يُعد إطلاق الهوية السياحية (روح المدينة) خطوة محورية تُظهر كيف يمكن للمدن أن تحافظ على هويتها التاريخية، مع مواكبة تطلعات الحاضر والمستقبل، وهي عبارة عن رؤية متكاملة تسهم في بناء مدينة تنبض بالحياة، وتُلهم سكانها وزوارها، كما أنها انعكاس لرؤية القيادة الرشيدة التي تُدرك أن العمق الثقافي والروحي للمدينة المنورة كنز لا ينضب.. في مسيرة التاريخ، هناك مدن لا تُختزل في خرائط أو معالم، بل تنبض بقيم ومعانٍ تلامس الوجدان، وتُعبر عن روح الأمة وهويتها، وهنا تبرز المدينةالمنورة، بقيمتها الروحية والتراثية، فهي أرضٌ تجمع بين قداسة المكان وعمق التاريخ. ومع إطلاق هويتها السياحية (روح المدينة)، فإنها تُعيد تقديم نفسها للعالم، وتُبرز معالمها الدينية والثقافية برؤية حديثة مُتجددة، تُلهم الأجيال القادمة وتدفع نحو مستقبل مشرق، وتحمل إرثها العريق إلى أفق المستقبل. لم تكن المدينةالمنورة يومًا وجهة عادية؛ لكونها رمزا عالميا للسلام والإيمان، تجمع بين كونها ثاني أقدس بقعة على وجه الأرض ومركزًا حضاريًا له إرثه التاريخي والثقافي، لذا تأتي الهوية السياحية (روح المدينة) اليوم كإطار يجمع بين القيم الدينية العريقة وروح العصر الحديث، لتُقدم طيبة الطيبة نفسها لسكان المعمورة بأسلوب يتجاوز الصور النمطية التقليدية. ما استخلصه من فهم أبعاده الهوية السياحية، أنها لم تأتِ من أجل إبراز معالمها الشهيرة كالمسجد النبوي الشريف ومسجد قباء، بل هي دعوة لاكتشاف روح المدينة من خلال تجارب تُظهر تنوعها الثقافي، مثل الحرف اليدوية، والأسواق التراثية، والمأكولات المحلية التي تعكس قصص سكانها. وفي خضم هذا التطور، لا تُركز الهوية السياحية على الماضي فقط، بل تفتح أبواب المستقبل للأجيال القادمة، وتُشجع على استدامة الإرث الثقافي والديني، بل وتعزز من ارتباط الشباب بمدينتهم عبر رؤية تحتفي بالتاريخ دون أن تُغفل العصر الحديث، وهي مساحة ستُتاح من خلالها الفرص للأجيال الشابة للمساهمة في استثمار هذا التراث بطرق مبتكرة، سواًء عبر المشاركة في تطوير التجارب السياحية أو استحداث مشاريع تعزز من مكانتها العالمية. إحدى أبرز ملامح الهوية السياحية، هو قدرتها على دمج الماضي مع الحاضر، فعلى سبيل المثال، ستتم إعادة تقديم المواقع السياحية بحلة حديثة تجعلها وجهة للتأمل والسكينة، وفي الوقت نفسه تُسهم في إثراء التجربة الثقافية للزوار من خلال مراكز معلومات ذكية، وتطبيقات تفاعلية، وفعاليات تُسلط الضوء على التراث المحلي. بالنسبة لي، يظل المُرتكز الأهم للهوية السياحية، هو تفعيل تسويق المدينةالمنورة كوجهة للثقافة الإسلامية والفنون، عبر متاحفها وأسواقها التراثية، مما يُبرز التوازن بين تاريخها ودورها الحديث كمركز إقليمي للثقافة والسياحة المستدامة. من الجيد اليوم، رفع مستوى الوعي بشأن الهوية السياحية، وعدم حصر أهميتها على الجانبين الثقافي والديني؛ لأنها تُشكل حافزًا قويًا للتنمية الاقتصادية، فعبر المشاريع الكُبرى مثل "رؤى المدينة" و"جادة العالم الإسلامي" وغيرها، تُصبح هذه المدينة الطيبة محورًا للاستثمار السياحي، مما يُسهم في تنشيط القطاعات المرتبطة بالقطاع كالفندقة، والنقل، والتجزئة، مع توفير فرص عمل جديدة ودفع عجلة الاقتصاد المحلي. ومع رؤية السعودية 2030، تُمثل الهوية السياحية (روح المدينة) دعوة مفتوحة للمستثمرين المحليين والعالميين للاستفادة من المقومات الطبيعية والثقافية للمدينة، مما يجعلها نموذجًا يحتذى به في التنمية المستدامة. يمكنني القول: إن المدينةالمنورة ليست فقط مكانًا يزوره الناس، بل تجربة يعيشها كل من تطأ قدمه أرضها الطيبة، ومن المفرح أن (روح المدينة) ستقدمها كمركز عالمي للتواصل الإنساني، يلتقي فيها الزوار من مختلف الثقافات تحت مظلة القيم الإسلامية، وهي بذلك تُبرز رسالتها الإنسانية في التعايش والسلام، وبجعلها نقطة جذب للباحثين عن تجربة تجمع بين القيم الروحية والابتكار الحديث. ختامًا، يُعد إطلاق الهوية السياحية (روح المدينة) خطوة محورية تُظهر كيف يمكن للمدن أن تحافظ على هويتها التاريخية، مع مواكبة تطلعات الحاضر والمستقبل، وهي عبارة عن رؤية متكاملة تسهم في بناء مدينة تنبض بالحياة، وتُلهم سكانها وزوارها، كما أنها انعكاس لرؤية القيادة الرشيدة التي تُدرك أن العمق الثقافي والروحي للمدينة المنورة كنز لا ينضب، يُسهم في وضعها ضمن مصاف الوجهات العالمية.. دمتم بخير.