منذ انطلاق رؤية السعودية 2030 عام 2016م، حققت المملكة إنجازات غير مسبوقة أعادت رسم ملامح اقتصادها ومجتمعها، حتى أصبح من الصعب أن نتخيل شكل حياتنا من دونها. وهنا يطرح السؤال نفسه: ماذا لو لم تولد هذه الرؤية؟ رؤية 2030 لم تكن مجرد خطة تطوير، بل نقطة تحول، أعادت تعريف علاقة المواطن بوطنه، وأطلقت طاقات لم تكن مفعّلة، وقدّمت المملكة بصورة مختلفة للعالم. لنفترض - فقط لوهلة - أن تلك الوثيقة التاريخية التي أُعلنت في عام 2016 لم تصدر. هل كنا اليوم سنشهد ما نراه من تحولات اقتصادية، وثقافية، واجتماعية؟ هل كانت المملكة لتصبح وجهة عالمية للمستثمرين والسياح والمواهب؟ وهل كان أبناؤها ليعيشوا هذه الموجة من التمكين والطموح؟ قبل الرؤية، كان هناك اعتماد شبه كلي على النفط، وكانت قطاعات كالثقافة والترفيه والسياحة لم تكن لتظهر بشكل لافت، لم تكن هناك مؤشرات أداء واضحة، ولا طموحات أدت إلى تصدر المملكة مراتب أولى في مختلف المجالات، أما اليوم، فلدينا مشاريع عالمية، واقتصاد متنوع، وبنية تحتية رقمية، وفرص استثمارية، ورؤية باتت مرجعًا عالميًا في كيفية صناعة التحول اليوم، حين نتجول بين المشاريع الكبرى، ونرى تمكين الشباب والمرأة، ونشهد التطور في الخدمات، والفرص المتنامية في كل قطاع، ندرك أن الرؤية كانت استجابة ذكية لتحديات المستقبل، لا مجرد تحسين للحاضر. رؤية 2030 لم تصنع فقط مشاريع عملاقة، بل أيقظت وعياً، ورسّخت ثقافة جديدة، قوامها الطموح والشفافية والمساءلة والإنجاز. كل ذلك ما كان ليكون لولا الرؤية الطموحة لسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - الذي لم يكتفِ بالتشخيص، بل قدّم الحل، وبنى عليه عملًا واستدامة، جعل من الرؤية ثقافة، ومن الحلم مسارًا عمليًا، ومن التحديات سلّمًا نحو القمة، قدّم فلسفة تنموية جديدة، جعلت من المواطن شريكًا، ومن المؤسسات محركات، ومن الحلم مشروعًا وطنيًا شاملاً. إن رؤية 2030 لا تختصر في مشاريع، بل تتمثل في إحساس جديد بالمستقبل، وبالمسؤولية، وبالدور الذي يؤديه كل فرد منّا في هذا البناء العظيم. لذلك دعونا نُعيد طرح السؤال لا لنخشى ما فات، بل لنُدرك عظمة ما تحقق:"ماذا لو لم تولد رؤية السعودية 2030؟" لندرك أن رؤية السعودية 2030 لم تكن خيارًا عابرًا، بل منعطفًا صنع مستقبلًا مختلفًا، ورسّخ مكانة المملكة بين الأمم.