أكدت منظمة الهجرة الدولية، نزوح نحو 2000 شخص جديد من مدينة بارا وعدد من القرى المجاورة لها في ولاية شمال كردفان جنوب السودان خلال ثلاثة أيام، جراء تفاقم انعدام الأمن. ويأتي هذا النزوح بعد سيطرة قوات الدعم السريع، في 25 أكتوبر الماضي على مدينة بارا. وقالت المنظمة في بيان: "إن الفرق الميدانية لمصفوفة تتبع النزوح قدرت نزوح نحو 2000 شخص من مدينة بارا وعدة قرى مجاورة بين 7 و9 نوفمبر الجاري، بسبب تفاقم انعدام الأمن". وأشارت إلى أن القرى المتضررة شملت أم سيالة وكورا بارا، وساكرة وعلوان، موضحة أن النازحين توزعوا على مناطق متفرقة في مدينة أم درمان غربي الخرطوم، ومحلية شيكان في شمال كردفان. وأضاف البيان أن هذا النزوح "يأتي في أعقاب سلسلة من حوادث النزوح المبلغ عنها في محليات بارا وشيكان، والرهد، وأم روابة، وأم دم حاج أحمد بشمال كردفان، التي أدت إلى نزوح ما يقدر بنحو 38 ألفًا و990 شخصًا في الفترة ما بين 26 أكتوبر و9 نوفمبر 2025". وأكدت المنظمة أن الوضع لا يزال متوترًا ومتقلبًا للغاية. وفي وقت سابق، أكدت مفوضية العون الإنساني السودانية أن عشرات الآلاف من النازحين المتوافدين من ولاية شمال دارفور (غرب) وشمال كردفان (جنوب) نحو مدينتي الدبة بالولاية الشمالية والأبيض بشمال كردفان بسبب الاشتباكات وهجمات "الدعم السريع"، بحاجة لمساعدات عاجلة. وقالت مفوضة العون الإنساني بالسودان سلوى آدم بنية: "هناك نزوح كبير جدًا من ولايات شمال دارفور وشمال كردفان نحو عدد من الولايات لكن التركيز الأكبر في مدينة الدبة بالولاية الشمالية". وسيطرت قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر على آخر معقل في إقليم دارفور (غرب) للجيش الذي تخوض حربا ضده منذ أبريل 2023. وترد مذاك الحين تقارير عن عمليات قتل جماعي، وعنف عرقي، وخطف، واعتداءات جنسية. وتحدثت إلى ثلاثة ناجين من معركة الفاشر، بعدما لجأوا إلى مدينة طويلة القريبة. بدورها، أشارت منظمات حقوقية إلى وقوع عمليات قتل عرقية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم. في المقابل، نفى ضابط في قوات الدعم السريع هذه الاتهامات ووصفها بأنها "افتراء". ويقول حسن عثمان، وهو طالب جامعي من الفاشر، إن مقاتلين من الدعم السريع فرزوا سكان الفاشر حسب انتماءاتهم العرقية. ويؤكد أنهم "يحكمون عليك حسب قبيلتك، لونك، ومن أين عائلتك". ويضيف الشاب "هناك قبائل معيّنة لو أنت منها، لا يسألونك أي سؤال، يقتلونك مباشرة". ويشير عثمان إلى أن شوارع المدينة كانت "مليئة بالجثث" عندما نزح، لافتا إلى أن "بعضها مذبوح وهناك جثث أكلتها الكلاب". وتؤكد آمنة هارون، أن عناصر من قوات الدعم السريع "قتلوا زوجي وولدي الكبير عندما كنا نحاول الخروج من الفاشر". وتضيف "قتلوهما أمام عيني وهم يقولون لا نريدكم هنا". وأوقعت الحرب في السودان عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أزمة جوع. وقد اتُهم كلا الجانبين بارتكاب فظائع طوال فترة الحرب. من جهته، نفى ضابط من قوات الدعم متمركز في الفاشر، طلب عدم كشف اسمه لأنه غير مخول التحدث إلى الإعلام، حدوث عمليات قتل عرقية. وقال "لم نقتل مدنيين ولم نقتل أحدا لانتمائه إلى قبيلة، هذا افتراء فقط". وبعد سيطرتها على الفاشر، أصدرت قيادة الدعم السريع توجيها لقواتها يطلب منها "الالتزام الصارم بالقانون وقواعد السلوك والانضباط العسكري أثناء الحرب"، مؤكدة ضرورة ضمان "حماية المدنيين". لكن الأممالمتحدة ومنظمات حقوقية تحدثت مذاك الحين عن وقوع فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك عمليات قتل وخطف على أسس عرقية. وقال خبراء أمميون الجمعة إنهم "شعروا بالفزع إزاء التقارير الموثوقة" عن إعدام قوات الدعم السريع لمدنيين في الفاشر، ووصفوها بأنها جرائم حرب "قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية". وأكدوا أن الهجمات تشبه حملات سابقة شنتها قوات الدعم السريع في مخيم زمزم القريب الذي اجتاحته في أبريل، وفي الجنينة حيث قُتل الآلاف، متهمين المجموعة باستهداف قبائل "بقصد إرهابهم وتهجيرهم وتدميرهم كليا أو جزئيا". وقال منسق منظمة أطباء بلا حدود في مدينة طويلة سيلفان بينيكو الذي تحدث إلى مدنيين فارين من الفاشر، إن العديد من النازحين أكدوا أنهم "استُهدفوا بسبب لون بشرتهم". وأضاف بينيكو "بالنسبة لي، كان الجزء الأكثر رعبا هو مطاردتهم وهم يهربون للنجاة بحياتهم. التعرض للهجوم لمجرد أنهم سود".