جعل الله للأشجار فوائد عظيمة وكثيرة للإنسان والحيوان والبيئة بشكل عام، فالأشجار توفر الغذاء، وتنقّي الهواء، وتحافظ على التربة، وتوفر الظل والجمال، وتساهم في تنظيم المناخ، بالإضافة إلى فوائدها الاقتصادية والجمالية؛ فجميع الأشجار لها فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية، وتعزيز الصحة النفسية والبدنية، وتوفير موائل للحياة البرية، وحتى تحسين قيمة الممتلكات، أشجار المانغروف هي أشجار وشجيرات دائمة الخضرة تنمو في المناطق الساحلية الاستوائية والمدارية، وتتميز بقدرتها على العيش في المياه المالحة وبجذورها الهوائية القوية التي تساعدها على تثبيت نفسها في التربة الطرية، تتكون أزهارها في نورات محدودة، وتتميز بلونها الأصفر وتوفر موطنًا للعديد من الكائنات الحية وتساهم في حماية البيئة البحرية والساحلية؛ فأشجار المانغروف هي أشجار معمرة تنمو في المياه المالحة الضحلة على طول السواحل، وتعتبر من أهم النظم البيئية الساحلية تُعرف في السعودية بعدة أسماء مثل: "الشورى" و"القندل" و"القرم". تؤدي أشجار المانغروف دورًا بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا بالغ الأهمية، فهي تُشكل موائل حاضنة للحياة البحرية، وتحمي المستوطنات الساحلية من التعرية والعواصف، وتدعم سبل عيش آلاف الأشخاص الذين يعملون في صيد الأسماك واستخدام الموارد على نطاق محدود. ولعل أبرز ما يميز أشجار المانغروف في سياقنا المعاصر هو قدرتها على امتصاص الكربون بكفاءة عالية، إذ تمتلك القدرة على احتجاز كميات من الكربون تفوق بكثير ما تحتجزه العديد من الغابات الأرضية في الهكتار الواحد. لذا، يُعد الحفاظ عليها أمرًا بالغ الأهمية ليس للتنوع البيولوجي فقط، بل أيضًا للتكيف مع تغير المناخ، وتستهدف المملكة العربية السعودية زراعة أكثر من 100 مليون شجرة مانجروف خلال الأعوام القليلة المقبلة في إطار تحقيق أهداف الرؤية 2030، كما أقامت على سواحلها البحرية البحر الأحمر والخليج العربي متنزهات خاصة لأشجار المانغروف، ومنها: المتنزه الوطني للمانجروف في المضايا وفرسان بمنطقة جازان. ويحوي المتنزه مركزًا للزوار، ومرفأ، وألعابًا مائية، وقوارب نزهة، ومواقع غطس، ومواقع لتعليم الصيد بالسنارة لهواة الصيد، وممرات مائية وجسورًا خشبية معلقة للتنقل داخل المتنزه فيما تم تجهيز أكواخ داخل المتنزه للجلوس والمبيت. ومتنزه المانغروف البيئي بالقرب من رأس تنورة على مساحة 63 كم2، ويحمي المتنزه واحدةً من آخر غابات المانغروف الطبيعية في المنطقة الشرقية، ويحتوي على مختبر ميداني فيه الأدوات اللازمة لدراسة غابات المانغروف والتنوع البيولوجي الساحلي. كما جرى بناء ممر خشبي للسماح للزوار بالتنزه في مصب النهر ومشاهدة الغابة والحياة البرية المحلية عن قرب. ويوفر مشتل أشجار المانغروف المجاور مساحةً لرعاية الشتلات، ومنتزه المانغروف في سيهات ويهدف الى التوعية بأهمية غابات "المانغروف" والحفاظ عليها وتنميتها وتعزيز التنوع الأحيائي وتحقيق التوازن البيئي في المناطق الساحلية كما يهدف إلى توفير مناطق حضانة للأسماك والقشريات والرخويات ويعزز الوعي المجتمعي بأهمية حماية البيئة الساحلية ومكافحة التصحر وحماية الموارد الطبيعية والشواطئ، ويوجد مرشدون سياحيون داخل المتنزهات يقدمون معلومات عن أشجار المانغروف وأهميتها الكبيرة في البيئة والاقتصاد وتوفر حماية للسواحل من التآكل والعواصف، وأنها تعتبر موطنًا للعديد من الكائنات الحية، كما يقدمون التوجيه والمعلومات للسياح حول المعالم الطبيعية والأنشطة في المنتزهات والحدائق وتقديم معلومات حول الحياة البرية والنباتات، وضمان سلامة الزوار. وقد احتفت المملكة باليوم العالمي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانغروف السبت 26 يوليو 2025م بفعاليات تثقيفية متنوعة رافقتها حملة تنظيف شاطئ غابات المانغروف حيث نُفذت على شاطئ الغدير بمحافظة القطيف، أحد أبرز المواقع البيئية المتميزة بكثافة أشجار المانغروف. وقد جاءت هذه الفعالية التي تقيمها جمعية أصدقاء البيئة في المنطقة الشرقية بالشراكة مع عدد من الجهات الرسمية والمجتمعية وهي: وزارة البيئة والمياه والزراعة، وبلدية محافظة القطيف، وحرس الحدود، والهلال الأحمر، ونادي الخليج الرياضي، وعدد من الجهات ذات العلاقة. والمجتمع المحلي و100 متطوع ومتطوعة من كافة متطوعي الجهات، وقد عملت جمعية أصدقاء البيئة على مشروع استزراع 100 ألف شجرة مانجروف والتوعية بأهمية هذه الغابات الساحلية من النواحي البيئية والاقتصادية، ودورها في التخفيف من آثار التغير المناخي والاحتباس الحراري، وصولًا إلى سواحل نظيفة خالية من الملوثات، كما احتفت مؤسسة تنمية الغطاء النباتي الأهلية "مروج" باليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانغروف، مستعرضة إنجازها النوعي المتمثل في زراعة أكثر من (2.5) مليون شجرة في مناطق جازان، ومكة المكرمة، والشرقية وتدير "مروج" أحد أكبر مشاتل المانغروف في المملكة، بطاقة إنتاجية تبلغ (2.5) مليون شتلة سنويًا، وبنسبة نجاح تفوق (90 %) في عمليات الزراعة، ويُعد هذا المشتل رافدًا رئيسًا لدعم مشاريع التشجير الساحلية، واستعادة الموائل الطبيعية، وتعزيز التنوع الأحيائي، والإسهام في خفض الانبعاثات الكربونية. بدر بن عبدالكريم السعيد