البيان الختامي لمجلس التعاون يرسم معادلة الأمن الخليجي في مشهد سياسي استثنائي، احتضنت العاصمة القطريةالدوحة القمة العربية الإسلامية الطارئة، التي عُقدت بمشاركة واسعة من قادة الدول العربية والإسلامية، للبحث في تداعيات الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية، وما يمثله من انتهاك صارخ للقوانين الدولية والمواثيق الأممية. القمة جاءت في توقيت حساس تمر به المنطقة، حيث تتقاطع الأزمات السياسية والأمنية مع مساعي الدول العربية والإسلامية لحماية استقرارها وصون أمنها القومي. وقد أجمع القادة المجتمعون على أن الاعتداء الإسرائيلي الأخير لم يكن موجهاً ضد قطر وحدها، بل ضد منظومة الأمن الجماعي العربي والإسلامي، مؤكدين أن أي مساس بدولة عربية أو إسلامية هو مساس بكيان الأمة بأسرها، وهو ما يستوجب موقفاً جماعياً رادعاً يترجم إلى خطوات عملية على الأرض. تضامن شامل مع قطر أحد أبرز مخرجات القمة تمثل في إجماع القادة على التضامن الكامل مع قطر، ودعمها في جميع الإجراءات التي تتخذها لحماية سيادتها واستقرارها. وشدد البيان الختامي للقمة الطارئة على أن أي اعتداء على دولة عربية أو إسلامية يشكل اعتداءً على الأمن الجماعي للأمة، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في ردع إسرائيل ووقف انتهاكاتها المستمرة. كما شدد القادة على أن العالم الإسلامي والعربي يقف صفاً واحداً في مواجهة السياسات الإسرائيلية القائمة على الاستيطان والتهجير القسري والاعتداءات على المدنيين، معتبرين أن هذه الممارسات تمثل تهديداً مباشراً للأمن والسلم الدوليين. دعوة المجتمع الدولي للتحرك ووجهت القمة رسالة واضحة إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن، داعيةً إياهم إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم، واتخاذ خطوات عملية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة. كما حذرت من أن استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الاعتداءات يضعف من هيبة القانون الدولي، ويشجع إسرائيل على المضي قدماً في سياساتها العدوانية. تعزيز التضامن العربي والإسلامي من أبرز رسائل القمة التأكيد على أن الأمن العربي والإسلامي كل لا يتجزأ وأن المرحلة الراهنة تتطلب تنسيقاً أوثق بين الدول الأعضاء في القمم العربية والإسلامية، من خلال تبادل المعلومات الأمنية، وتوحيد المواقف الدبلوماسية، وتنسيق الجهود في المحافل الدولية. وقد شدد القادة على أهمية الاستفادة من ثقل الدول الإسلامية والعربية في المجتمع الدولي، بما يتيح حشد مواقف داعمة أكثر قوة، ويعزز من فرص فرض حلول سياسية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، باعتبارها جوهر الصراع في المنطقة. وأشاد القادة بالجهود التي بذلتها قطر في التعامل مع تداعيات الاعتداء الإسرائيلي، سواء على المستوى الأمني الداخلي أو في إطار وساطاتها الدبلوماسية المتعلقة بقطاع غزة. وأكدوا أن استهداف قطر لم يكن مجرد عمل عسكري عابر، بل محاولة لإجهاض مساعيها كوسيط إقليمي ودولي موثوق، الأمر الذي يستوجب دعماً عربياً وإسلامياً مضاعفاً لاستمرار هذا الدور. القمة الاستثنائية لقادة مجلس التعاون كذلك، جاءت القمة الاستثنائية لقادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في لحظة فارقة، حيث شهدت أروقة القمة مواقف حاسمة، تصدرتها المملكة العربية السعودية في دعمها الواضح والصريح لدولة قطر إثر الاعتداء الذي استهدف سيادتها وأمنها. فقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في اتصال هاتفي مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، تضامن المملكة الكامل مع الدوحة، مشددًا على أن "أمن قطر هو جزء لا يتجزأ من أمن السعودية والخليج". هذا الموقف لم يكن مجرد مجاملة سياسية، بل جاء كترجمة حقيقية لنهج المملكة الثابت في الوقوف بجانب أشقائها، وترسيخ مفهوم الأمن الجماعي الخليجي الذي وضعته القيادة السعودية في صدارة أولوياتها منذ تأسيس المجلس قبل أكثر من أربعة عقود. عرض سعودي مفتوح لدعم قطر وفي خطوة عملية تعكس قوة الالتزام، عرض ولي العهد السعودي كافة إمكانيات المملكة العسكرية والاقتصادية واللوجستية لمساندة قطر في مواجهة أي تهديد يطال سيادتها أو أمنها. وهو ما اعتُبر من جانب المراقبين رسالة مباشرة إلى الأطراف التي تحاول العبث باستقرار المنطقة، بأن الخليج كتلة واحدة، وأي محاولة لاختراقه ستواجه بجبهة صلبة تقودها الرياض. كما حمل هذا الموقف السعودي بُعدًا سياسيًا ورسالة تضامن تتجاوز حدود الخليج، لتعكس للعالم أن الرياض تقف مع أشقائها في الأوقات الصعبة، وأنها لن تسمح بعزل أي دولة خليجية أو استهدافها بشكل منفرد. السعودية والقيادة الإقليمية المراقبون للشأن الخليجي يرون أن الموقف السعودي الأخير لم يكن مفاجئًا، بل جاء امتدادًا لنهجها في قيادة التوافق الإقليمي. فمنذ قمة العلا التي أعادت اللحمة الخليجية، برزت الرياض كعاصمة القرار، قادرة على جمع الفرقاء وتوجيه البوصلة نحو المصالح العليا. وفي هذه القمة الاستثنائية، لم تكتف المملكة بتأكيد دعمها لقطر، بل بادرت إلى طرح آليات عمل جماعي، مؤكدة أن قوة الخليج في وحدته، وأن أي تردد في مواجهة التحديات قد يُفهم كرسالة ضعف لا تتناسب مع المكانة التي بلغتها المنطقة. إدانة الاعتداء وتأكيد مبدأ الأمن المشترك البيان الختامي للقمة الاستثنائية جاء ليجسد هذا التوجه، حيث دان القادة الخليجيون الاعتداء على السيادة القطرية، معتبرين أنه تجاوز لا يطال الدوحة وحدها بل يستهدف الكيان الخليجي برمته. وأكد البيان أن "أمن قطر هو أمن جماعي، وأن أي مساس به يعد مساسًا بكافة دول المجلس". وقرارات البيان الختامي الخليجي لقادة مجلس التعاون عكس إدراكًا جماعيًا بأن المرحلة المقبلة تتطلب أكثر من بيانات تضامن، بل تحتاج إلى إجراءات ملموسة تعزز ثقة المواطن الخليجي بقدرة المجلس على حماية استقراره. الأبعاد السياسية والدبلوماسية حمل البيان الختامي للقمة رسالة السعودية لقطر أكثر من معنى على المستوى الدولي. فقد وجهت رسالة واضحة إلى القوى الإقليمية والدولية التي تتابع الشأن الخليجي: أن وحدة الصف لم تعد خيارًا بل قدرًا تفرضه التحديات. كما برز في أروقة القمة التأكيد على أن مجلس التعاون ليس كيانًا اقتصاديًا فقط، بل منظومة سياسية وأمنية متماسكة قادرة على اتخاذ قرارات جماعية وحاسمة عند الحاجة. قطر في قلب الاهتمام الخليجي وجدت قطر نفسها في قلب الاهتمام الخليجي، ليس باعتبارها دولة تعرضت لاعتداء فحسب، بل بوصفها شريكًا أساسيًا في صياغة مستقبل المجلس. وقد أكد أمير قطر في كلمته أن بلاده ترى في التضامن الخليجي درعًا واقيًا يحمي الأوطان قبل أن يحمي الحدود. دعم إعلامي وسياسي متكامل ولم يقتصر الدعم على الجانب الرسمي، بل انعكس في الخطاب الإعلامي الخليجي الموحد الذي أبرز وحدة الموقف، وفي الحراك الدبلوماسي الذي شهدته عواصم عربية وإسلامية وعالمية، حيث تحركت وزارات الخارجية الخليجية لشرح أبعاد الموقف وتأكيد أن الاستهداف الذي تعرضت له قطر إنما يستهدف استقرار المنطقة بأسرها. عودة الروح لمجلس التعاون اعتبر كثير من المحللين أن هذه القمة شكلت نقطة تحول، أعادت الروح لمجلس التعاون وأكدت أنه ما يزال قادراً على التكيف مع التحديات. فالبيان الختامي لم يقتصر على إدانة أو عبارات تضامن، بل تضمن خارطة طريق واضحة للعمل المشترك في المجالات الدفاعية والسياسية والاقتصادية. دور السعودية المحوري من أبرز الدلالات التي خرجت بها القمة أن السعودية عادت لتؤكد دورها القيادي الطبيعي، حيث جمعت بين الحزم في الدفاع عن قطر، والحكمة في صياغة الموقف الجماعي، والرؤية الاستراتيجية في ربط الأمن بالاقتصاد والدبلوماسية. نص البيان الختامي لمجلس التعاون الخليجي يذكر أن البيان الختامي صدر عن الدورة الاستثنائية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية المنعقد في الدوحة، وعقد المجلس الأعلى لمجلس برئاسة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، ومشاركة معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي. حيث بحث المجلس الأعلى تداعيات العدوان الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة، والانتهاك السافر لسيادتها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، باستهدافها منشآت سكنية يقيم فيها أعضاء من الوفد المفاوض من المكتب السياسي لحركة حماس، خلال جولة المفاوضات الجارية والوساطة التي تقوم بها دولة قطر للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وأسفر هذا الهجوم عن استشهاد بدر سعد محمد الحميدي الدوسري، أحد عناصر أجهزة الأمن وسقوط ضحايا مدنيين، كما عرض الهجوم حياة المدنيين للخطر في منطقة سكنية تكتظ بالمدارس والبعثات الدبلوماسية ورياض الأطفال، في اعتداء سافر على جهود المجتمع الدولي ومنظماته الدولية، الهادفة لوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار، في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي. وتم التوصل إلى ما يلي: 1. دان المجلس الأعلى بأشد العبارات الاعتداء الإسرائيلي والانتهاك الصارخ لسيادة دولة قطر، مؤكّدًا أن هذا العمل العدواني يمثل تصعيدًا خطيرًا ومرفوضًا، ومخالفةً جسيمة لمبادئ القانون الدولي، وميثاق الأممالمتحدة. 2. أكّد المجلس الأعلى تضامن دول المجلس الكامل مع دولة قطر في جميع الإجراءات التي تتخذها لمواجهة هذا الاعتداء، مشددًا على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ، وأن أي اعتداء على أيٍ منها هو اعتداء عليها جميعًا، وفقًا للنظام الأساسي لمجلس التعاون واتفاقية الدفاع المشترك، واستعداد دول المجلس لتسخير كافة الإمكانيات لدعم دولة قطر الشقيقة وحماية أمنها واستقرارها وسيادتها ضد أيةِ تهديدات. 3. من منطلق ما يؤكد عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون على أن أمن مجلس التعاون كل لا يتجزأ، فقد وجه القادة مجلس الدفاع المشترك في مجلس التعاون بعقد اجتماع عاجل في الدوحة، يسبقه اجتماع للجنة العسكرية العليا، لتقييم الوضع الدفاعي لدول المجلس ومصادر التهديد في ضوء العدوان الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة وتوجيه القيادة العسكرية الموحدة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية. 4. أكد المجلس الأعلى على أن الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر الشقيقة، يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الخليجي المشترك وللسلم والاستقرار الإقليمي. ويرى المجلس أن استمرار هذه السياسات العدوانية يقوّض جهود تحقيق السلام ومستقبل التفاهمات والاتفاقات القائمة مع إسرائيل، لما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة بأسرها. 5. حذّر المجلس الأعلى من أن إمعان إسرائيل في ممارساتها الإجرامية وتجاوزها السافر، لكافة الأعراف والقوانين الدولية، وميثاق الأممالمتحدة، من شأنه أن يقود إلى تداعيات خطيرة، تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ودعا المجلس الأعلى، مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول الفاعلة، لتحمل مسؤولياتهم الكاملة، واتخاذ إجراءات حازمة ورادعة لوقف هذه الانتهاكات، التي أتت على هيبة القانون الدولي، وسلطة مؤسساته الدولية، وهي تمثل سابقة خطيرة لا ينبغي تجاوزها أو أن تمر دون فرض عقوبات دولية رادعة. 6. شدّد المجلس الأعلى على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والتحرك العاجل لردع إسرائيل، ووضع حد لانتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، التي تشكّل تهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة والسلم والاستقرار الدوليين. ودعا جميع الدول والمنظمات الدولية إلى إدانة هذا الاعتداء الآثم واتخاذ إجراءات رادعة، تكفل احترام سيادة دولة قطر وحماية المدنيين مواطنين ومقيمين. 7. أشاد المجلس الأعلى بالجهود التي بذلتها الجهات الأمنية، والدفاع المدني والجهات المختصة في دولة قطر في التعامل الفوري مع الحادث واحتواء تداعياته، وصون سلامة المواطنين والمقيمين. 8. أكد المجلس الأعلى أن هذا الاعتداء يعرقل الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة قطر، ودورها في الوساطة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، مشددًا على أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على العديد من الدول في المنطقة، تشكل عقبة خطيرة أمام الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إحلال الأمن والسلم والاستقرار. 9. شدّد المجلس الأعلى على ضرورة الالتزام بالأسس والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة والتهديد بها. 10. أعرب القادة عن شكرهم وتقديرهم للدول العربية والإسلامية الشقيقة، والدول الصديقة في المجتمع الدولي، التي سارعت إلى إدانة العدوان الإسرائيلي الغاشم وإعلان تضامنها مع دولة قطر، مؤكدين أن هذه المواقف تعكس التزامًا جماعيًا برفض انتهاك سيادة الدول، ودعم الجهود الرامية إلى حماية الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. 11. دعا المجلس الأعلى دول العالم المحبة للسلام، إلى إدانة العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر، ومحاولاتها الرامية إلى تعطيل الجهود الدولية والحلول الدبلوماسية الرامية إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وجرائم الإبادة الجماعية، التي تمارسها في قطاع غزة، من سياسات ممنهجة لتهجير السكان، وتجويع السكان، وتعطيل أعمال المنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية، العاملة في قطاع غزة، وقتل الصحفيين، والطواقم الطبية والإسعافية، وفرق الإنقاذ، والعاملين في المنظمات الإنسانية، وهو ما يتطلب تضافر جميع الجهود الدولية لردع هذه الأعمال الإجرامية.