تصلني عبر البريد مثل بقية الزملاء والزميلات النشرة الإعلامية الصادرة عن الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، وبالنظر إلى هذا المنجز من خلال (أداة تحليل المحتوى)، ورؤية (علم الاجتماع الإعلامي)؛ فإن مثل هذه النشرة لا تمر مروراً عابراً، فمن خلال تحليل محتوى النشرة نلاحظ وبوضوح تام القدرة على اختزال المشهد الإعلامي السعودي والإقليمي والعالمي في عناصر دالة وبرمزية مركزة تتوافق مع ما كتب في أعلى يسار صفحة النشرة (360)° في إشارة إلى مشهد كامل؛ وفي هذا دليل على تمكن وإجادة في اختيار أسلوب العرض الفني الأنسب المتوافق مع قواعد كتابة التقارير أو النشرات المنتظمة، وقدرة على وضع مؤشرات كلية تشير إلى تنوع في التناول الإعلامي، ومعلومات عامة يمكن أن نصل إلى تفاصيلها بسهولة عن طريق وسائل صحفية ونوافذ إعلامية عديدة. أما من منطلق علم الاجتماع الإعلامي فيمكن القول: إن مثل هذه الجسور التي تمد بين المؤسسة الإعلامية والمجتمع الإعلامي عن طريق هذه النشرة الاحترافية تحيلنا إلى إحدى أهم النظريات الاجتماعية وهي (النظرية البنائية الوظيفية)، والتي تُعنى بالعلاقات الداخلية المتأزرة ذات البعد التعاضدي والتكاملي، فهيئة تنظيم الإعلام من خلال هذه النشرة حققت عدة أهداف يأتي من أهمها تدعيم مفهوم المجتمع الإعلامي، ونحن نلاحظ أن هناك ما يسمى بأسرة التحرير، وأسرة البرامج، وأسرة الإذاعة، وهكذا...، وهذه المسميات لم تأت مصادفة بل أتت وفق منهجيات تأسيس مستندة إلى رؤى اجتماعية وإعلامية وتنظيمية تجعل ممن ينتسب للإعلام بمختلف أشكاله مجتمعاً يتكون من أسر، مما يعطي هذه العلاقة متانة، ويقوي الصلة بين المجتمع الإعلامي والمؤسسة المرجعية لهذا المجتمع، وهي وزارة الإعلام. ولأن الإعلام واجهة ومرجعية فإن ثقافة الإعلامي واطلاعه على أكبر قدر ممكن من المعارف والعلوم، ومستجدات الحراك الإعلامي والثقافي والاجتماعي؛ يعتبران جزءاً من أجزاء الصورة الذهنية التي ترسخ في خيال المتلقي عن كل ما يتصل بهذا الإعلامي من مرجعية مؤسسية واجتماعية ووطنية، مما يجعل للمعلومة ذات البعد التوثيقي المباشر قيمة متفردة، ويعطي الإعلامي قوة في طرح رؤاه وأفكاره لأنها تستند إلى معلومة موثقة وأرقام مرصودة من مصدرها الأساس. ويمكن أن نعرض بعض الأمثلة على محتوى النشرة، فعدد الكتب المفسوحة، وهو محور يبدو أنه ثابت في كل النشرات يفتح لنا مساحة منهجية لاستخلاص رقم يشكل عينة بحثية تتناسب مع الواقع الكمي لنتمكن من دراستها من حيث المجالات التي تناولتها، والمستوى الإبداعي والفني لمحتواها، ومعرفة المواضيع الأكثر تناولاً والمواضيع التي تحتاج لمزيد من التأليف، وفي محور آخر نجد عرضاً لبعض المقالات المحلية، وكذلك نجد عرضاً لأخبار ذات محتوى إعلامي من مختلف بلدان العالم، وفي أعلى النشرة نجد موضوعاً أساسياً اختير بناء على حدث مهم مثل موسم الحج أو رؤية ترويجية منهجية كما جاء في العرض التوضيحي لخدمة الفسح الذاتي. وأهم ما يمكن أن نؤكد عليه من خلال هذا العرض السريع جداً؛ هو أن النشرة الشهرية التي تصدرها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام تعد لغة تواصلية بليغة وناجعة تتوافق مع رؤية المملكة 2030، وتجعل منتسبي الإعلام على تواصل واطلاع، وتؤكد لهم أنهم يعملون ضمن أسرة إعلامية وطنية واحدة، ومنظومة مؤسسية تجعلهم دائماً في دائرة اهتمامها.