أكد الدكتور العنزي أن التحليل الطبي الشرعي يُعد من أهم الوسائل العلمية التي تسهم في كشف ملابسات الجرائم وتحقيق العدالة، من خلال تحليل فني دقيق للحالات الواقعية وتوثيق المشاهدات الطبية في القضايا الجنائية، وتقديم الرأي الفني حول طبيعة الإصابات وأدوات حدوثها وتحديد العلاقة السببية بينها. جاء ذلك خلال ورشة العمل التي قدّمها ضمن فعاليات القمة العالمية للتميز في العلوم الطبية الشرعية بحضور عدد من المختصين وأعضاء النيابة العامة، موضحاً أن الهدف من الورشة هو تسليط الضوء على الدور المحوري للطبيب الشرعي في دعم جهات التحقيق وتمكينها من الوصول إلى تفسير منطقي ودقيق للمشاهد الفنية. وبيّن الدكتور العنزي أن الورشة تناولت عدداً من الموضوعات المتصلة بعمل الطبيب الشرعي، من بينها توثيق أشكال الاعتداء على النفس وتحليل الإصابات وتفسيرها طبياً، إلى جانب استعراض حالات واقعية والإجابة على استفسارات أعضاء النيابة العامة، بما يسهم في تطوير الأداء المهني ورفع مستوى التنسيق بين الجهات العدلية والطبية. وأوضح أن الفهم العميق لفسيولوجية الأعضاء والتفاعلات الجسدية والفحص النسيجي يمثل أساساً في تفسير المشاهد الطبية الشرعية، مؤكداً أهمية الاطلاع المستمر على المستجدات العلمية في هذا التخصص الدقيق. وشاركت الدكتورة داليا محمد السيف، استشاري الطب الشرعي، في استعراض عدد من الحالات العملية، متطرقة إلى الأسس العلمية للفحص النسيجي ودوره في القضايا الطبية الشرعية، فيما تناولت مناقشات الورشة عدداً من التساؤلات الفنية من أبرزها ما إذا كانت الوفاة ناجمة عن حالة مرضية أو نتيجة إصابة أثناء المباريات، وتفسير وجود إصابات متعددة غير كافية لإحداث الوفاة، وتحديد ما إذا كان النزيف الدماغي ناتجاً عن إصابة أم عن سبب مرضي، إضافة إلى التحقق مما إذا كانت التلونات في الجثمان ناتجة عن إصابة أم أنها تغيرات تعفنية، والفترة الزمنية الفاصلة بين وقوع الإصابة وحدوث الوفاة، ومدى وجود شبهة اعتداء جنسي في بعض الحالات. كما استعرض الدكتور عبد العزيز عبد الواحد المزروع أهمية فحص مسرح الوفاة باعتباره الشاهد الأول على الجريمة، في حين قدّم الدكتور محمد راشد الدوسري، استشاري الطب الشرعي، عرضاً لعدد من الاستفسارات التي طُرحت من قبل أعضاء النيابة العامة خلال جلسات النقاش. واختتم الدكتور العنزي الورشة بالتأكيد على أن التحليل الطبي الشرعي الدقيق يمثل ركيزة أساسية في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة، مشيراً إلى أن الطبيب الشرعي يؤدي دوراً تكميلياً محورياً في دعم منظومة العدالة الجنائية وتعزيز الثقة في الإجراءات القضائية.