خمسةٌ وتسعون عامًا مضتْ منذ أنْ وحَّد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- طيّبَ الله ثراه- أرجاء مملكتنا الحبيبة، التي أُسِّسَتْ على جعْل راية التوحيد خفّاقَةً في وطَنٍ مجيد. وما يزال اليوم الوطني يتجدَّد كُلّ عامٍ مُحمَّلاً بهُويَّةِ العِزِّ والفَخار، ويُضيء سماءنا بالأمجاد، وهذا العام تحتفي مملكتنا بيومها الوطني تحت شعار "عزّنا بطبعنا"، وهو شِعارٌ يُعبِّر عَنْ مَجْدٍ مُؤصّل، وعِزٍّ أصيل، وطموح لا يعرف الحدود؛ فطِباعُنا الوطنيّة الأصيلة راسخةٌ في أساليب حياتنا وتعاملاتنا مِنْذ النشأة؛ كَرمًا وجُودًا، وفَزعةً ونجدة، وأصالةً وطيبًا، ورحمةً ومودّة. وعزُّنا التليدُ ليس وليد الصدفة، بل رسّخَهُ الجدود، ورعاه الآباء، وعزَّزَتْهُ مسيرة إصلاحية يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مهندس رؤية المملكة 2030 التي تحوّلت من حُلمٍ مُراوِدٍ إلى واقعٍ نابض، وبرؤية مملكتنا نُعيد صياغة ملامح الوطن في السياسة والاقتصاد والثقافة والبيئة. وعلى صعيد التنمية المستدامة، انطلقت مبادرة السعودية الخضراء لترسم معالم مستقبل بيئي واعد، بزراعة ملايين الأشجار، ومشاريع متكاملة لإعادة التوازن البيئي، وتقليل الانبعاثات الكربونيّة، حتى غدت المملكة أنموذجًا عالميًا في حماية الأرض والإنسان. وفي قلب الرياض، يأتي مشروع حديقة الملك سلمان كأكبر متنزّه حضري في العالم، رمزًا للتلاقي بين الأصالة والمعاصرة. وفي مجال الثقافة والفنون، حجزت المملكة مكانتها بين العواصم العالمية عبر مهرجانات مثل: نور الرياض، الذي يُعدّ أضخم احتفاليّة للفنون الضوئية في العالَم، حيث حطّم الأرقام القياسية وجعل الضوء لغةً للحوار الإنساني، بينما استقبلت ساحات جدة والعُلا معارض عالمية وفعاليات موسيقية ومسرحية، فأصبحت الثقافة جسراً بين المملكة والعالم. أما في تمكين المرأة والشباب، فقد فتحت رؤية 2030 أبواب السماء والأرض معًا؛ فشهدت الأعوام الأخيرة دخول السعوديات عالم الطيران والهندسة وإدارة الأعمال، حتى صرن شريكات فاعلات في بناء المستقبل، وزاد تمكين الشباب في المواقع القيادية. وبفضل إصلاحات بيئة الاستثمار، انطلقت مشاريع ناشئة تحوّلت إلى قصص نجاح ملهمة، لتؤكد أن الاقتصاد السعودي يسير بخطى واثقة نحو تنويع اقتصاديات المملكة، وبناء مجتمع قائم على المعرفة والابتكار. هذه الإنجازات ليست محطاتٍ منفصلة، بل هي حلقات في سلسلة رؤية متكاملة، تُعيد صياغة دور المملكة إقليميًا ودوليًا، وتجعلها شريكًا رئيسًا مؤثِّرًا في صناعة القرار العالمي والمستقبل. ومع كل خطوة يخطوها ولي العهد، يتجلّى الإيمان العميق بأن السعودية ليست مجرد وطن يعيش على ذكرياتِ الماضي، بل أمَّةٌ واعدة تصنع الغد وتمنح العالم دروسًا في العمل والطموح. إننا في اليوم الوطني الخامس والتسعين، نجدِّد العهد والولاء لقيادتنا الحكيمة وشعبنا الأصيل، ونلتقي على كلمة واحدة: وطننا عِزُّنا، ورؤيتنا مستقبلنا. ونرتِّل أناشيد الإنجاز، ونرفع رايات العِزّ، ونُعلي سواعد العَزْمِ، ونكتُبُ صفحاتٍ مزهرة في ملحمة وطَنٍ يزداد بنا فخرًا، ونزداد به رفعةً ومجدًا.