في زمنٍ أصبحت فيه التفاصيل الصغيرة تُضخَّم وتُصنَع منها عناوين، يتجلى مشهد التفاخر بطائرة «الدون» كصورة تعكس واقعًا أعمق مما يبدو على السطح فليس الأمر مجرد احتفاء بصورة أو فخر بلون طائرة بل هو انعكاس لحاجة دفينة للتشبث بأي رمزية لدرجة أن هووس «الترميز» عند البعض يصل إلى تقزيم الكيانات دون أن يشعر وإن كان في ظاهره وسيلة للافتخار إلا أنه أحيانًا ينقلب إلى سلاح ضدك حين يُفرغ من مضمونه ويتجه نحو السلبية ليصبح أداة للتقليل منك وينزلق نحو الفراغ والمبالغة خارج حدود المستطيل الأخضر وفي حضرة (الإنجازات الحقيقية)! عندها تبهت الصورة وتصمت التفاهة. وعندما يندر الفرح ويقل الزهو يبحث البعض عن أي بصيص ليصنع منه مجدًا ولو كان في جناح طائرة، هنا تظهر الحقيقة المؤلمة فالبعض لم يعد يجد في الملاعب ما يسد رمق شغف جماهيره فيلوذ بمظاهر براقة سرعان ما يخبو بريقها أمام وهج (البطولات الحقيقية)!. ورفع صورة طائرة أو التفاخر بها ليس دليلاً على قوة أو عظمة فالنصر كان على معرفة وثيقة بالطائرات الخاصة واعتاد النادي طوال سنوات مضت على استخدام الطيران الخاص في تنقلاته للمباريات والمعسكرات كجزء من ثقافته وسياسته في توفير أفضل الظروف للاعبيه وبالتالي فإن تصوير الأمر وكأنه إنجاز غير مسبوق جاء مع لاعب واحد فيه تجاهل وتصغير واضح لتاريخ طويل من الاحترافية والإمكانيات التي يمتلكها النصر!. ولا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه ممن يُطلق عليهم إعلاميين في تكريس هذا التوجه حتى أضحى البعض منهم يتسابقون لتضخيم مثل هذه التفاصيل الهامشية ويسلطون عليها الأضواء وهو باعتقادي تفريغ الأساس من معناه والمنافسة الحقيقية داخل الملعب، وهذا التناول الإعلامي لا يخدم النصر ولا يضيف قيمة لمشهده بل يزيد من حالة الفراغ ويعمّق الانشغال بالقشور على حساب الجوهر!. ما يحدث هو صرخة استغاثة من واقع يفتقر للإنجازات الفعلية ومحاولة لصنع انتصار معنوي في غياب الانتصارات الواقعية، ومنها يتضح البؤس الذي يحيط بعقليات ممن يتبنون الصورة الفارغة من أي معنى حقيقي ومحاولة يائسة من صنع واجهة ولكنها باهتة انفصلت عن سياقها ففقدت قيمتها وتحولت إلى استعراض بلا هدف ولا قيمة من نجاحات ملموسة يسطرها التاريخ وتفتخر بها الأجيال لا صفحات التواصل الاجتماعي!.