لم تكن زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية زيارة بروتوكوليَّة، بل كانتْ حدَثًا إستراتيجيًّا استثنائيًّا عزّزَ العلاقات التاريخية بين البلَدَيْن، وقد عبَّرتْ هذه الزيارة عن الحنكة السياسيّة التي يتمتّع بها ولي العهد، وقدرته على إدارة الملفات الكبرى باقتدار، كما عبَّر الاستقبال الاستثنائي الكبير لولي العهد في البيت الأبيض عن التقدير العظيم لسمو الأمير، وللدور المحوري الذي تلعبه المملكة في المنطقة، وأكَّدَ على التعاون الإستراتيجي بين البلديْن بما يعيد صياغة مستقبل المنطقة والعالَم. وقد أنبأتِ اللقاءات والحوارات التي قادها ولي العهد عن قدرته العظيمة التي تجمع بين وضوح الرؤية الشاملة وذكاء التخطيط والتوقيت، والإدراك العميق للتوازنات ورعاية المصالح من خلال قراءة دقيقة للمشهد الدولي تنمّ عنْ براعةٍ ووعيٍ كبيرين. وعلى رأس ملفاتِ الزيارة كانَ تعزيز الأمن وحماية الاستقرار بالمنطقة، ومواجهة التحديات والتهديدات الأمنيّة، وخاصَّة فيما يتعلُّق بأمْن الطاقة ورعاية المصالح المشتركة. كما كانت القضية الفلسطينية على رأس المباحثات التي أكَّدت موقف المملكة الثابت تجاه القضية، والقائم على ضمان حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز المسارات الدبلوماسيّة لحلّ الدولتيْن الذي لن يتحقّق إلا بإقرار سلامٍ حقيقيّ في المنطقة، وخفض التصعيد والعَداء. وكانتْ النقطة الأبرز ما أطلقته المملكة من استثمارات ضخمة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تراوحت بين 600 مليار إلى تريليون دولار في مجالات التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والصناعات العسكرية والفضاء، فضلاً عن برامج التدريب والتطوير المشتركة بين البلدين. كما سعتِ الزيارة لبناء اقتصاد معرفيّ متقدِّم في المملكة، تكون الولاياتالمتحدة شريكًا فاعلاً في صناعة تحولاته، من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية والاقتصاد الرقمي، والتقنيات الحديثة والمتطوّرة. وقد أبرزت هذه الزيارة دور المملكة المحوري في الاقتصاد وأمن الطاقة، وأكّدتْ على شراكتها الإستراتيجية الفاعلة في صياغة السياسات الدوّليّة، وقيادة التحوّلات الإقليمية والعالمية، كما فتحت الزيارة آفاقًا لدعم المشاريع الكبرى التي خططتْ لها رؤية المملكة 2030م، بما يعزّز حضورها الإقليمي وتأثيرها العالمي، وأظهرتِ الزيارةُ أنّ المملكة في عهد الأمير محمد بن سلمان تملكُ صوتًا مسموعًا، وحضورًا لافتًا يقود خطاه قائد يتمتع بذكاء سياسي يفرض على القوى العالمية احترامَ رؤيته وتقدير شجاعته وقدرته على هندسة التحوّلات الواعِدَة.