رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي للعام الجاري 2025، في إطار زخم نمو لغالبية اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقوده دول مجلس التعاون الخليجي، مدفوعًا بزيادة إنتاج النفط ونشاط قوي في القطاعات غير النفطية، خصوصًا الخدمات. وفي تقريره لشهر أكتوبر 2025، رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 3.2 % في عام 2025، مقارنةً بتوقعات سابقة بلغت 2.8 %، ما يمثل تعديلًا بالزيادة لتقديرات النمو في أكبر اقتصاد عربي بواقع 0.4 نقطة مئوية عن يونيو. وتسارع نمو الاقتصاد السعودي خلال الربع الثاني من العام الجاري، إلى 3.9 % على أساس سنوي، مقابل 3.4 % للربع السابق، بدعم أساسي من تعافي الأنشطة النفطية وتسجيلها أسرع وتيرة نمو في عامين ونصف، ليحافظ بذلك الناتج المحلي الإجمالي للمملكة على سلسلة نمو مستمرة منذ خمسة فصول على التوالي. وعلى الرغم من أن توقعات البنك الدولي للاقتصاد السعودي تظهر تسارع النمو خلال العامين المقبلين إلى 4.3 % و4.4 % على الترتيب، إلا أنها تمثل خفضًا طفيفًا مقارنة مع تقديرات البنك السابقة البالغة 4.5 % لعام 2026، و4.6 % لعام 2027. وذكر البنك أن الزيادة الكبيرة في نمو الاقتصاد السعودي في عام 2025 مقارنةً بعام 2024، ترجع إلى زيادة إنتاج النفط، والنمو القوي للقطاع غير النفطي، خاصة لقطاع الخدمات، متوقعًا تسارع النمو في عامي 2026 و2027. وفي 19 يونيو 2025، قال البنك الدولي إنه من المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي بالسعودية في التعافي بعد انخفاضه إلى 1.3 % في عام 2023، وسيرتفع إلى 2.8 % في عام 2025 وسيبلغ متوسط قدره 4.6 % في 2026-2027. وتتوقع وزارة المالية في الميزانية التقديرية لعام 2026 نمو الناتج المحلي الحقيقي للمملكة بنسبة 4.4 % في عام 2025، فيما توقعت نمو الناتج الحقيقي للمملكة بنسبة 4.6 % في عام 2026. ويرى البنك الدولي، أن الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج الطوعية التي أقرتها "أوبك+" ستؤدي إلى زيادة نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي للمملكة إلى 6.7 % في عام 2026 و6.1 % في عام 2027. وفي الوقت نفسه، يتوقع أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الارتفاع على نحو مطرد بنسبة 3.6 % في المتوسط بين عامي 2025 و2027، حيث تسعى المملكة إلى استكمال تنفيذ برنامج التنويع الاقتصادي في إطار رؤية 2030. ويواصل تحالف "أوبك+" سلسلة إعادة الإمدادات المتوقفة إلى الأسواق، مستهدفًا استعادة حصته السوقية بعد سنوات من خفض المعروض، وفي أحدث تحرك، وافق التحالف الأحد الماضي على زيادة إضافية بإنتاج النفط بمقدار 137 ألف برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر المقبل، في استمرار لعملية إعادة ضخ شريحة جديدة من الإمدادات بإجمالي 1.65 مليون برميل يوميًا. فيما يتعلق باقتصادات منطقة الخليج، رفع البنك الدولي تقديراته لنمو اقتصادها بواقع 0.2 نقطة مئوية إلى 3.5 % في العام الجاري، مشيرًا إلى أن النمو يُتوقع أن يتسارع في جميع دول المنطقة بوجه عام، حيث من المتوقع أن تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من التراجع الطوعي والتدريجي في خفض إنتاج النفط، وكذلك من النمو في القطاع غير النفطي. كما يُتوقع أن تشهد البلدان المستوردة للنفط تحسنًا اقتصاديًا؛ مدفوعًا بزيادة الإنفاق والاستثمارات الخاصة، إضافةً إلى انتعاش القطاعين الزراعي والسياحي. ورفع خبراء اقتصاديون توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي في 2025، لكنهم خفضوا توقعاتهم قليلًا للعامين المقبلين، مرجحين أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي في العام الجاري إلى 4.1 %، مقارنةً بتقديرات سابقة عند 3.8 %، وتعكس هذه الزيادة في التقديرات تفاؤلًا أكبر لدى الخبراء بأداء الاقتصاد السعودي. وبالنسبة للعام المقبل، يتوقع الخبراء أن يواصل الاقتصاد السعودي نموه بنسبة 4.1 % في عام 2026، مقارنةً بتوقعات سابقة كانت تشير إلى نمو بنسبة 4.3 %، أما في عام 2027، فمن المتوقع أن يصل نمو الاقتصاد إلى 3.5 % مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 3.6 %. الاقتصاد غير النفطي أما "بي إم آي" التابعة لشركة فيتش سوليوشنز فترجح أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي السعودي نموًا خلال العام الحالي بنسبة 3.8 %، محددة أهم العوامل التي ستؤدي إلى تسارع اقتصاد المملكة بأنها زيادة الإنتاج النفطي التي ستعزز إيرادات الموازنة العامة للدولة، إصافة إلى النمو المستمر للاقتصاد غير النفطي ضمن "رؤية 2030". وقال صندوق النقد الدولي إن إعادة تقييم السعودية لخطط الإنفاق ضرورة لتحسين كفاءة المالية وتعزيز ثقة الأسواق. وأكد أن المرونة التي تتبناها السلطات السعودية فيما يتعلق بالسياسات العامة، ستجعل المملكة في موقع قوي، على الرغم من العجز المزدوج الذي تعاني منه الميزانية حاليًا، مدعومة في ذلك من الاحتياطيات القوية، والمرونة في صنع السياسات. وأشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بالإجراءات التي أقدمت عليها المملكة بشأن إعادة تقييم خطط الإنفاق، قائلة: "سيؤدي ذلك إلى تحسين كفاءة المالية العامة وزيادة ثقة الأسواق، إنها مسألة ضرورية جدًا في عالمنا المتغير بسرعة". ورفعت السعودية توقعات نمو اقتصادها للعام المقبل إلى 4.6 % بدلًا من 3.5 % في تقديرات سابقة، مدفوعًا بشكلٍ أساسي بالنمو المتوقع للناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، وفقًا للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026. واعتبرت مديرة صندوق النقد الدولي أن إعادة تقييم السعودية لخطط الإنفاق على المشاريع، ضرورية للمالية العامة، وأيضًا لزيادة ثقة أسواق المال بالبلد، لافتة إلى أنه من الواضح جدًا أن الأسواق تكافئ الدول المنضبطة ماليًا. وقال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في سبتمبر الماضي إن المصلحة العامة هي البوصلة العليا التي توجه مسار تنفيذ برامج المملكة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الحكومة مستعدة لإجراء "أي تعديل جذري" أو حتى "إلغاء كامل" لأي برنامج أو مستهدف إذا ثبت أنه لا يخدم هذا الهدف. بحسب تصريحات جورجيفا، فإن الهدف من تحسين كفاءة الإنفاق هو زيادة الرشاقة والقدرة على التكيف من خلال وضع خطط، ثم مراجعتها وإعادة تقييمها، مثلما فعلت السعودية مؤخرًا لضمان المحافظة على قوة مركزها المالي. وأشار ولي العهد في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال مجلس الشورى حينها، إن الحكومة تواصل "تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للإنفاق العام لضمان توجيه الموارد إلى الأولويات الوطنية". وأكد أن المملكة لن تتردد في إعادة هيكلة البرامج والسياسات إذا تبين أن نتائجها لا تنسجم مع ما يحقق أعلى منفعة وطنية، مضيفًا "لن نتردد في إلغاء أو إجراء أي تعديل جذري لأي برنامج أو مستهدف، تبين لنا أن المصلحة العامة تقتضي ذلك". وأوضحت مديرة صندوق النقد الدولي على هامش الاجتماع السنوي المشترك بين وزراء المال والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية لدول الخليج الذي انعقد في الكويت، أنه في ضوء التغيرات السريعة بالاقتصاد العالمي حاليًا، من الضروري تحسين كفاءة الإنفاق وتطوير النظرة إلى طريقة الإنفاق. وأكدت توقعات الصندوق "الإيجابية إلى حد كبير" للاقتصاد السعودي، بدعم من تحسين كفاءة الإنفاق، والتنويع الاقتصادي عبر تعزيز القطاعات غير النفطية في الناتج المحلّي، والتي تحقق نموًا سنويًا بمعدل 4.4 %. ويُتوقع أن تسجل السعودية عجزًا في ميزانيتها للعام المقبل قدره 165 مليار ريال، وفقًا للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026. وتتمسك الحكومة بخططها التوسعية ضمن رؤية 2030 رغم ضغوط الإيرادات، حيث تمّ تسجيل زيادة بمقدار 51 مليار ريال في الإنفاق الفعلي هذا العام مقارنةً بما كان معتمدًا في الميزانية. ولفتت مديرة صندوق النقد الدولي، إلى أن نمو الناتج المحلي للمملكة مدفوع بشكل أساسي بتنويع الاقتصاد، مضيفة "أسعار النفط الآن أقل مما كان متوقعًا قبل عدة سنوات، ما يعني أن عائدات القطاع النفطي دون المتوقع. في الوقت نفسه، يُحسب للقيادة السعودية زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد". بحسب تقرير صادر في أبريل الماضي، بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 51 % في 2024، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق. وقالت جورجيفا: "في الواقع، ما نراه اليوم هو أن القطاعات غير النفطية في السعودية تنمو 4.4 %، في حين أن الجانب النفطي من الاقتصاد يتقلص قليلًا".