم لم تجد العلاج الحقيقي. ويبدو أن الاتفاق لن ينهض إلا إذا حدثت وقفة صادقة تعيد ترتيب المشروع من جديد، من الفلسفة الفنية إلى طريقة اختيار اللاعبين إلى مفهوم المنافسة. خاتمة الاتفاق ليس ناديًا عابرًا في تاريخ الكرة السعودية، لكنه اليوم يعيش وضعًا لا يليق باسمه ولا بجماهيره، وحتى يعود الفريق إلى مكانه الطبيعي، سيحتاج إلى أكثر من تغييرات شكلية... سيحتاج إلى هوية، وإلى فريق يعرف من هو، وكيف يريد أن يلعب، وإلى أين يريد أن يصل، فبدون هوية... سيظل الاتفاق كما هو الآن: فريقًا لا يُخيف أحدًا، ولا يُقنع أحدًا.