رحلت أمي الغالية نورة سلطان محمد السلطان عن هذه الدنيا الفانية. رحلت تاركة وراءها قلبًا مثقلًا بالحنين ودمعًا لا يجف. كانت لنا النور في عتمة الأيام، واليد الحانية التي تضمّد جراحنا، والصوت الذي يملأ بيوتنا دفئًا وطمأنينة وراحة وسعادة. كبرنا على عطفها وحنانها وتربّينا على صبرها وتضحياتها لاسيما بعد وفاة والدي الشيخ عبدالرحمن بن صالح -رحمه الله- حملت وحدها عبء الحياة، فكانت لنا الأم والأب، والمربيّة والمعلمة الفاضلة لم تبخل بوقتها ولا بعمرها. بل ضحّت بكل شيء لتزرع فينا القوة والقناعة والعصامية والرضا تغمدها الله بواسع رحمته. كانت أمي الغالية ترى سعادتنا سعادتها، ونجاحنا حياتها، وراحتنا غايتها، وبعد وفاة والدي في عام 1402ه، سخّرت كل وقتها في تربيتنا التربية الحسنة، وتنشئتنا التنشئة الصالحة. ولم يقف هذا الأمر عند هذا الحد، بل كانت تزرع في قلوبنا حب الصلاة وقراءة القرآن ومحبة الآخرين وصلة الأرحام وحب الخير والإحسان وسلامة القلب. ومن قلب الحزن أقول وداعًا أيتها المرأة الصالحة والناصحة التي كانت محبوبة من الجميع. لقد أحبّها الصغير والكبير في نسقنا العائلي حتى في كل حي نسكنه ونغادره. كانت تترك بصمة وسيرة عطرة بين الجيران الذين عرفوها وأحبوها؛ بل إنهم كانوا يتعاملون معها كأنها من عائلتهم. فسبحان من زرع محبتها في قلوب الآخرين. كانت امرأة صالحة ومحبة للخير والبذل والإحسان والعطاء والإيثار. في يوم السبت الموافق 14 / 3 / 1447ه أسلمت روحها الطاهرة إلى بارئها، مطمئنة راضية مرضية بإذن الله تعالى، تاركةً فينا جرحًا غائرًا لا يندمل، لكننا نوقن أن اللقاء الأبدي سيكون أجمل في جنات النعيم اللقاء قادم بكِ يا أمّاه إن شاء الله. قال تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾. سلامٌ عليكِ يا أم الخير والحنان والإحسان على صبرك وتضحياتك، وحنانك الذي لن يُنسى. سلامٌ عليكِ حتى نلقاكِ في دار النعيم حيث لا تعب فيها ولا فراق، حيث يجمعنا الله تحت ظل رحمته الواسعة. وداعًا يا صاحبة الأخلاق والكرامة، وداعًا يا صاحبة القلب الحنون، وداعًا ولنا لقاء معك بإذن الله تعالى في جنة الخلد الذي وعد الله عز وجل بها المتقون. اللهم إن والدتي الغالية (نورة) في جوارك فأكرمها بكرمك، وارحمها برحمتك، فأنت الكريم الرحيم المنان اللطيف. وأخيراً نقول: إن العين تدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا أم الحنان والإحسان لمحزونون. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا العظيم: (إنا لله وإنا إليه راجعون).