انطلقت من الدوحة جائزة الكتاب العربي السنوية التي تهدف إلى دعم صناعة الكتاب العربي وتكريم المبدعين والباحثين في مجالي العلوم الاجتماعية والإنسانية، في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التأليف والترجمة والبحث العلمي، وما أفرزته من تحولات تكنولوجية متقدمة. وقد تأسست الجائزة عام 2024 بدعم من سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتُمنح سنويًا للأعمال المؤلفة باللغة العربية التي تمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية وتسهم في تطوير المعرفة وإثراء الفكر الإنساني. وأوضحت الأستاذة الدكتورة حنان الفياض، المستشارة الإعلامية للجائزة، أن الجائزة تسعى إلى الإسهام في تعزيز مكانة الكتاب العربي وتشجيع حركة التأليف الرصين، ودعم المؤسسات البحثية ودور النشر المتميزة لإنتاج أعمال علمية رفيعة المستوى، مؤكدة أن رسالتها تتمثل في إثراء المحتوى العربي والارتقاء بجودة الكتاب شكلًا ومضمونًا. وأضافت أن الجائزة تهدف إلى تكريم الكتّاب والباحثين الذين أسهمت أعمالهم في تطوير الثقافة العربية والإنسانية، وتقدير جهود الناشرين في دعم صناعة الكتاب الجيد، فضلًا عن تعزيز قيمة البحث العلمي ودعم الإنتاج الفكري الأصيل، إلى جانب تشجيع الفائزين على مواصلة العطاء العلمي وتوسيع نطاق أعمالهم بما يسهم في تنمية الوعي الثقافي. وبيّنت الفياض أن الجائزة تطمح إلى الارتقاء بالكتاب العربي ليكون قادرًا على المنافسة العالمية من خلال تسليط الضوء على الباحثين الذين يجمعون في أعمالهم بين الأصالة ومواكبة الاتجاهات الحديثة في التأليف والبحث، كما تسعى إلى إبراز الجهود المعرفية التي لم تنل الاهتمام الكافي وإتاحة مساحة أوسع للاعتراف بجهود المبدعين والباحثين في مختلف الحقول الإنسانية. وأشارت إلى أن للجائزة أثرًا غير مباشر في تحفيز دور النشر على العناية بجودة المحتوى بعيدًا عن الأهداف التجارية البحتة، فضلًا عن دورها في تنشيط حركة القراءة وإبراز مكانة دولة قطر في دعم الثقافة العربية وتعزيز حضورها في المشهد الثقافي الإقليمي والدولي. وتُمنح الجائزة في خمسة مجالات معرفية رئيسة تشمل الدراسات التاريخية، والدراسات اللغوية والأدبية، والدراسات الاجتماعية والفلسفية، والعلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، والمعاجم والموسوعات وتحقيق النصوص. أما الدورة الثالثة لعام 2025 فتخصص موضوعاتها في مجالات التاريخ العربي والإسلامي من نهاية القرن السادس إلى الثاني عشر الهجري، والدراسات الأدبية والنقدية للتراث العربي حتى القرن العاشر الهجري، والدراسات الفكرية والاقتصادية، والسيرة النبوية والدراسات الحديثية، وتحقيق النصوص اللغوية. وتضم الجائزة فئتين رئيسيتين هما فئة الكتاب المفرد، المخصصة للكتب المنشورة ضمن المجالات المعرفية المعلنة، وفئة الإنجاز التي تُمنح لأصحاب المشاريع البحثية والمعرفية طويلة الأمد من الأفراد أو المؤسسات. وتشترط الجائزة أن يكون العمل مكتوبًا باللغة العربية ومنشورًا خلال السنوات الأربع الأخيرة، وأن يتميز بالأصالة والجدة، ويلتزم بالمنهج العلمي والتوثيق الدقيق، وألا يقل حجم الكتاب عن ثلاثين ألف كلمة وأن يكون له رقم إيداع دولي، كما يُشترط أن يتقدم المؤلف بنفسه للترشح وألا يقدّم أكثر من عمل واحد. وتبلغ القيمة الإجمالية للجائزة مليون دولار أمريكي موزعة على المجالات الخمسة، ويُفتح باب الترشح عبر الموقع الرسمي للجائزة خلال الفترة من الثالث والعشرين من فبراير إلى الثالث والعشرين من مايو 2025. وقد شهدت الدورة الثانية للجائزة في عام 2025 مشاركة 1261 عملًا خضعت لتحكيم علمي دقيق وأسفرت عن فوز 17 باحثًا ومؤسسة. فقد فاز في مجال الدراسات التاريخية الباحث حافظ عبدولي بالمركز الأول عن كتابه "من تريبوليتانيا إلى أطرابلس: المشهد التعميري خلال العصر الوسيط المتقدم بين التواصل والتحولات"، وفي مجال الدراسات اللغوية والأدبية فاز الدكتور عبدالرحمن بودرع بالمركز الأول عن كتابه "بلاغة التضاد في بناء الخطاب - قضايا ونماذج". كما شملت فئة الإنجاز تكريم عدد من الشخصيات والمؤسسات من بينها أحمد المتوكل، ورمزي بعلبكي، وإبراهيم القادري بوتشيش، إضافة إلى معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية، وكرسي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع للغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية، ودار النشر "الكتاب الجديد المتحدة".