انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، أمس الثلاثاء، مع تأثر السوق سلبًا بالمخاوف بشأن فائض المعروض ومخاطر الطلب الناجمة عن التوترات بين الولاياتالمتحدةوالصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم. انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 30 سنتًا، أو 0.49%، لتصل إلى 60.71 دولارًا للبرميل. وانخفض عقد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم نوفمبر، والذي ينتهي يوم الثلاثاء، بمقدار 29 سنتًا، أو 0.5%، ليصل إلى 57.23 دولارًا أمريكيًا. وكان العقد الأكثر نشاطًا لشهر ديسمبر قد انخفض بمقدار 31 سنتًا، أو 0.54%، ليصل إلى 56.71 دولارًا أمريكيًا. انخفضت الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل مايو في جلسة يوم الاثنين، وسط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي نتيجة للتصعيدات الأخيرة في النزاع التجاري بين الولاياتالمتحدةوالصين. تحول كلٌّ من خام غرب تكساس الوسيط وبرنت إلى سوق كونتانجو، حيث تكون أسعار العرض الفوري أقل من أسعار التسليم المتأخر، مما يشير عادة إلى وفرة العرض على المدى القريب وضعف الطلب. انخفضت الأسعار مع مضي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، بمن فيهم روسيا، المعروفين باسم أوبك+، قدما في خططهم لإضافة المزيد من النفط إلى السوق. دفع هذا المحللين إلى توقع فائض في النفط الخام هذا العام والعام المقبل، حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي فائضًا عالميًا يقارب 4 ملايين برميل يوميًا في عام 2026. وقال محللون من شركة هايتونغ للأوراق المالية الصينية في مذكرة يوم الثلاثاء: "يشير استمرار ضعف هيكل الفارق الشهري لخام برنت إلى أن ضغط فائض المعروض في سوق النفط الخام يتجسد تدريجيًا". وأضافوا: "سيؤدي هذا إلى إضعاف توقعات السوق وكبح رغبة المستثمرين في السعي وراء المكاسب، مما يحد من احتمالية انتعاش أسعار النفط". ومن المرجح أن تستمر التوقعات المتشائمة الحالية للنفط حتى عام 2026، حيث توقع محللون في بنك جولدمان ساكس يوم الثلاثاء أن تنخفض أسعار خام برنت إلى 52 دولارًا للبرميل بحلول الربع الأخير من العام المقبل. وعزا محللو جولدمان انخفاض أسعار برنت الأسبوع الماضي إلى مؤشرات "بدأ ظهور فائض عالمي طال انتظاره" في بيانات الأقمار الصناعية لمخزونات النفط العالمية وبيانات المخزون الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وتشير التوقعات إلى ارتفاع محتمل لمخزونات النفط الخام الأمريكية الأسبوع الماضي، وذلك قبل صدور التقارير الأسبوعية من معهد البترول الأمريكي وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. فيما تواصل بوادر التهدئة التجارية بين بكينوواشنطن، الضغط على أسعار النفط، في وقتٍ أخذ المتعاملون في الحسبان تزايد الأدلة على أن الفائض الذي طال انتظاره بدأ بالظهور في السوق. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد أعرب في وقت سابق عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين أكبر مستهلكين للنفط في العالم. غير أن الحماس حيال هذا التطور كان محدودًا، إذ ارتفعت كميات النفط المخزّنة على الناقلات إلى مستوى جديد هو الأعلى حتى الآن، في أحد أوضح المؤشرات على تخمة المعروض في الأسواق. وقال يانغ آن، المحلل في هايتونغ للأوراق المالية: "ما دامت لا توجد أخبار هبوطية جديدة، فمن الطبيعي أن ترتفع أسعار النفط من مستويات ذروة البيع. وفي الوقت الحالي، إذا كانت هناك توقعات بتحسن في المحادثات الاقتصادية والتجارية بين الصينوالولاياتالمتحدة، فإن احتمالية حدوث انتعاش تزداد". بشكل عام، لا يزال السوق يترقب المزيد من مؤشرات زيادة المخزونات. وقال محللو النفط لدى انفيستنق دوت كوم، أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى لها في خمسة أشهر مع تزايد مخاوف فائض المعروض واستقرار التوترات في الشرق الأوسط. انخفضت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية يوم الثلاثاء، لتظل قريبة من أدنى مستوياتها في خمسة أشهر، حيث أدت المخاوف بشأن فائض المعروض الوشيك وضعف الطلب إلى تراجع الثقة في النفط الخام. ويتعرض النفط لضغوط بسبب مخاوف من فائض المعروض وتوقعات ضعيفة للطلب. شهدت أسعار النفط سلسلة خسائر على مدى ثلاثة أسابيع وسط مخاوف متزايدة من فائض وشيك في المعروض خلال الأشهر المقبلة. أظهرت بيانات حركة ناقلات النفط من شركة فورتيكسا للتحليلات أن أكثر من 1.2 مليار برميل من النفط الخام كانت في طريقها إلى الترانزيت هذا الأسبوع، وسط زيادة إنتاج النفط العالمي ومسارات شحن أطول. ويمكن أن يُعزى ارتفاع الإنتاج بشكل كبير إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، الذين واصلوا زيادة الإنتاج هذا العام سعيًا لإنهاء عامين من تخفيضات الإنتاج. كما عززت زيادة صادرات النفط من الأمريكتين - وتحديدًا الولاياتالمتحدة والبرازيل - الإمدادات العالمية، لا سيما مع دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى زيادة إنتاج الطاقة وخفض أسعار النفط. وقال محللون في بنك إيه ان زد، إن التقارير تُظهر تغيرًا في موقف ترامب بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، وإن هناك احتمالًا ضئيلًا لفرض المزيد من القيود الأمريكية على روسيا، مما يُبقي شحنات موسكو النفطية سليمة. في إمدادات النفط، قفزت شحنات النفط البحرية لمستوى قياسي وسط زيادة الإنتاج وطول الرحلات. وبحسب بيانات شركة التحليلات فورتيكسا، فقد بلغ إجمالي النفط الخام والمكثفات وهي شكل خفيف من النفط يُستخرج من حقول الغاز- المنقول على متن الناقلات خلال الأسبوع المنتهي في 17 أكتوبر، نحو 1.24 مليار برميل، مقارنة ب1.22 مليار برميل في الأسبوع السابق، بعد مراجعة الأرقام. ولا تشمل هذه الأرقام النفط المخزَّن على الناقلات الثابتة، والذي يُعرّف بأنه على متن سفن بقيت ساكنة لمدة لا تقل عن سبعة أيام. في أوروبا، أقترب الاتحاد الأوروبي من اتفاق لحظر الغاز الروسي بنهاية 2027، وذلك في إطار مساعي الاتحاد لوقف اعتماده نهائيًا على الطاقة الروسية. اجتمع المسؤولون في لوكسمبورغ يوم الإثنين لاتخاذ موقف موحد تمهيدًا لمزيد من المفاوضات حول مشروع القانون، الذي ينص في مرحلته الأولى على حظر الإمدادات الروسية بموجب العقود القصيرة الأجل بحلول منتصف يونيو، مع استثناء الدول غير الساحلية مثل المجر وسلوفاكيا، على أن يُفرض حظر العقود طويلة الأجل بعد 18 شهرًا. تتعرض أوروبا لضغوط أمريكية متزايدة للإسراع في قطع روابط الطاقة مع موسكو وزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي. وجاء في بيان مشترك حول التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة تعهد بإبرام صفقات طاقة بقيمة 750 مليار دولار بين الجانبين خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. في الجزائر، فازت شركة بتروجيت المصرية بعقد تطوير حقل في الجزائر بمليار دولار، يمثل المرحلة الثانية من حقل "حاسي بئر ركايز" في الجزائر. والشركة التي تُعتبر الذراع الهندسية للهيئة المصرية العامة للبترول في مصر، أعلنت حصولها على إسناد مبدئي لعقد المقاول العام للمشروع، بقيمة 1.087 مليار دولار، عقب اجتيازها لمرحلة التأهيل بعد منافسة مع كبرى الشركات العالمية المتقدمة للمناقصة. وأكد وزير البترول والثروة المعدنية كريم بدوي، أهمية استمرار التوسع الخارجي لشركة بتروجيت، مشيرًا الى أنه يجري العمل على تنفيذ المحور السادس من استراتيجية الوزارة، الهادف إلى تعزيز التعاون الإقليمي مع الدول والشركاء بما يتيح استثمار قدرات شركات القطاع في تنفيذ مشروعات ضخمة خارج مصر وخاصة في الدول العربية والأفريقية. تعمل بتروجيت حاليًا في 14 سوقًا عربية ودولية، وبلغت قيمة تعاقداتها الجديدة حتى مارس الماضي، نحو 112 مليار جنيه مصري (2.32 مليار دولار)، منها نحو 60% خارج مصر، ليصل إجمالي حجم أعمالها الممتد حتى عام 2028 إلى 215 مليار جنيه، (4.46 مليار دولار)، كما حققت صافي ربح يتجاوز 14 مليار جنيه خلال السنة المالية 2024-2025، بحسب بيانات الجمعية العمومية للشركة. في الولاياتالمتحدة، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اتفاقًا مع أستراليا بشأن المعادن الحيوية وعناصر الأرض النادرة، في إطار مساعي الولاياتالمتحدة لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الصينية. وقال ترمب خلال لقائه رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي في البيت الأبيض يوم الإثنين: "نحن نناقش مسألة المعادن الحيوية وعناصر الأرض النادرة، وسنوقّع على اتفاق تم التفاوض عليه خلال 4 أو 5 أشهر". وأضاف: "بعد نحو عام من الآن، سيكون لدينا كم هائل من المعادن الحيوية وعناصر الأرض النادرة، لدرجة أنك لن تعرف ماذا تفعل بها". ووفقًا لما أعلنه ألبانيزي، فإن الاتفاق سيبدأ بتخصيص كل من أمريكاوأستراليا مليار دولار خلال الأشهر الستة المقبلة لمشاريع أولية، تشمل بعض المشاريع في البلدين، إضافة إلى مشروع مشترك مع اليابان. تُعدّ هذه الزيارة الأولى لألبانيزي إلى البيت الأبيض منذ عودة ترمب إلى السلطة، وتأتي في وقت يسعى فيه رئيس الوزراء الأسترالي إلى تعزيز العلاقات مع واشنطن، مستخدمًا ثروات بلاده من المعادن الحيوية كورقة قوة استراتيجية.