«ابن سعيد» كان يوزع راتبه على لاعبي الهلال القادمين من خارج الرياض والدتي لقبتني «ضاري» ولاعبو الهلال لقبوني «أبو المقالب» تناوب على حماية المرمى الهلالي في حقبة ثمانينات القرن الهجري الماضي وحتى مطلع التسعينات عدد من الحراس، بعضهم لعب دوراً مؤثراً في تحقيق بعض البطولات على مستوى كأسي الملك وولي العهد مثل: ناصر الموزان عام 1381ه (1961م)، وعبدالله سوا عام 1384ه (1965م)، -رحمهما الله-. والبعض الآخر منهم لم يحالفه الحظ في الفوز بالألقاب رغم وصول الفريق الهلالي للمباراة النهائية لكأس الملك عام 1388ه (1968م)، مثل: الحارس (ضاري)، واسمه الكامل عبدالمحسن فهد النزهة (81 عاماً)، حارس الجبلين والهلال الأسبق -متعه الله بالصحة والعمر المديد-. وفي حديث خاص ل (الرياض) سألته عن لقب (ضاري) ومن اختاره له فأجابني دون تردد: "والدتي - رحمها الله - وذلك تيمناً باسم أحد شيوخ قبيلة شمر الشجعان.. الشيخ ضاري بن طوالة - رحمه الله - حين رأتني في صغري لا أتنازل عن حقي وأصارع من هم أكبر مني سناً". ضعف المادة حولتني للحراسة ويروي (ضاري) قصة اختياره اللعب في مركز الحراسة عند التحاقه بصفوف ناديه الأول الجبلين في حائل عام 1381ه قائلاً: «كنت في بداية مشواري ألعب مدافعاً، وكنا ندفع ريالين رسماً شهرياً مقابل اللعب، وحين تراكمت علي لم أستطع سدادها فعرض علي رئيس الجبلين الشيخ عبدالله سعود البكر اللعب حارساً للمرمى مقابل إعفائي من الرسوم، فلم أتردد بالموافقة». احتفلت بهدف مبارك عبدالكريم كانت ميولي منذ الصغر هلالية، وأتذكر عندما التقى الهلال بالاتحاد على كأس الملك عام 1384ه وسجل قائد الهلال مبارك عبدالكريم -رحمه الله- هدف التعادل في الوقت القاتل كنت أتابعها عبر المذياع في إحدى المزارع بحائل وقفزت إلى داخل بركة ماء في المزرعة من فرحتي بهدف التعادل للهلال. المشاري نقلني للهلال ويكشف الحارس (ضاري) قصة انتقاله من الجبلين إلى الهلال قائلاً: «جئت للرياض في عام 1386ه (1966م) لإيصال عفش شقيقتي التي كانت تستعد للزواج آنذاك، وكان لي قريب «محمد عبدالله المشاري» يقيم في الرياض ومحب لنادي الهلال، وحين قابلني اقترح علي التدريب مع الهلال، وكانت صفوفه تزخر بكبار النجوم أمثال الكبش وزين العابدين ومبارك عبدالكريم وكريّم المسفر.. ذهبت للتمرين وتألقت في المرمى، ثم طلب مني اللعب في مباراة ودية برزت فيها، مما جعل الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- يعرض علي الانتقال فلم أتردد بالموافقة وأكمل الكابتن سلطان مناحي -رحمه الله- إجراءات انتقالي بسفره إلى حائل لإحضار خطاب التنازل من الجبلين». خماسية النجمة وهاتريك (الطقزة) أتذكر أول مباراة لي مع الهلال في موسم 1386ه أمام النجمة فزنا بها بنتيجة (5/0)، وشارك فيها زميلي مهاجم الجبلين الذي انتقل للهلال عبدالعزيز الشمري (الطقزة) وسجل هاتريك –3 أهداف– في تلك المباراة -رحمه الله-. 10 سنوات في خدمة الهلال استمررت أساسياً في حراسة المرمى بعد اعتزال (حارس الكاسين) عبدالله سوا -رحمه الله- مرتديا شعار الهلال لمدة عشر سنوات حتى عام 1396ه، وكان آخر مدرب تدربت معه الإنجليزي الراحل جورج سميث الذي قاد الهلال لتحقيق أول لقب للدوري في انطلاقه مسابقته عام 1397ه (1977م). دربت حراس الجبلين بعد الاعتزال اتجهت لسلك التحكيم لفترة غير طويلة، ثم تحولت بعدها إلى ميدان العمل التدريبي بنادي الجبلين مدرباً للحراس، وصعدنا للممتاز مرتين وقبلها فزنا ببطولة الأندية الريفية. «شواية الدجاج» أعتقدها لعبة أطفال حين التحقت بالهلال كان مقره في شارع الظهيرة، وأتذكر موقفاً طريفاً لي حين توقفت مندهشاً أمام أزحد مطاعم شارع الخزان لمشاهدة شواية الدجاج وهي تدور للمرة الأولى في حياتي معتقداً أنها لعبة للتسلية، فلمحني عبدالرحمن بن سعيد، وقال لي ضاحكاً: هذه ليست ملاهي هذه شواية مطعم. وحقيقة ذكرياتي مع الهلال كلها حلوة، والانتماء له شرف لا يضاهيه شرف، لسمعته الطيبة وبطولاته الخالدة، وبفضله بعد الله عرفني الناس واشتهرت كلاعب واستفدت عن طريقه الكثير في حياتي العملية والاجتماعية. مواقف «مؤسس الهلال» شهمة ويضيف (ضاري): «لا أنسى أفضال مؤسس الهلال الشيخ عبدالرحمن بن سعيد عليّ خصوصا في بداياتي مع النادي، إذ لم يكن لدي وظيفة وكل دخلي كان من مكافآت الفوز 200 إلى 300 ريال، وكنا مجموعة لاعبين من الذين التحقوا بالهلال من خارج الرياض، أنا ومرشد العتيبي وعبدالرحمن قصاب (شمروخ) وبشير الغول -رحمهم الله-، نذهب لمكتب أبو مساعد في شارع الظهيرة، وكان مديراً لمكتب وزارة العمل، نزوره في رأس كل شهر مع توقيت نزول مرتبه ويبادر بتوزيعه علينا بمعدل 300 إلى 400 ريال لكل لاعب، وكان يشعر بحاجتنا إذا جئنا لمكتبه، ويساعدنا بكل نبل ووفاء وشهامة، وهذا من المواقف الرجولية التي لا أنساها لمؤسس الهلال -رحمه الله-». خدعتنا ثمانية الاتفاق ويتحدث الحارس (ضاري) بنبرة حزينة عن أسوأ ذكرى في مسيرته الكروية، حين خسر الهلال كأس الملك أمام الاتفاق في المباراة النهائية بنتيجة (4/2) عام 1388ه، وأضاف: «للأسف لم نولِ تلك المباراة أي اهتمام لأسباب عدة أهمها: أننا هزمنا الاتفاق قبل الكأس بثمانية أهداف في آخر مباراة ودية ضده، بالإضافة إلى فوزنا على فرق أقوى منه وأقصد النصر والأهلي في مشوار ذلك الكأس التأهيلي، وكان مدربنا الكابتن حسن سلطان «رحمه الله»، وأقمنا معسكرنا بفندق اليمامة في شارع المطار. لكن الاتفاق كان في يومه وتألق في صفوفه نجوم كبار أذكر منهم أولاد الفصمة سعود ومحمد وإبراهيم وحارسهم هلال الطويرقي، لكن الله لم يكتب لنا الفوز في ذلك اليوم. استمر بعدها ابتعادنا عن منصات البطولات لسنوات أخرى، ومن أسباب ذلك أن جيل منافسنا التقليدي النصر كانوا أفضل منا بوجود لاعبين ممتازين أمثال محمد سعد العبدلي وحسن أبو عيد ويعقوب مرسال والأمير ممدوح بن سعود «رحمهم الله»، إلى جانب ناصر الجوهر وعيد الصغير وعبدالله بن صليح. محسن وآل الشيخ في ذاكرتي بعد اعتزالي لم تنقطع صلتي ببعض زملاء الأمس ومنهم الكابتن محسن بخيت، لاعب لن يتكرر في الملاعب ومستواه الخلقي والفني يجبرانك على احترامه، وهو لاعب مازالت صورته عالقة في ذهني ومازلت مرتبطاً به حتى اليوم، وأيضاً مازلت مرتبطاً بحارس نادي الشباب الأسبق عبدالله آل الشيخ. فويست النمساوي ذكرى لا تنسى ومن المباريات العالقة في ذهني كانت ضد جامعة السودان، وفاز الهلال بهدفين نظيفين، وقد قدمت مستوى جيداً في تلك المباراة ولله الحمد، وكذلك أمام فريق فويست النمساوي، وفاز الهلال أيضاً (2-0). ومن أجمل العناوين التي كتبتها الصحافة الرياضية في الماضي (ضاري العملاق يصنع صمود الهلال أمام المنتخب السوداني) (ضاري) أبو المقالب واشتهر (ضاري) بين زملائه اللاعبين بروح الدعابة والمرح والمواقف الفكاهية والمقالب الطريفة ضدهم، وهو ما جعله شخصية محبوبة في قلوبهم خالدة في ذاكرتهم. ضاري مع مبارك الناصر وحميد الجمعان -رحمه الله- في مباراة للهلال أمام فريق زائر 1391ه. (أرشيف منصور الدوس). في لقطة تذكارية مع أصدقائه عبدالله آل الشيخ وبداح القحطاني وعبدالرحمن الصومالي -رحمه الله- 1392ه. (أرشيف عبدالله آل الشيخ). ضاري يتصدى بشجاعة لكرة في مباراة الهلال و فويست النمساوي 1392ه. (أرشيف عبدالرحمن السليمي) (الثاني من اليمين جلوساً) مع فريق الهلال 1393ه محسن بخيت 1394ه عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- ضاري (الثالث من اليمين وقوفاً) وسط زملائه لاعبي الجبلين في حائل 1385ه. آخر صورة لضاري عام 1396ه مع الهلال في ملعب الملز بقيادة المدرب جورج سميث الذي قاد الفريق للفوز بأول دوري 1397ه. في ملعب الصايغ قبل إحدى مباريات الهلال 1393ه. معد ومحررالصفحة فهد الدوس