تسعى رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى إحداث تحول اقتصادي شامل يهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. ومن أبرز أهدافها رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 3.8 % إلى 5.7 % من إجمالي الناتج المحلي، وهو المعدل العالمي الذي يعكس قوة وجاذبية البيئة الاستثمارية لأي دولة. ولتحقيق ذلك، تبذل المملكة جهوداً مكثفة تشمل تطوير التشريعات، تعزيز الشفافية، وتوفير بنية تحتية حديثة قادرة على استيعاب التدفقات الاستثمارية الكبرى. لقد وضعت المملكة استراتيجيات واضحة لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية بشكل سنوي، مع العمل على تحسين البيئة الاستثمارية عبر تبسيط الإجراءات، وإتاحة فرص أوسع للمستثمرين من خلال تمكينهم من الملكية الكاملة في قطاعات عديدة، كما ساهمت المشاريع الكبرى مثل نيوم والقدية والمدن الذكية في أن تكون المملكة وجهة استثمارية جاذبة، حيث تجمع هذه المشاريع بين الابتكار والاستدامة، وتوفر بيئة مثالية للشركات العالمية. إضافة إلى ذلك، فإن صندوق الاستثمارات العامة يلعب دوراً رئيسياً في تحفيز الاقتصاد المحلي وتعزيز ثقة المستثمر الأجنبي عبر ضخ استثمارات استراتيجية في قطاعات واعدة. من وجهة نظري، أرى أن هذه الخطوات تعكس جدية المملكة في السير نحو تحقيق هدفها الاستثماري. الاعتماد على بيانات دقيقة ومنهجيات إحصائية متطورة يساعد على قياس التقدم بشفافية، وهو أمر يمنح المستثمر الأجنبي ثقة أكبر في الاقتصاد السعودي. كما أن تبسيط الإجراءات ووضوح التشريعات يمثلان عناصر حيوية لاستقطاب الاستثمارات النوعية. وأرى كذلك أن المشاريع الضخمة تمثل نقطة جذب أساسية، لكن من المهم تنويع مجالات الاستثمار وعدم حصرها في قطاعات محددة فقط. فالاستقرار الاقتصادي المستدام يتحقق من خلال تنوع استثمارات تشمل مجالات التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصحة، والتعليم، وهو ما يضمن استمرار تدفق الاستثمارات حتى في ظل التغيرات العالمية. كما أعتقد أن نجاح المملكة في الوصول إلى النسبة المستهدفة يعتمد بدرجة كبيرة على الاستمرارية في الإصلاحات، سواء عبر تطوير الأنظمة المتعلقة بحماية الملكية الفكرية أو من خلال تخفيف البيروقراطية وتسهيل ممارسة الأعمال. فكلما كان التعامل أسرع وأكثر شفافية، كان المستثمر الأجنبي أكثر استعداداً للدخول في السوق السعودية. وفي الختام فإن رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 5.7 % من إجمالي الناتج المحلي يعد هدفاً استراتيجياً ومؤشراً على مدى انفتاح المملكة على العالم، فالجهود المتكاملة بين تطوير الأنظمة، إطلاق المشاريع الكبرى، ودور الوزارات المختلفة في تعزيز البيئة الاستثمارية تمثل عوامل حاسمة لتحقيق هذا الطموح. ومع استمرار الإصلاحات ورغبة المملكة الجادة في بناء اقتصاد متنوع، فإن تحقيق هذا الهدف ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل هو مسار نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة يتماشى مع رؤية السعودية 2030.