أتساءل بين الحين والآخر عن الإضافة التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي للمجتمعات البشرية، إذا ما كان سيعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها الاختراعات الأخرى التي تلبي احتياجات الإنسان بسرعة فائقة، مثل الروبوتات المؤتمتة والتطبيقات المعدّة مسبقاً لخدمة البشر! فكلّنا نعلم أن منتجات الذكاء الاصطناعي باختلاف أنواعها هي من إنتاج البشر، وقد تمت صناعة تلك المنتجات بطريقة تحاكي الذكاء البشري، بل تتجاوزه بمراحل، ولكن علينا عند استخدامنا لتلك المنتجات فائقة الذكاء أن نتيقن بأن اعتمادنا عليها بشكل كبير قد يضعف من قدراتنا العقلية، وقد يتسبب أيضاً في ظهور أساليب جديدة من الحياة المترفة، التي تعتمد بنسبة كبيرة على الثورة التقنية، وهذا بطبيعة الحال أمرٌ مخالفٌ للهدف الذي أوجدت من أجله التقنية وسعى له الإنسان؛ وهو إيجاد الحلول بطرق حديثة، إلا أننا بتنا نشاهد عدداً من المشاكل والمعضلات الجديدة، التي تتطلب جهوداً مماثلة لمواجهتها، ومن أبرز المشاكل التي يتم التطرق لها بين الحين والآخر هي مشكلة زيادة نسب البطالة، وذلك عندما تحل الآلات والتطبيقات الحديثة محل الموظفين، فيصبح الاعتماد عليها بشكل كبير، ويتم الاستغناء عن العنصر البشري في تنفيذ تلك المهام. وجديرٌ بالذكر أنه ما من اختراع عظيم في العالم إلا وله جانب مظلم، وإن كان ذلك الجانب لم يتبادر إلى ذهن المخترع العبقري الذي قام بصناعته أو تصميمه عند إطلاق فكرته والعمل عليها، تماماً كما يحدث عند صناعة الأسلحة التي كان الهدف من صناعتها حماية البشر، لكنها أصبحت تستخدم فيما بعد لقتل البشر، والاتجار بها في الحروب بغض النظر عن مصير الإنسان الذي ستستخدم لقتله! وهناك أمرٌ آخر تجدر الإشارة إليه عند حديثنا عن الذكاء الاصطناعي، وعن عموم المنتجات التي يستخدمها الإنسان سعياً للوصول إلى نتائج محددة، مثل استخدام محركات البحث، فهذه المنتجات الذكية يجب ألّا نسلًم بصحة مخرجاتها بشكل كبير، وإن فعلنا ذلك وسلّمنا بصحة مخرجاتها فعندها نكون قد تنازلنا عن وظيفة العقل، واستسلمنا لجهد الآلة، فهي قد تظهر لنا نتائج غير النتائج التي نرجوها، وقد تفهم تلك المحركات مدخلاتنا بطريقة خاطئة، فعلينا أن نعود حينها إلى استخدام الذكاء البشري عن طريق عقولنا؛ لتصفية النتائج ومقارنتها مع بعضها، والبحث بطرق مختلفة وصحيحة توصلنا إلى النتائج المطلوبة. وللدلالة على عدم دقة المعلومات التي نحصل عليها من خلال استخدامنا لمنتجات الذكاء الاصطناعي؛ فقد قمت أثناء كتابة هذا المقال بالبحث في بعض برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي عن مؤسس الذكاء الاصطناعي وخرجت بعدة نتائج، حيث ذكر البعض منها أن العالم الأمريكي جون مكارثي هو من أطلق مصطلح الذكاء الاصطناعي في عام 1956م، وذكرت بعض النتائج أنه أحد رواد هذا المجال فقط، وهناك مؤسسون آخرون تم ذكرهم في مواقع أخرى، فهنا تصبح المعلومة عائمةً حتى يقوم العقل البشري والذكاء الإنساني بالبحث والتقصي حتى يصل إلى المعلومة المؤكدة. وعلينا كمنتسبين لقطاع الإعلام أن ندرك أهمية هذا المنتج وخطورته، عند تعاملنا مع المعلومات التي تصلنا أو التي نبحث عنها، فكما عانت وسائل الإعلام التقليدية سابقاً من الأخبار المزيفة، ستعاني وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي من الاستخدام السلبي للذكاء الاصطناعي وتوظيفه لأهدافٍ رخيصة.