عندما ذهبت لمحافظة شقراء كانت لدي الرغبة الشديدة في حضور مهرجان فلفل شقراء، وهو في نسخته الخامسة التي تزداد حضوراً وتوسعاً وتطوراً في جميع الجوانب، فهو يجمع بين عرض المنتجات الزراعية المتنوعة والصناعات التحويلية المتعددة للفلفل، الذي أصبح علامة مميزة لشقراء وحدها، ولقد تفاجأت بعدد الحضور الهائل في جميع مواقع ومرافق المهرجان داخل الصالة وخارجها، وتجولت بصعوبة في أجنحته، وهذا يدل على كثرة الإقبال وعدد الزوار. ثم حضرت في اليوم الثاني في وقت كنت أتوقع أن يكون أقل من أمس ولكن العدد كان مماثلاً له، وهذا أمر يسر الجميع، حيث يدل على التنوع في العرض وطرح المنتجات الأخرى التي تكون حاضرة لهذا الحدث وتتناسب مع احتياجات الحضور بمختلف أعمارهم وفئاتهم؛ فهناك أسر منتجة، وهناك مبيعات للعسل والصناعات اليدوية والمنتجات التحويلية، وهناك أركان وأجنحة لمشاركة بعض دول الخليج وبعض مناطق المملكة المختلفة بتنوع ثقافاتها. وكان لحضور الأسر والعوائل الجانب المهم الذي يندرج تحت ما يسمى بالبرنامج السياحي، بحيث يتجول الجميع في جميع أرجاء المهرجان وكأنهم قد سافروا إلى هذه المدن وشاهدوها بأعينهم، إضافة إلى تنظيم البرامج الترفيهية ومسرح للطفل، وبرامج متنوعة من المسابقات التنافسية، وتوزيع الجوائز القيمة للحضور والمشاركين. ورغم حرارة الطقس إلا أن الجهود التنظيمية الرائعة أحالت هذا الشعور إلى برودة متدفقة تنساب بين الأماكن والممرات بتسخير التقنية الحديثة في جميع الزوايا والممرات، وتعدد المداخل للموقع أعطى الإنسيابية للجميع في الدخول والخروج، ووجود مواقف للسيارات يسر للجميع الوصول إلى المكان الذي يرغبونه بعد شراء حاجياتهم لنقلها إلى السيارة دون عناء أو مشقة. إن نجاح المهرجان في كل عام وزيادة الحضور من كل مدينة من مدن المملكة لهو تنشيط للسياحة والحركة الاقتصادية خلال العشرة أيام التي حدد لها هذا المهرجان، وأتوقع أن يتم تمديده لفترة أطول هذا العام والسنوات المقبلة، وكما أشار سعادة محافظ شقراء في حديثه عن المهرجان فهو مهرجان له أهداف بعيدة المدى حاضراً ومستقبلاً، وليس لعرض المنتج فقط، بل هو أكبر من ذلك، حيث تم توظيف عدد من الشبان والشابات خلال مدة هذا المهرجان، وهذا العدد يزداد عامًا بعد عام، الأمر الذي يكسبهم الثقة في النفس وتطوير الذات وتنوع المهارات والدخول إلى سوق العمل ومعرفة مكتسبات جديدة ومتنوعة. ولعلي أطرح مقترحاً مهماً للجنة التنظيمية القائمة على هذا المهرجان، وهو أن تقوم وزارة البيئة والمياه والزراعة بإنتاج عمل إعلامي متسلسل يحكي ويصور الزراعة قديماً وحديثاً في المملكة العربية السعودية إبتداءً من حفر الآبار القديمة، وكيف كانت طريقة استخراج المياه من الآبار بالإبل وغيرها، والسواني والمنحاة، وهي الأدوات التي كانت تستخدم من قبل الآباء والأجداد قديماً، وكذلك تسجيل مقابلات تلفزيونية مصورة مع المزارعين الكبار في السن، وهم كثر في شقراء ويعرفهم الجميع؛ فرسالتهم الصوتية والمرئية دروس تثري تاريخ بلادنا التي كانت تعتمد على هؤلاء الرجال بصناعاتهم اليدوية التي استطاعت استخراج المياه من باطن الأرض بطرق تقليدية، ثم كيف أصبحت الزراعة الآن في هذا العهد الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. ولعل من المناسب أن يكون هناك مجلس تنسيقي يتم فيه جمع أصحاب المزارع الذين هم من يقود هذا المهرجان لمعرفة احتياجاتهم والاستماع لهم وطرح كل ما هو جديد لديهم، وهذا يدخل ضمن التنوع في المهرجانات الزراعية المختلفة، وكلنا ندعم الإنتاج الزراعي الذي هو أساس الأمن الغذائي، والحمد لله على هذه النعم.