الهجوم..نسف لجهود السلام الاعتداء الإسرائيلي على قطر يفتح الباب لإعادة تعريف الاتفاقيات الدولية في قلب المشهد الإقليمي المضطرب، وجّهت العاصمة القطريةالدوحة أنظار العالم إليها، حيث التأمت القمة العربية الإسلامية الطارئة بعد الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية. هذا العدوان لم يُقرأ في سياقه الثنائي فقط، بل مثّل جرس إنذار لمفهوم الأمن الجماعي العربي والإسلامي، وأعاد طرح أسئلة جوهرية حول جدوى معادلات التوازن والردع في الخليج والمنطقة بأسرها. قمة الدوحة الطارئة لم تكن مجرد استجابة لاعتداء عابر، بل محطة فاصلة في تاريخ العمل العربي والإسلامي المشترك، لقد شكّلت لحظة اختبار للإرادة السياسية، ورسالة حاسمة بأن الخليج والعرب والمسلمين لن يقبلوا المساس بسيادتهم، وأن الدفاع عن قطر هو دفاع عن فلسطين، وعن مبدأ الأمن الجماعي الذي لم يعد ترفًا بل ضرورة وجودية لحماية الاستقرار وصيانة السيادة. القمة ليست اجتماعاً بروتوكولياً فحسب، بل جسّدت وعيًا سياسيًا بأن مرحلة جديدة قد بدأت؛ مرحلة الانتقال من ردّ الفعل إلى صناعة الفعل، ومن البيانات التقليدية إلى خطوات عملية ترسم ملامح سياسات إقليمية أكثر صلابة. وحدة الصف الخليجي مع قطر أكد مؤنس المردي، رئيس تحرير صحيفة "البلاد" البحرينية، أن التضامن الخليجي مع قطر لم يكن موقفًا عاطفيًا أو معنويًا، بل خيارًا استراتيجيًا عبّر عن قناعة راسخة بأن أمن قطر جزء لا يتجزأ من أمن الخليج. وأوضح أن سرعة الاستجابة الخليجية شكّلت ركيزة لبلورة موقف عربي وإسلامي أوسع، وحوّلت القمة إلى منصة لإعادة تعريف الأمن الجماعي. وعبر المردي: "إن ما حدث في الدوحة لم يكن دفاعًا عن دولة واحدة، بل عن مبدأ راسخ مفاده أن حماية الأمن والاستقرار لا تتحقق إلا بوحدة الصف والعمل المشترك. وهذا التضامن عكس إرادة سياسية واضحة في جعل الخليج نواة صلبة لتعزيز الأمن العربي والإسلامي، وإبراز قدرة المنطقة على صياغة مواقف موحدة مؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي". رسالة خليجية حاسمة الباحث السياسي د. عايد المناع شدّد على أن الموقف الخليجي الموحد في مواجهة العدوان الإسرائيلي يذكّر بمواقف سابقة في مواجهة أزمات كبرى مثل الغزو العراقي للكويت عام 1990. وأوضح أن هذا التضامن عبّر عنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برسالة واضحة إلى أمير قطر بأن المملكة تقف إلى جانبها بلا حدود. وأشار المناع إلى أن هذا الموقف لا يقتصر أثره على الداخل الخليجي فقط، بل يرسل رسالة إلى العواصم الكبرى، وفي مقدمتها واشنطن، بأن وحدة الصف الخليجي تمثل ثابتًا استراتيجيًا، وأن أي اعتداء على إحدى دول المجلس يُعدّ اعتداءً على الجميع. الاعتداء على قطر نسف لجهود السلام بين وليد جاسم الجاسم، رئيس تحرير صحيفة الرأي الكويتية، أن مستوى الحضور في القمة الطارئة أو الاستثنائية يعكس مدى فداحة الجرم المرتكب من قبل الدولة الصهيونية، ويعكس مستوى التضامن والتكاتف إن كان الخليجي أو الإقليمي أو العربي والإسلامي مع هذه الدولة التي بذلت جهوداً كبيرة على مدى العامين المنصرمين لتحقيق السلام وتحقيق الوساطة المطلوبة بين مختلف الأطراف، ولكن مع الأسف لم ينظر بعين الاعتبار إلى كل هذه الجهود، وتم نسف كل المساعي الإيجابية والمساعي الحميدة وحسن النوايا عبر هذا الاعتداء الإسرائيلي الظالم على دولة قطر، هذا الاعتداء لو سكت عنه المجتمعون ستكون له آثار وخيمة مستقبلاً، سيكون هناك تمادٍ أكثر وأكثر، الضرر سيطال أكثر من دولة بالتأكيد. وأضاف: "النقطة الجوهرية التي أحب أن أركز عليها هي دور الولاياتالمتحدة الأميركية حالياً، واضح أن هذا الصلف والجنون الذي تمارسه إسرائيل بقيادة نتنياهو لا يمكن أن يوقفه أحد مثلما يمكن للإدارة الأميركية أن تفعل، وبالتالي أعتقد أن هذه القمة بكل هذا المستوى العالي الذي يمثل الدول في حضورها يجب أن تركز في رسالتها إلى الطرف الأهم، الرسالة يجب أن تكون إلى واشنطن بأن العطاء له ثمن، وكل ما تأخذه الولاياتالمتحدة من هذه الدول يجب أن يكون له ثمن والتزام الأميركي بالاتفاقيات المبرمة بكل شيء، بكل تاريخ العلاقات الطيبة بين هذه الدول والولاياتالمتحدة، ولكن واضح أن اليوم القرار الأميركي مرتهن بيد تل أبيب، وهذا يجب أن لا يتم السكوت عليه الفترة القادمة". وختم حديثه الجاسم: "هذه القمة أفترض أن رسالتها الأولى المؤثرة يجب أن تكون إلى الولاياتالمتحدة، ومن الممكن أن يكون هناك تلويح بتخفيف التعاون الاقتصادي مع هذه الدولة بإعادة النظر في الكثير من الاتفاقيات التي أبرمت، يجب أن تشعر الولاياتالمتحدة أن الكفة المقابلة لإسرائيل ثقيلة جداً عليها، وبالتالي تشعر بهذه الدول وتهتم بوضع حد ينهي هذا الصلف الإسرائيلي، مثل هذه القمة تواجه حدثاً غير عادي ولهذا يجب أن تكون قراراتها غير اعتيادية". سابقة تهدد استقرار العالم المحلل السياسي العُماني د. أحمد باتميرا اعتبر أن الاعتداء على قطر يشكّل سابقة خطيرة، ليس لأنها استهدفت دولة خليجية فحسب، بل لأنها تهدد بإشعال موجة من الحروب وتقويض الاستقرار الإقليمي والدولي. وأكد باتميرا أن التضامن الخليجي والعربي يجب أن يتجاوز البيانات إلى خطوات عملية، أبرزها وقف التطبيع وقطع العلاقات مع إسرائيل، باعتبار أن حماية قطر هي حماية للأمن العربي بأسره، ورسالة حازمة بأن العرب لن يقبلوا إعادة إنتاج "سايكس بيكو" جديد يخدم المشروع الصهيوني. قمة الدوحة.. محطة مفصلية تعيد رسم ملامح التضامن العربي والإسلامي وبين مبارك آل عاتي –باحث ومحلل سياسي– بقوله: "بكل تأكيد أن القمة العربية الإسلامية المنعقدة في العاصمة القطريةالدوحة بمشاركة وحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تؤكد على قوة التضامن العربي والإسلامي مع الأشقاء في قطر جراء العدوان الإسرائيلي الغادر والسافر على الأراضي وعلى السيادة القطرية، وانعقاد القمة والتئامها في الدوحة يؤكد أيضا على قوة الموقف العربي والإسلامي المتضامن مع قطر، والرافض للعدوان الإسرائيلي، والذي يتوقع أن يصدر بياناً شديد اللهجة يندد بالعدوان الإسرائيلي، ويعيد ويجدد تمسك الدول العربية والإسلامية بنصرة القضية الفلسطينية، وأيضاً التضامن مع دولة قطر، ورفض العدوان الإسرائيلي على أي دولة عربية أو دولة إسلامية، كما أنه سيوحد جهود والخطوات العربية والإسلامية للتحرك بشكل جماعي أمام المنظمات الدولية وأمام المنظمات النظيرة المنظمات العربية والإسلامية، وأمام الدول والعواصم الكبرى، ومن شأن التحرك بشكل جماعي أن يحدث التأثير السياسي في القرارات الدولية لنصرة القضية الفلسطينية، مؤكداً أن قمة الدوحة ستكون قمة مفصلية في تاريخ العمل العربي والإسلامي لصالح نصرة القضية الفلسطينية، ولصالح إعادة ترتيب العلاقات العربية الإسلامية سواء مع الكيان الإسرائيلي أو مع الدول النظيرة، بكل تأكيد إن ما حصل من عدوان إسرائيلي على قطر سيدخل العلاقات الإقليمية إلى مرحلة تقييم جديدة". انتهاك صارخ للقانون الدولي فيما ذكر د. غانم السليماني –إعلامي ومحلل سياسي- أن قمة الدوحة الطارئة شكّلت محطة تاريخية فارقة، فقد وجّهت رسالة بالغة الوضوح بأن العدوان الإسرائيلي على قطر ليس استهدافًا لدولة بعينها، بل هو اعتداء على الأمة العربية والإسلامية بأسرها، وانتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. لقد أثبتت القمة أن الموقف العربي والإسلامي عندما يتوحّد يصبح قوة مؤثرة قادرة على الدفاع عن السيادة وردع العدوان. وأضاف السليماني: "لقد أعادت القمة القضية الفلسطينية إلى قلب الاهتمام الدولي، مؤكدة رفضها القاطع لكل محاولات التهجير والضم والحصار، ومجددة الالتزام بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، إن ما صدر عن الدوحة اليوم ليس مجرد بيان سياسي، بل موقف صلب يضع حدًا لسياسة الإفلات من العقاب، ويؤسس لنهج جديد يقوم على مبدأ الأمن الجماعي العربي والإسلامي، بوصفه ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الراهنة وصيانة الاستقرار الإقليمي". وذكر د. غانم أخيراً أن هذه اللحظة التاريخية تعكس روح التضامن الحقيقي، وتجسد أن الدفاع عن قطر هو دفاع عن مبدأ السيادة، وأن نصرة فلسطين هي عنوان مشترك لوحدة الصف العربي والإسلامي، ورسالة واضحة للعالم بأن زمن التغاضي عن العدوان قد انتهى. تضامن دول مجلس التعاون وأشار الإعلامي محمد الراشد -مدير مكتب قناة RT روسيا اليوم في السعودية- إلى أن تضامن دول مجلس التعاون الخليجي مع دولة قطر في مواجهة الاعتداء الإسرائيلي الأخير لا يمكن اعتباره مجرد موقف سياسي عابر، بل هو انعكاس حقيقي لعمق الشراكة الخليجية وتجسيد عملي لفكرة الأمن الجماعي التي طالما كانت مطلباً عربياً وإسلامياً، فالوحدة التي ظهرت في البيانات الرسمية والمواقف العملية تعكس وعياً خليجياً بأن أي استهداف لسيادة دولة عضو هو استهداف مباشر للمنظومة الخليجية برمتها، بما يحمله ذلك من تهديد للاستقرار الإقليمي. وبين الراشد أن هذا التضامن يكتسب أهميته من كونه يتجاوز حدود الدعم التقليدي ليعبر عن التزام استراتيجي يربط المصير الخليجي بمسار واحد، فالرسالة الواضحة التي صدرت عن دول المجلس مفادها أن الدفاع عن أمن قطر هو دفاع عن أمن السعودية والكويت والإمارات والبحرين وعُمان على حد سواء، وهو ما يرسخ مبدأ أن الاعتداء على دولة خليجية هو اعتداء على الجميع وأن الرد سيكون جماعياً بما يوازي حجم التحديات. وأكد د. الراشد أن هذا الموقف الموحد يعزز مكانة الخليج في النظامين العربي والإسلامي، إذ يقدم نموذجاً عملياً للتنسيق الفعّال ويمنح القمة العربية الإسلامية في الدوحة زخماً أكبر من خلال ربط البعد الخليجي بالبعد العربي والإسلامي الأوسع، فالتكامل بين هذه الدوائر الثلاث يفتح المجال أمام صياغة مقاربة جماعية تضمن الردع السياسي والدبلوماسي وتعزز ثقة الشعوب بقدرة مؤسساتها على مواجهة الأزمات. وخلاصة قوله: "إن ما يميز هذا التضامن أنه لا يتوقف عند رد الفعل الآني بل يؤسس لمرحلة جديدة من العمل الخليجي المشترك، حيث يتحول التحدي إلى فرصة لإعادة بناء مفهوم الأمن الجماعي على أسس أكثر متانة وفاعلية بما يحمي السيادة الوطنية ويصون الاستقرار الإقليمي". التحالفات الدولية.. بين التحدي والتنفيذ الأكاديمية د. سهير بنت سند المهندي، شدّدت على أن نجاح القمة يتوقف على القدرة على تحويل القرارات إلى إجراءات عملية، من خلال التنسيق الأمني والدبلوماسي وتفعيل التحالفات الدولية. وطرحت تساؤلًا جوهريًا: هل تتحول مخرجات القمة إلى واقع يُرضي الشعوب ويضع حدًا للهمجية الإسرائيلية، أم تبقى في إطار الشعارات؟ بناء أسس الأمن الإقليمي وأشارت الإعلامية الإماراتية ندى الرئيسي إلى أن "القمة العربية الإسلامية في الدوحة" تعبير صادق وقوي لتتضامن دول مجلس التعاون الخليجي مع قطر، وتجسيد ملموس لوحدة الموقف الخليجي، وتأكيد على وحدة الصف الخليجي في مواجهة التحديات المشتركة، فعندما تتعرض دولة عضو في المجلس لاعتداء أو تهديد، فإن وقوف بقية الدول الخليجية إلى جانبها يُظهر أن التهديد يُعتبر موجّهًا للجميع، وليس لدولة بعينها. هذا الموقف يعزز من الردع الجماعي ويبعث برسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن المساس بأي عضو هو مساس بالمنظومة كلها. وأضافت الرئيسي أن "التضامن الخليجي يجعل الموقف أكثر تأثيرا على المستوى الإقليمي والدولي. فبدلاً من أن تكون قطر وحدها في مواجهة الاعتداء الإسرائيلي، فإن الموقف الموحد يُضفي قوة سياسية ودبلوماسية مضاعفة، ويزيد من الضغط على الأطراف المعتدية، كما يدفع القوى الدولية إلى أخذ الموقف الخليجي على محمل الجد. وتمثل القمة فرصة لإحياء مبدأ الأمن الجماعي العربي والإسلامي الذي تراجع في العقود الأخيرة، من خلال إرساء مبادئ واضحة بأن أمن دول الخليج، والدول العربية والإسلامية عامة، مترابط. هذا التضامن يفتح الباب لتفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك وتعزيز التنسيق الأمني والعسكري". وتابعت ندى الرئيسي: "كما أنها تشكل فرصة لإعادة بناء الثقة الشعبية في المنظومات الإقليمية، فحين يرى المواطن الخليجي أن دول مجلس التعاون تتحرك كجسد واحد دفاعاً عن دولة شقيقة، يُعزز ذلك الثقة الشعبية في هذه المنظومة ويجدد الإيمان بفاعلية العمل العربي المشترك، وانعقاد القمة في الدوحة –التي تتعرض للاعتداء– فإن ذلك يجعل من التضامن الخليجي ليس رد فعل ظرفي فقط، بل بداية لتحول استراتيجي في الخطاب والمواقف الخليجية والعربية، خاصة إذا تبلور عن القمة موقف جماعي يطالب بوقف الانتهاكات، ويدعو لتحرك دولي، وربما يقدم مبادرات للحماية الإقليمية". وختمت قولها: "إن تضامن دول مجلس التعاون مع قطر في هذه اللحظة الحساسة، ضمن إطار قمة عربية إسلامية، يتجاوز الدعم الرمزي ليكون تحرك جماعي مؤثر يعيد الاعتبار لفكرة الوحدة الخليجية والعربية في مواجهة التحديات، ويعيد بناء أسس الأمن الجماعي من منظور استراتيجي ومتكامل". مؤنس المردي وليد الجاسم د. أحمد باتميرا د. سهير المهندي محمد الراشد مبارك آل عاتي ندى الرئيسي د. غانم السليماني