الرياضة تجمع جميع الناس، بكل فئاتهم وأطيافهم وأجناسهم، وتلهب مشاعر الحماس والتشجيع والإثارة، نتيجة الهيام والانتماء الشائع فيها، رغم أن الصراع فيها قد يسبب في بعض الأحيان التوتر والشحن بين الجماهير، بسبب العادة التنافسية، وطموحات الانتصار وخرق الكبرياء المتعارف بينهم. الدور الذي يقوم به الإعلام الرياضي ومقدمو البرامج والمعلقون والمراسلون الرياضيون يُعدُّ دوراً رئيساً في حزم وضبط نبرة المقدم والمعلق والمراسل وتلطيف حدته، بتوجيه الرسائل المثالية، ومكافحة الأفكار والمصطلحات الزائغة التي تميل عن المسار. فهم يتحملون مسؤولية عظمى في الإقلال من الاستفزازات والانفلات والشحن الجماهيري، من خلال تحسين السلوك، وترسيخ مفهوم الروح الرياضية، وتقدير المنافس، إذ إنه دور أصيل لتأليف وعي الجماهير، وتعيين سلوكهم، وتوعيتهم بالآراء المعتدلة والمفردات المختارة، التي يجب ألا تنوء عن السياق في النص، نظراً لأن الإعلام يمثل منصة متينة لتقوية القيم الرياضية، إشاعة ثقافة التقدير والوقار المتبادل المبنية على فكرة وأهمية المنافسة الشريفة الذي تجمع أنديتنا الرياضية، لاسيما في البطولات المحلية التي من المفترض أن يكون إحدى غاياتها، بعد المنافسة الكروية، وهو الاجتماع ودمج المواقف، لأن ما يجمعها بعد عشق اللعبة هو أبناء الوطن الواحد، من دون النظر عما تنتهي إليه من نتائج في تلك المواجهات. لكن عندما يتسلم البعض زمام المنابر ويتصدرون الشاشات، فإن الطرح العقلاني المتكئ على ركن الحياد والإنصاف يجب أن يسيطر على أصوات ذلك المنبر وتلك الشاشات، لأنه من أخلاقيات الإعلام الذي عليه مسؤولية في تجنب الميل، ثم البعد كل البعد عن تصرفات وعبارات المشجعين، بل يوجب مخالفة صورة متساوية ومنسجمة مع الرسالة الإعلامية الرامية إلى ترك التعصب وإشعال الكراهية، بسبب شعور المقت والإحباط الذي ينتح لاحقاً ويتزايد على وتيرة سريعة مع الوقت، بسبب تلك الزلَّات التي لم تكن محسوبة التي يتعاطاها البعض بأسلوب خلاف السيناريو والنقاش الإيجابي والحوار الفني، مثلما يركز بطريقة على نحو مُشخصن وفاضح، تتأثر بأنواع من السخرية والازدراء والتأليب والكراهية، وكأنها مناسبة وجدوها للانتقام والنيل من الآخرين. البرامج في استوديوهات التحليل هي تعتبر أيضاً وسيلة للإرشاد والتثقيف ونشر الرسائل المفيدة، إذْ إن المذيع أو المقدم أو المعلق ينبغي أن يكون حلقة وصل بين عناصر اللعبة، فهو من يشكّل الحوار، ويكفل توجيهه على نحو إيجابي ونافع. لهذا، فكما تعزف هذه الطائفة على أسطوانة الأداء وتميز النتائج، ثم تتحكم على وجه الانتقاد والاتهام لمن تريد، فإن التهذيب في الخطاب، وإتقان المفردات، يُعد ركيزة رئيسة في وضوح الفهم والسلوك الكروي، من أجل بناء جيل في قمة الوعي والاستيعاب من الجماهير الرياضية، الذي لن يتأتى ذلك إلا من خلال إعلام مرشد ومتزن، يعمل وفق مثالي وإنصاف. وأجدها هنا فرصة لتقديم الشكر وفائق العرفان لوزارة الإعلام ممثلة بمعالي وزير الإعلام الدكتور سلمان بن يوسف الدوسري على مبادرة "نبض الإعلام" الذي جمع الإعلاميين الرياضيين في حوارٍ يضيء الملاعب بفكرٍ مسؤول، وصوتٍ مهني، في حوارٍ تناول مسؤولية الكلمة ودور الإعلام الرياضي في ترسيخ الوعي والتوازن، بهدف رفع معايير الأداء العلمي والأخلاقي للرياضة بجميع ألعابها لتحقيق الأمنيات بالتمسك في قاعدة أن الوطن حزمة وطنية واحدة. عبدالكريم بن دهام الدهام