أكّد المختص في الإدارة د. جعيثن الجعيثن أن تبنّي نظام العمل عن بُعد لم يعد رفاهية تنظيمية، بل خياراً عملياً وواقعياً للتعامل مع الازدحام المروري المتزايد في مدينة الرياض، موضحاً أن هذا النمط يسهم في الحدّ من الضغط اليومي الذي يعيشه الموظفون أثناء التنقّل، ويرفع في الوقت ذاته مستوى الرضا الوظيفي. واضاف أن مدينة الرياض تُعد «مدينة مُهيمنة عليها السيارات» تُشكّل السيارات حوالي 85٪ من التنقّلات اليومية فيها (أي ما يُقارب 8 ملايين رحلة يومياً) مقارنةً بحافلات بنسبة 2٪ تقريبًا. وأشار د. الجعيثن الى أن الازدحام المروري بات يشكّل واحداً من أكبر التحديات التي تؤثر على إنتاجية الموظفين وصحتهم النفسية والبدنية، لافتاً إلى أن اعتماد العمل من المنزل أو نماذج العمل الهجينة يتيح للموظف توفير ساعات يومية تُهدر في الطرق، مما ينعكس إيجاباً على جودة الأداء وراحة العقل. وأوضح إلى أن تطبيق هذا التوجّه يتطلّب استعداداً مؤسسياً متكاملاً، سواء عبر تطوير البنية التقنية أو تحديث سياسات الموارد البشرية، بحيث يصبح العمل عن بُعد جزءاً من منظومة الإدارة الحديثة لا مجرد إجراء ظرفي.فأثناء جائحة كورونا، برزت تجربة العمل عن بُعد كحل فعّال أثبت قدرته على الحفاظ على سير الأعمال دون تعطيل، بل وأسهم في زيادة جودة العمل في العديد من القطاعات الحكومية والخاصة. وقد كانت المملكة من الدول الرائدة في تطبيق هذا النموذج، خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل وزارة العدل التي قدّمت تجربة رائدة في التحول الرقمي وتفعيل الخدمات الإلكترونية والمحاكمات عن بُعد وما زالت. وكشف الجعيثن أن 60٪ من الموظفين يعانون من إجهاد مرتبط بالأداء والبيئة الوظيفية، مؤكداً أن تقليص زمن التنقّل وتخفيف الاحتكاك اليومي بالازدحام يمكن أن يخفّض من هذا الضغط بشكل ملحوظ. وتابع انه مع عودة الازدحام المروري في الرياض بشكل أكبر من السابق بشكل ملاحظ مع وجود بدائل اخرى كمترو الرياض الذي يهدف الى أن يُقلّل من الازدحام المروري بنسبة تصل إلى 30% بمدينة الرياض. كما أُعلن أن المترو سجل أكثر من 18 مليون مسافر في أول حوالي شهرين بعد إطلاقه. في الربع الأول من 2025 تجاوز عدد ركاب المترو في الرياض 25 مليون. ومع ذلك ما زالت المشكلة قائمة. وبين الجعيثن انه يتجدد النقاش حول أهمية إحياء نماذج العمل المرن والعمل عن بُعد بشكل جزئي، لا سيما في الوظائف التي لا تتطلب الحضور المباشر، مثل الأعمال المكتبية والخدمات الرقمية. فالعديد من الموظفين يعانون بسبب ساعات طويلة يقضونها في الطرق، ما يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية، ويقلل من وقتهم مع أسرهم، ويضعف إنتاجيتهم في مقر العمل. في الختام قال المعالجة تواجه تحدي الازدحام في المدن الكبرى مثل الرياض تتطلب حلولًا متعددة، ويُعدّ العمل عن بُعد أحد أكثرها فاعلية وواقعية في الوقت الحالي. فاستثماره ليس خيارًا طارئًا، بل ضرورة حضارية تتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة ورفع كفاءة الأداء الحكومي والاقتصادي. د. جعيثن الجعيثن