افتتح نادي القادسية مركز الأداء العالي بمعايير عالمية في خطوة لا يمكن وصفها إلا بأنها قفزة نوعية نحو المستقبل، وورقة اعتماد جديدة تضع النادي ضمن الأندية السعودية الطموحة لتأسيس بيئة احترافية حقيقية، هذه المنشأة الحديثة لا تُعد مجرد صالة تدريب أو مبنى جديد، بل تحوّلا في الفكر وتجسيد لرؤية استراتيجية تعي أن النجاح الرياضي اليوم يُبنى على العلم والتقنية والتخطيط لمرحلة مستدامة وتحول في طريقة التفكير وانتقال من ثقافة النتائج السريعة إلى ثقافة العمل المنهجي طويل المدى. من يتجول في أروقة المركز يلمس الفرق بين الماضي والمستقبل، أجهزة تحليل أداء، معامل لياقة دقيقة مختبرات تغذية ورياضية علاجية، أنظمة رقمية لمراقبة التطور البدني، كل تفاصيل المكان تقول إن القادسية لا يريد العودة فقط إلى دوري الأضواء بل يريد أن يعود مختلفًا مستعدًا ومسلحًا بالمعرفة والتقنية. ما يلفت النظر أن القادسية لم يتعامل مع المشروع كمجرد واجهة إعلامية، بل كمحرك حقيقي لتغيير الثقافة داخل النادي، من الفئات السنية إلى الفريق الأول، هناك وعي بأن الأداء العالي ليس "برنامجًا تدريبيًا" بل أسلوب حياة يجب أن يسري في كل تفاصيل اليوم الرياضي. لقد تعودنا أن يكون البناء في الأندية شكليًا، مباني جميلة بلا مضمون، لكن القادسية هذه المرة يقدم نموذجًا مختلفًا؛ فهو يربط المنشأة بالمنهج ويجعل من مركز الأداء العالي مشروعًا لتغيير الثقافة الرياضية داخل النادي بدءًا من الفئات السنية وصولًا للفريق الأول. ما يلفت النظر أيضًا أن هذا المشروع يأتي متسقًا مع رؤية السعودية 2030، التي جعلت من التطوير الرياضي هدفًا وطنيًا لا رفاهية، وهنا يبرز وعي إدارة القادسية في قراءة المرحلة واستثمار الدعم الكبير الذي تحظى به الأندية من القيادة الرشيدة ووزارة الرياضة. بصراحة، هذه هي اللغة الجديدة التي يجب أن تتحدث بها أنديتنا السعودية، فالعصر تغيّر والاحتراف لم يعد يقاس بعدد الانتصارات فقط، بل بقدرة المؤسسة على التطوير المستدام وهنا يسجّل القادسية نقطة مضيئة في سجل الأندية الطموحة التي تفكر كما تُفكر الأندية العالمية: علم، بيانات، تخطيط، واستمرارية. مركز الأداء العالي ليس مجرد حدث عابر في سجل النادي، بل هو نقطة تحول في هويته الرياضية، ورسالة تقول إن القادسية قادم ليبقى، لا ليظهر ويختفي. فالمستقبل اليوم لا يُمنح، بل يُصنع، ومنشأة كهذه تصنع المستقبل، القادسية بهذا المشروع لا يعود إلى دوري النخبة فحسب، بل يعود إلى روح القادسية الحقيقية: نادي الفكر، والعمل، والتجديد.. ودمتم سالمين.