في واحدة من أبرز المواجهات الكروية العربية هذا الأسبوع، قدم نادي النصر متعة فنية استثنائية بتغلبه على نظيره الاتحاد بهدفين نظيفين في الكلاسيكو السعودي الذي جمعهما مساء الجمعة على ملعب الإنماء في جدة، ضمن الجولة الرابعة من دوري روشن للمحترفين، جاءت المباراة التي جمعت المتصدر ووصيفه، واللذين يمتلكان نفس الرصيد النقطي قبل الصافرة، لتؤكد تفوق العالمي مؤقتاً وتعزز تطلعاته نحو اللقب هذا الموسم. أدار النصر ظهره لتعقيدات المنافسة وضغوطها، ليفرض سيطرته الهجومية على مجريات اللقاء منذ الدقائق الأولى، في أداء جمع بين القوة البدنية والدقة التكتيكية. * الهدف الأول (الدقيقة 9): لم يكن الحضور النصراوي مجرد استعراض قوة، بل تحول إلى أهداف ملموسة مبكراً، ساديو ماني كان صاحب البصمة الأولى، حيث سجل هدف التقدم بتسديدة رائعة بقدمه اليسرى، مستغلاً عرضية دقيقة من زميله الفرنسي كينغسلي كومان، لتهز شباك حارس الاتحاد مارسيلو رايكوفيتش. * الهدف الثاني (الدقيقة 35): أكد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو تفوق فريقه بإضافة الهدف الثاني من ضربة رأسية قوية، بعد متابعته لعرضية أخرى قدمها ماني نفسه، ليضع الفريق في موقع مريح قبل نهاية الشوط الأول. لم يكن الفوز ثمرة للأفراد فقط، بل جاء نتاج أداء جماعي متكامل. خط الوسط بقيادة مارسيلو بروزوفيتش وأيمن يحيى سيطر على قلب الملعب، بينما قدم خط الدفاع بدوره أداءً صلباً حمى مرمى الحارس بيدرو فيلي بينتو من تهديدات هجوم الاتحاد الذي يضم كريمة بنزيما، الأبرز كانت الروح القتالية التي ظهر بها لاعبو النصر، حيث تنقلوا بين الخطوط بسلاسة وضغطوا على حاملي الكرة في جميع أجزاء الملعب، مما عطل بناء الهجمات لدى الفريق الضيف. بدا الاتحاد، حامل لقب الدوري العام الماضي، تحت وطأة ضغط المنافسة وربما ثقل العنوان، غاب التألق الهجومي الذي عرف به، حيث تم تعطيل خدمات بنزيما وموسى ديابي إلى حد كبير بفضل اليقظة الدفاعية لقلبي دفاع النصر، سيميكال وأوتامندي، محاولات محور الوسط بقيادة إنغولو كانتي وحسام عوار للعبور لم تنجح في اختراق الحاجز الدفاعي للنصر بشكل مؤثر، مما جعل مرمى بينتو يشهد تهديدات محدودة طوال المقابلة. هذا الفوز لا يعني مجرد حصد 3 نقاط فحسب، بل يحمل دلالات نفسية وتنافسية كبيرة: * احتلال الصدارة المنفردة: يسمح هذا الفوز للنصر باحتلال صدارة الدوري منفرداً برصيد 12 نقطة، متقدماً على الاتحاد بفارق 3 نقاط، في رسالة قوية لجميع المنافسين على اللقب. * تعزيز الثقة النفسية: الانتصار خارج الديار على منافس مباشر وبلقب "بطل الدوري العام الماضي" يعزز الثقة النفسية للاعبين والجهاز الفني، ويؤكد أن الفريق يسير على الطريق الصحيح في مساره لتعويض غياب الألقاب الموسم الماضي. * تفوق في سجل المواجهات: يعزز النصر من سيطرته الإحصائية في المواجهات المباشرة، حيث أصبح عدد انتصاره في مواجهات الدوري ضد الاتحاد إلى 14 فوزاً، مقابل 12 للاتحاد، وتعادل الفريقان في 9 مناسبات. بعد هذه النتيجة، يرسل النصر رسالة واضحة إلى جميع الأندية بأنه مرشح قوي للقب الدوري هذا الموسم، الفريق لم يعد يعتمد فقط على براعة أبراج نجميه رونالدو وماني، بل يمتلك عمقاً جماعياً وتوازناً بين الخطوط يجعل منه كتلة صلبة يصعب اختراقها، بينما يدخل الاتحاد في مرحلة مراجعة ذاتية، خاصة في القطاع الهجومي، لاستعادة توازنه والعودة إلى مسار المنافسة في وقت مبكر من الموسم. هذا الأداء القوي للنصر، خاصة في المواجهات الكبيرة، يضع جماهيره وحتى المحايدين أمام تساؤل مشروع: هل نشهد بداية عهد النصر بقيادة ثنائية رونالدو وماني لبطولة هذا الموسم؟ الإجابة ستكشفها الجولات المقبلة. د. طلال الحربي