عطفاً على قصة سرقة بحثي العلمي الموسوم: "تطور الفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام: دراسة تاريخية نقدية"، المنشور في المجلة العربية للعلوم الإنسانية، جامعة الكويت، عام 2013م، من قبل عضوة هيئة تدريس بإحدى الجامعات العربية، والتي تناولناها على مدار ثلاثة أسابيع مضت، نواصل الحديث اليوم عن أهم الاستنتاجات المتعلقة بهذه السرقة العلمية. يأتي على رأس هذه الاستنتاجات حقيقة وجود بعض أعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات الذين لا يتورعون عن القيام بهذا العمل الفاضح، والذي يجب محاربته بقوة لتعلقه بأهم وظائف الجامعة وهي "البحث العلمي"، فمتى ما فقد البحث العلمي الرصين قيمته ومصداقيته فأي قيمة وأي مصداقية نرتجيها؟ ومن الاستنتاجات المهمة هنا افتقار العالم العربي لنظام فهرسة رصين لمجلاته العلمية المحكمة، مما يجعل اكتشاف السرقات العلمية أمراً فيه صعوبة. وذلك بخلاف المجلات العلمية الأجنبية والتي من السهل اكتشاف أي عملية سرقة بحثية فيها، وهذا يعتبر من مواطن القصور في الحركة البحثية العربية والتي تحتاج إلى علاج من قبل الجهات المعنية، وهنا قد نتساءل عن دور المحكمين الذين يقومون بتحكيم بحوث مسروقة: وكيف يمر من أمامهم بحث مسروق كاملاً فكرته ونصه من بحث علمي آخر معروف جداً ومنتشر بين المتخصصين؟ فمن الأعراف الأكاديمية أن يمر أي بحث علمي مقدم للنشر في أي مجلة علمية محكمة على محكمين اثنين من أهل التخصص لتحكيمه والنظر في أصالته وقيمته المضافة ومناسبة للنشر. ومرور البحث المسروق بهذه الطريقة يعني أن المحكمين غير متابعين لحركة النشر في هذا التخصص، أو أنهم لم يقوموا بقراءة كما ينبغي. ومن الأشياء التي اتضحت لي من خلال هذه التجربة وجود العديد من الأكاديميين النزهاء والقياديين المنصفين في جامعاتنا العربية والذين لا يتهاونون أبداً مع مثل هذه الجرائم العلمية التي يرتكبها بعض منسوبي مؤسساتهم البحثية، فقد استقبل رئيس المؤسسة المعنية الشكوى المقدمة ضد السارقة بكل جدية وشكل لجنة مختصة بالموضوع باشرت التحقيق على مدار عدة أسابيع لتصدر العقوبة المناسبة المتمثلة في: سحب الدرجة العلمية التي استخدمت السارقة هذا البحث في الوصول إليها، وإبعادها عن الدراسات العليا، واسترجاع المبالغ المالية التي أخذتها دون وجه حق، وحرمانها من التقدم للترقية لمدة خمس سنوات. فشكراً للقائمين على هذه المؤسسة البحثية، مع احتفاظي بالمطالبة بحقي الخاص والتعويض لما لحق بي من أذى مادي ومعنوي جراء هذه السرقة.