تمويل مشروعات تنموية وإنسانية تعزز صمود الشعب الفلسطيني لطالما ارتبط اسم المملكة العربية السعودية بالقضية الفلسطينية ارتباطًا وثيقًا، يتجاوز الخطابات الدبلوماسية ويترجم إلى حضور فعلي على الأرض. فمنذ عقود، تبنت المملكة موقفًا ثابتًا من دعم الشعب الفلسطيني في سعيه نحو الاستقلال والعيش الكريم، ولم تكتفِ بالمواقف السياسية والمبادرات الأممية، بل مدت يدها بسخاء لتسهم في ترميم ما تهدم، وتضميد ما فُجع، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا لأجيالٍ لم تعرف يومًا حياة خالية من الخوف أو الحاجة، وفي الوقت الذي يتأرجح فيه ملف "حل الدولتين" بين الجمود السياسي والتجاذبات الدولية، اختارت السعودية أن تضع الإنسان الفلسطيني في مقدمة أولوياتها، مدركةً أن الكرامة لا تُصان بالتصريحات، بل بالمدرسة التي تُفتح، والمستشفى الذي يُجهّز، والمسكن الذي يُعمّر، والطفل الذي يجد فرصةً للتعليم في بيئة آمنة، من القدس إلى رفح، ومن جنين إلى مخيمات الشتات، كان للجهات السعودية الرسمية، وعلى رأسها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ووزارة المالية، وصندوق التنمية السعودي، أدوار محورية في تمويل مشاريع تنموية وإنسانية تعزز صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال والحصار والتهجير. هذا الدعم لا ينبع من تحالف سياسي مؤقت، بل من قناعة متجذرة بأن السلام العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق ما لم يُمنح الفلسطينيون مقومات الحياة الكريمة، في وطنهم وعلى أرضهم، هذا الدعم لا ينبع من تحالف سياسي مؤقت، بل من قناعة متجذرة بأن السلام العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق ما لم يُمنح الفلسطينيون مقومات الحياة الكريمة، في وطنهم وعلى أرضهم، ومن خلال تبنّي المملكة لنهج تنموي وإنساني شامل، يتجلى البعد العملي لرؤيتها تجاه القضية الفلسطينية، حيث يُعاد تعريف مفهوم الدعم ليشمل الإعمار والتأهيل والتعليم والرعاية، لا كاستجابة طارئة، بل كاستراتيجية مستدامة تُمهّد فعليًا لبناء أسس دولة مستقلة وقادرة. هكذا يتحول "حل الدولتين" من ملف سياسي جامد، إلى مشروع قابل للتحقق، حين يُبنى على أساس إنساني راسخ، تُشارك فيه السعودية بدور محوري وملتزم. الدور السعودي على امتداد العقود الماضية، لم تكن المملكة العربية السعودية مجرد داعم سياسي للقضية الفلسطينية، بل كانت وما زالت ركيزة اقتصادية أساسية لصمود الفلسطينيين في ظل واقع الاحتلال والتحديات المتكررة. وقد تبنّت المملكة هذا الدور من منطلق التزام استراتيجي يرى في تمكين الفلسطينيين اقتصاديًا مقدمةً لا غنى عنها لتحقيق السلام المنشود، من أبرز وجوه هذا الالتزام، الدعم المالي المباشر الذي تقدّمه السعودية إلى السلطة الفلسطينية. إذ تُعد المملكة من أكبر المانحين المنتظمين للميزانية العامة للسلطة، ما ساعد بشكل مباشر على ضمان استمرارية مؤسساتها، وتوفير الخدمات الأساسية للفلسطينيين، مثل التعليم، والصحة، والكهرباء، والمياه، والرواتب. وقد شكّل هذا الدعم طوق نجاة في فترات حرجة، لا سيما حين توقفت مساعدات دولية أخرى بسبب ضغوط سياسية أو متغيرات دولية، لكن الدور السعودي لم يقتصر على الدعم المالي الحكومي، بل تجلى أيضًا من خلال صندوق التنمية السعودي، الذي موّل عشرات المشاريع التنموية في الداخل الفلسطيني. هذه المشاريع لم تكن ذات طابع طارئ، بل استهدفت تأهيل البنية التحتية المتهالكة، وبناء وحدات سكنية جديدة، وتطوير المرافق العامة، في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، في قطاع غزة، الذي أنهكته الحروب والحصار، موّلت المملكة مشاريع إعادة إعمار واسعة، شملت بناء أحياء سكنية متكاملة للعائلات التي دمرت منازلها، مزوّدة بالبنية التحتية اللازمة من شبكات صرف صحي وكهرباء ومياه، بالإضافة إلى المدارس والمراكز الصحية. وتحوّلت هذه الأحياء، مثل مشروع حي الأمير نايف في شمال غزة، إلى نماذج يُحتذى بها في بيئة تعاني من شح الخدمات ونقص الموارد، وفي الضفة الغربية، ساهمت المملكة في تأهيل شبكات الطرق التي تربط بين المدن والقرى، مما سهّل حركة الفلسطينيين وساهم في تخفيف المعاناة الناتجة عن الحواجز والقيود المفروضة من الاحتلال. كما موّلت مشاريع زراعية وبنى تحتية صغيرة في المناطق الريفية، ما عزّز من قدرة المجتمعات المحلية على الاعتماد على ذاتها، وتقليل معدلات البطالة، اللافت في النهج السعودي أن الدعم لا يُقدّم بشكل عشوائي أو ارتجالي، بل ضمن رؤية متكاملة للتنمية، تقوم على إشراك الجهات المحلية، وتعزيز القدرات الفلسطينية، وفتح فرص عمل مستدامة. ولهذا السبب، كثير من المشاريع السعودية في فلسطين نُفّذت بأيدٍ فلسطينية، من مهندسين ومقاولين وعمال، في محاولة لدعم الاقتصاد المحلي ضمن كل مشروع تنموي، ورغم أن هذه الجهود لم تحظَ دائمًا بالتغطية الإعلامية الكافية، إلا أن أثرها واضح في حياة آلاف الأسر الفلسطينية التي انتقلت من حياة الخيام والخراب، إلى مساكن آمنة، ومدارس مؤهلة، ومرافق تقدم خدمات نوعية، بهذا الشكل، قدّمت المملكة نموذجًا في الدعم الاقتصادي القائم على تمكين الإنسان الفلسطيني، لا على مجرد إغاثته. وهو ما يجعل من مساهمتها حجر أساس في أي تصور جاد لحل الدولتين، لأن لا دولة تقوم دون بنية تحتية، ولا شعب يصمد دون اقتصاد يحفظ كرامته. التعليم والصحة لا يخفى على أحد أن التعليم والصحة هما الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع قوي ومستقر، وفي فلسطين، حيث الظروف صعبة والأزمات متكررة، كان دعم السعودية في هذين المجالين بمثابة شريان حياة يمنح الفلسطينيين أملًا في غدٍ أفضل، على مدى سنوات، استثمرت المملكة بكثافة في بناء المدارس وتوفير الأدوات التعليمية، خاصة في المناطق المهمشة وفي المخيمات الفلسطينية التي تعاني من نقص الخدمات. ليس فقط من خلال بناء المباني، بل عبر تمويل برامج تدريب المعلمين، وتزويد المدارس بالمستلزمات الضرورية التي تُمكّن الطلاب من مواصلة تعليمهم في بيئة ملائمة. هذا الدعم سمح لآلاف الأطفال والشباب الفلسطينيين بالالتحاق بمقاعد الدراسة، رغم الحواجز الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها الواقع، أما في الجانب الصحي، فقد قدمت السعودية دعمًا ماليًا وتقنيًا مستمرًا لتعزيز قدرات المستشفيات والمراكز الصحية في الضفة وغزة، فساهمت في إنشاء مستشفيات جديدة وتجهيزها بأحدث الأجهزة الطبية، وتوفير الأدوية الأساسية، بل وحتى دعم حملات التوعية الصحية لمكافحة الأمراض المزمنة والوقاية منها، هذا الدعم الصحي لم يقتصر على المدن فقط، بل وصل إلى القرى والمخيمات الفلسطينية التي تعاني من نقص في الخدمات، ليشمل توفير الرعاية الصحية الأولية وخدمات الطوارئ، ما قلل من معاناة آلاف الأسر، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن، وفي فترات الأزمات، مثل العدوانات الإسرائيلية المتكررة على غزة، كان الدعم السعودي سريعًا وفاعلًا في توفير المساعدات الطبية والغذائية الطارئة، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي أصبح أحد أبرز الفاعلين في تقديم الإغاثة السريعة والمنظمة، إن استثمار السعودية في قطاعي التعليم والصحة، يتجاوز الدعم المالي، فهو رؤية استراتيجية تؤمن بأن بناء الإنسان الفلسطيني هو مفتاح كل مستقبل أفضل، وأن تمكين الأجيال القادمة من خلال تعليم صحي ومؤهل هو الأساس لتحقيق أي حل سياسي مستدام. مبادرات إنسانية لم يكن دعم المملكة للفلسطينيين محصورًا في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، بل امتد بعمق إلى القدس الشريف، قلب القضية، وإلى المخيمات الفلسطينية التي تحمل على عاتقها عبء اللجوء والشتات، في القدس، تبرز المبادرات السعودية الإنسانية كمحاولة للحفاظ على الهوية الفلسطينية وترسيخ صمود السكان في وجه محاولات التهجير والاستيطان. تمويل المشاريع هناك لم يقتصر على البنية التحتية، بل شمل إعادة ترميم المنازل القديمة، ودعم المدارس، وتطوير المرافق الصحية، إلى جانب توفير الدعم المباشر للأسر المحتاجة، أما في المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الأردن ولبنان وسوريا، فقد لعبت المملكة دورًا محوريًا في تقديم الإغاثة الطارئة، مثل توفير الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية، إضافة إلى دعم مشاريع التنمية المستدامة التي تركز على تحسين ظروف المعيشة وتوفير فرص العمل، مما ساعد في تخفيف العبء عن اللاجئين الفلسطينيين، الذين ظلوا لعقود بعيدين عن وطنهم، هذا الدور الإنساني السعودي يؤكد أن الدعم لا يقتصر على السياسة أو الاقتصاد فقط، بل هو عمل إنساني متكامل يستهدف تعزيز كرامة الفلسطينيين في كل مكان، وهو جسر حقيقي يصنع الأمل وسط الظروف القاسية. يبقى الدور الاقتصادي والإنساني السعودي في دعم فلسطين من أهم الركائز التي تُعزز فرص تحقيق السلام العادل والشامل. فقد أثبتت المملكة على مدار عقود أنها ليست مجرد صوت سياسي في المحافل الدولية، بل شريك فاعل على الأرض، يعمل بصمت وإصرار على تمكين الشعب الفلسطيني، وتأهيل بنيته التحتية، وتعزيز قدراته المجتمعية، إن الدعم السعودي المتواصل في مجالات التمويل، التعليم، الصحة، والإغاثة، يشكل لبنة أساسية في بناء الدولة الفلسطينية المنشودة، ويعكس إيمان المملكة العميق بأن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا على أساس من الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وفي ظل التحديات السياسية المعقدة، تبقى السعودية متمسكة برؤية "حل الدولتين" كخيار استراتيجي وواقعي، وتواصل العمل على توفير كل السبل التي تمكّن الفلسطينيين من العيش بأمان وكرامة في وطنهم، مؤمنةً أن الاستثمار في الإنسان الفلسطيني هو السبيل الأنجح نحو مستقبل أكثر استقرارًا وأملًا، بهذا الموقف المتوازن والمتكامل، تظل المملكة العربية السعودية رائدة في دعم القضية الفلسطينية، وحارسًا أمينًا لأحلام شعبٍ لا يزال ينتظر العدالة، فترتسم على أرض فلسطين صورة واقعية للسلام الذي يُبنى من القلب، ويصنع من الأيادي.