يمثل "اليوم العالمي للبريد الذي يصادف 9 أكتوبر من كل عام، الذكرى السنوية لتأسيس الاتحاد البريدي العالمي عام 1874م في العاصمة السويسرية بيرن، ويأتي الاحتفاء به كل عام بهدف توجيه الأنظار للمساهمات التي يقدمها رجال البريد بوصفهم الشبكة التي تربط بين المستخدمين في جميع أنحاء العالم، وجهودهم الدؤوبة لتوصيل الشحنات البريدية مهما كانت الظروف المحيطة، فضلًا عن تأكيد أهمية الخدمات البريدية اللوجستية والتي تعدّ اليوم محورًا مهمًا في ربط الدول، وفي ظل التحولات غير المسبوقة التي يشهدها بلادنا في جميع نواحي الحياة، ومع إطلاق رؤية 2030، تحول البريد السعودي إلى "سبل" وهي الهوية الجديدة للبريد السعودي، وبروح وشكل ورؤية حديثة وجديدة تنسجم مع طبيعة ومقتضيات المرحلة المستقبلية. وتعني "سبل" في اللغة جمع سَبيل وتعني الطريقُ، وبشكل مبسط، تمثل "سبل" طريقاً في مرحلة التحول التي يشهدها البريد السعودي والتي تبرز رؤيتنا كمجموعة وطنية رائدة في تقديم الخدمات اللوجستية والبريدية تُقدم قيمة مضافة لعملائها وتعمل كحلقة الوصل بين المملكة العربية السعودية والعالم، وأصبحت "سبل" رواية تستحق أن تُروى، لما تحمله من إنجازات متميزة لتحقيق إستراتيجيتها مشغلًا وطنيًّا يقدم خدمات بريدية ولوجستية ذات قيمة مضافة تسهم في تعزيز مكانة المملكة كمنصةً عالميةً للخدمات اللوجستية من خلال موقعها الجغرافي الذي يربط بين قارات العالم، والذي يمثِّل مركزًا تجاريًا ومحطة عبور رئيسة، إضافةً إلى تحقيق مستهدفات برنامج الارتقاء بجودة الحياة. نمو وتطوير وتأسَّس البريد السعودي 1926م بأمر من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، بعدها انضم البريد السعودي إلى الاتحاد البريدي العالمي عام 1927م لتقديم الخدمات البريدية في جميع المناطق، ليصبح بهذا التاريخ إحدى أقدم المؤسسات الوطنية على الإطلاق، وفي العام 1927م انضم لعضوية الاتحاد البريدي العالمي، لتستمر مسيرة النمو التي واكبت رحلة التطوير بالمملكة مع طموحات تحلق في عنان السماء، نحو تحقيق أهدافها في قطاع الخدمات البريدية واللوجستية، حيث ترتكز المؤسسة بذلك على استراتيجيتها النوعية وكوادرها البشرية الشغوفة، للمضي قدمًا في استكمال مسار التحول تماشيًا مع تطلعات رؤية 2030، وأصدر البريد السعودي أول طابع باسم المملكة العربية السعودية عام 1934م، وظل البريد السعودي لفترة طويلة جهة حكومية تقليدية تقدم خدمات المراسلات والطرود داخل المملكة وخارجها، وفي 2002م صدر قرار بتحويل البريد إلى "مؤسسة عامة" باسم مؤسسة البريد السعودي، وفي عام 2017م صدر أمر ملكي بتحويله إلى شركة خدمات بريدية ولوجستية تعمل بشكل تجاري، وعام 2021م أطلقت الهوية الجديدة "سُبُل" لتكون واجهتها الحديثة التي تعكس دورها في ربط المملكة بالعالم، وتوسع البريد السعودي من التقليدي إلى الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والشحن السريع، وتم تطوير العنوان الوطني كمنظومة أساسية لتحديد المواقع وربطها بالخدمات الرقمية، وإطلاق شبكة صناديق الذكية لتسهيل الاستلام، وتقديم خدمات إلكترونية متكاملة لتتبع الشحنات وإدارة العناوين والدفع الإلكتروني، واستحواذ "سُبُل" على شركة "ناقل إكسبرس" لتعزيز التوصيل السريع. حزمة مبتكرة وفي عام 2021م، عندما توج "البريد السعودي" مسيرته بتدشين هويته الجديدة باسم "سبل"، انسجم ذلك مع إستراتيجية التحول التي تشهدها المؤسسة تحت مظلة رؤية 2030 لتتواءم مع أحد مكامن قوة المملكة كمركز ربط لقارات العالم، عبر فروعها ومكاتبها المنتشرة، ومن خلال تقديم حزمة مبتكرة من الخدمات البريدية واللوجستية غير التقليدية، وتمكين برامج الحكومة الإلكترونية، وتطبيقات التجارة الإلكترونية بالاستفادة من الشراكات مع القطاعين العام والخاص، فضلًا عن تطوير تعاملات الحكومة الإلكترونية، وتيسير تبادلات التجارة الإلكترونية، طبقًا لأفضل المقاييس العالمية المعتبرة في المجال اللوجستي. عنوان وطني وتعزيزًا لدور الابتكار في الخدمات البريدية واللوجستية، ومن أفضل التجارب نحو التطور نجحت مؤسسة البريد السعودي "سبل" بالتعاون مع وزارة الصحة بالمملكة في تنفيذ تجارب فرضية تمّت في موسم الحج لعام 1444ه لنقل وحدات الدم باستخدام طائرات "الدرونز" في المشاعر المقدّسة، من خلال تطبيق معايير السرعة والأمان للخدمات الإسعافية المقدمة لضيوف الرحمن، ليختصر الوقت من ساعتين إلى دقيقتين، كما قام البريد السعودي "سبل" بتطوير العنوان الوطني ليكون عنوان وطني مختصر ليسهل حفظه لدى المواطنين والمقيمين، وهو "نظام عنونة" تتبعه المملكة العربية السعودية، لتسهيل الاستدلال على عناوين المنازل، والمقرات الحكومية، والمنشآت التجارية، وليكون المرجع الرئيس للعَنْوَنَة في المملكة، كما حاز العنوان الوطني على عدة اعتمادات محلية وعالمية، من خلال اختياره أحد المراجع الدولية لأساليب العنونة في وثيقة المعيار الدولي للعنونة ومطابقا للمعيار الدولي من قبل منظمة الاتحاد البريدي العالمي (UPU) بالإضافة إلى اعتماده من قبل منظمة الآيزو ISO 19160 وهيئة المواصفات والمقاييس السعودية، نظرًا لتميزه بالدقة العالية جدًا في العنونة حيث تصل دقته إلى متر مربع واحد ويغطي 100 % من مباني المملكة، حيث يجمع العنوان الوطني بين تأثير الأعمال وتعزيز تجربة العميل من خلال تبسيط العنوان الذي من شأنه تطوير وتحسين تجربة العميل في منصات التسوق الإلكتروني والخدمات اللوجستية. قدّم حلولاً مبتكرة لإثراء التجارب الرقمية في المجال اللوجستي تقدم ملموس وأحرزت "سُبُل" -البريد السعودي سابقاً- تقدماً ملموساً في استخدام العنوان الوطني وتسهيل وصول الخدمات البريدية واللوجستية، مع بعض الاعتمادات والمكافآت المحلية والعالمية. وقد سهل العنوان الوطني الوصول إلى عنوان معياري وواضح، وأصبح "سُبُل" يطبق العنوان الوطني الذي يتضمن ستة أجزاء رئيسية رقم المبنى، اسم الشارع، الحي، المدينة، الرمز البريدي، الرقم الفرعي، هذا التنسيق القياسي يجعل تحديد الوجهة أسهل وأدق، ما يقلل التأخير في التوصيل، وتم تقديم خدمة "العنوان المختصر"، مثلاً رمز من 4 أحرف و4 أرقام، لتسهيل الحفظ والاستخدام عند التوصيل والتسجيل في الخدمات المختلفة. والتسجيل في العنوان الوطني مجّانًا، وسيكون استخدامه إلزامياً للأفراد والجهات، ولخدمة API للعناوين الوطنية توفر سُبُل واجهة برمجة تطبيقات "API" تمكن الجهات الحكومية والخاصة والمطورين من التحقق من صحة العنوان الوطني واستخدام قاعدة البيانات الجغرافية، مما يساهم في دقة الخدمات وتحسينها، وتتبع وتحسين عمليات التوصيل، ويتم استخدام العنوان الوطني لتوصيل الطرود إلى المنازل، وتقليل خطوات الاستلام اليدوي، وتقليل الحاجة إلى التواصل الشخصي لترتيب التوصيل. أداء متميز وحقق البريد السعودي "سُبُل" تقدماً ملحوظاً على الصعيدين المحلي والدولي في مجال البريد والخدمات اللوجستية، وتحسن ترتيب سُبُل عالميًا، ففي عام 2024، حصل البريد السعودي على المركز السابع عالميًا من بين 185 دولة عضو في الاتحاد البريدي العالمي (UPU)، وذلك تقديرًا لأدائه المتميز في خدمات البريد السريع الدولي، والجوائز والاعتمادات الدولية جائزة TradePost العالمية 2024، وفاز البريد السعودي بهذه الجائزة المرموقة من الاتحاد البريدي العالمي والتحالف العالمي لتيسير التجارة، وذلك عن مشروع "منصة SMEs المدفوعة مسبقًا"، التي تدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحصل على شهادات جودة خدمة العملاء في عام 2019، وحصل البريد السعودي على اعتماد دولي مزدوج تقديرًا لمستوى خدمة العملاء الممتازة. ويُعد البريد السعودي أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق خدمات البريد السريع والتوصيل في المملكة، حيث يُنافس شركات عالمية مثل أرامكس وDHL وFedEx، كما يُعتبر من الشركات الرائدة في قطاع التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية في المملكة، والآن يعد البريد السعودي "سُبُل" من بين أفضل خدمات البريد على مستوى العالم، ويُظهر التزامًا قويًا بالتحسين المستمر وتقديم خدمات عالية الجودة، مما يعكس مكانته البارزة في القطاع. خطى ثابتة وأثمر عمل مؤسسة البريد السعودي "سبل" عن إنجاز مجموعة من المستهدفات الطموحة، والتي لامس أثرها عملاء المؤسسة بشكل مباشر وغير مباشر على صعيد جميع خدماتها المقدمة، منها الاستحواذ الكامل على شركة ناقل إكسبريس، ويشكل هذا الاستحواذ تحركًا بخطى ثابتة وسريعة في تقديم تجربة مميزة وتطوير منتجات وخدمات إضافية تصب قيمتها في رفع جودة التجربة المقدمة للمستفيد، كما أن هذا الاستحواذ يعزز من فرص الاستثمار في القطاع اللوجيستي الذي يعد أحد أهم القطاعات التي تمثل امتدادًا للكثير من الأعمال التجارية في الأسواق المحلية والعالمية، كما أسست "سبل" شركة للخدمات الرقمية لتعمل ذراعًا تقنيًّا لإحداث نقلة نوعية في تحول القطاع اللوجستي، وخلق حلول مبتكرة تسهم في إثراء التجارب الرقمية والتقنية في المجال اللوجستي، وتعد "سبل" من أفضل 50 مشغلًا بريديًا حول العالم عبر التركيز على تطوير الخدمات البريدية المحلية، وتحسين مؤشرات الأداء، وابتكار خدمات جديدة. كيان وطني ورحلة البريد السعودي منذ 1926 حتى 2025 تُبرز قصة تحول من مؤسسة حكومية تقليدية إلى كيان وطني لوجستي متكامل باسم "سُبُل"، وهذا التحول لم يكن مجرد تغيير اسم، بل نقلة نوعية في الخدمات، التقنية، والهوية، ليواكب مستهدفات رؤية السعودية 2030، وتعزيز البنية الرقمية عبر أنظمة GIS للتوزيع والعناوين، وأفرز إطلاق واجهات برمجة APIs للتكامل مع منصات التجارة الإلكترونية، وتطوير تطبيقات التتبع الفوري والأنظمة الذكية لإدارة الطرود، وكذلك التحول التشغيلي بإعادة هيكلة الفروع وشبكات التوزيع لتكون أكثر كفاءة وربحية، والتوسع في خدمات "الميل الأخير" وربط المدن والقرى، ورفع كفاءة الكوادر البشرية بالتدريب والتخصص في قطاع اللوجستيات، والهوية والرؤية المستقبلية ساهمت بالانتقال من "البريد السعودي" إلى "سُبُل"، وهذا التحول يعكس تحولاً شاملاً في الاسم والوظيفة والدور الوطني، وذلك من خلال الرؤية بأن تكون "سُبُل" المشغل الوطني الأول للخدمات البريدية واللوجستية، وداعم رئيسي لمكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، والمساهمة في التجارة الإلكترونية والحكومة الرقمية وتعزيز المحتوى المحلي تجارة وشحن وتوسّعت خدمات "سبل" لتشمل ما هو أبعد من البريد التقليدي، فدخلت في مجالات التوصيل العاجل (CEP Courier, Express, Parcel)، والتجارة الإلكترونية، والشحن، والتعاون مع الجهات الحكومية في نقل الوثائق والمراسلات الرسمية، وأصبحت الرقمنة محورًا أساسيًا، من خلال تقديم خدمات العنوان الوطني للتجارة الإلكترونية، والتتبع الإلكتروني للشحنات، وإدارة المراسلات عبر المنصات الرقمية، ومن المبادرات الحديثة هذا العام 2025 وقّعت "سبل" اتفاقيات مع أربعة مصانع وطنية ضمن برنامج "صُنع في السعودية" لإنتاج المجلدات، والطرود، والملصقات محليًا بمعايير دولية، ما يبيّن اتجاهها نحو تعزيز المحتوى المحلي في سلسلة الإمداد، وفي الوضع الراهن أصبحت "سبل" تُدار كمؤسسة بريدية ولوجستية حديثة، وهي تسعى لأن تكون الجهة الوطنية الرائدة في الخدمات اللوجستية والبريدية، تربط المملكة بالعالم وتدعم التجارة الرقمية والربط الحكومي، فلديها شبكة فروع منتشرة، وتستخدم أدوات حديثة في التوصيل والتتبع، وتقدّم خدمات موجهة للأفراد، الشركات، والجهات الحكومية عبر حلول مخصصة. تصنيع محلي وتُركّز "سبل" على تعزيز التصنيع المحلي وربطه بسلاسل التوريد واللوجستيات، وهو ما ينسجم مع أهداف رؤية 2030 في تنويع الاقتصاد وتقوية المحتوى المحلي، وتسعى "سبل" لأن تكون العنصر الأساسي اللوجستي الذي يدعم التجارة الإلكترونية والبنية الرقمية للمملكة، بحيث تغطي خدماتها نطاقًا واسعًا من البريد والتوصيل والشحن الداخلي والدولي، ومن استراتيجياتها تمكين التحول الرقمي، الاستفادة من البيانات والمعلومات الجغرافية، وتحسين تجربة العميل، وتوسيع الشراكات مع القطاعين العام والخاص، كما أن الدعم لتصنيع الوسائط البريدية محليًا يُعبّر عن توجه لتعزيز الاستدامة والاعتماد المحلي وتقليل الاستيراد في خدمات البريد، والتحدي الأهم هو الحفاظ على التوازن بين تغطية المناطق النائية وضغط التكلفة التشغيلية، وكذلك المنافسة مع شركات خاصة سريعة النمو في مجال التوصيل، وإذا نجحت سبل في تنفيذ استراتيجياتها، فإنها قد تلعب دورًا بارزًا في جعل المملكة محورًا لوجستيًا إقليميًا وعالميًا، خصوصًا في ظل البعد الجغرافي والبنية التحتية المتطوّرة في المملكة. بدايات ساعي البريد