أكد الدكتور مشعل بن صالح السمحان، أستاذ القانون التجاري والمهتم بالمعاملات المالية، في حديث ل«الرياض»، أن الصكوك أدوات استثمار شرعية تختلف جوهريًا عن السندات، وأن الصكوك الإسلامية ليست أداة دين كالسندات، ولا تُعد من أدوات الدخل الثابت (Fixed Income)، بل إن عوائدها تُبنى على أداء الأصل الذي استُثمرت فيه أموال حملة الصكوك، ما يجعلها أداة استثمارية قائمة على أصول حقيقية ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وأوضح الدكتور السمحان، في حديث موسّع، أن هيكلة الصكوك تعزز الشفافية وتفتح المجال لتمويل المشاريع، وأن الفرق الجوهري بين الصكوك والسندات يتمثل في أن الصكوك تمثل أوراقًا مالية أو وثائق متساوية القيمة تمنح مالكها حصة مشاعة في الأعيان أو المنافع أو الخدمات أو في مشاريع قائمة أو قيد الإنشاء، في حين أن السندات تُمثل دينًا على الجهة المصدرة لها، وتُسدد مع فائدة محددة في تاريخ الاستحقاق. وأشار د. السمحان إلى أن الصكوك تُبنى على عقود متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل الإجارة أو المرابحة أو المشاركة أو الوكالة بالاستثمار، وقد تكون مركبة من أكثر من نوع من هذه العقود. وضرب مثالًا بهيكلية صكوك الإجارة، حيث تقوم شركة الطيران الراغبة في التمويل بتأسيس كيان ذي غرض خاص (SPV) وتبيع له طائرة مملوكة لها، ثم يُعاد تصكيك الطائرة وبيعها للمستثمرين، الذين يصبحون بذلك مالكين لحصة في الأصل، ويحصلون على عوائد من تأجيرها. وعند انتهاء مدة الصك، تُباع الطائرة وتُعاد قيمتها إلى حملة الصكوك. وبيّن أن المملكة دخلت بقوة إلى سوق الصكوك مع إطلاق برنامج الصكوك الحكومية في عام 2017، وقد تم إصدار عدد من الصكوك في القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، الأمر الذي مكّن الدولة من تمويل مشاريعها التنموية وفق صيغ شرعية، وجذب استثمارات محلية ودولية. وأوضح أن هيئة السوق المالية تُولي اهتمامًا بالغًا بتنظيم سوق الصكوك، حيث وضعت أنظمة وقواعد تُعنى بهيكلة الصكوك وطريقة إصدارها وتداولها، كما ألزمت الجهات المصدرة بإعداد نشرات إصدار شاملة تتضمن كافة البيانات والمعلومات التي يحتاجها المستثمرون، وهو ما يعزز من مستويات الشفافية والإفصاح في السوق. وعن مستقبل الصكوك، أشار السمحان إلى أن السوق السعودية تشهد توسعًا في استخدام الصكوك من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر شركات التمويل الجماعي المرخصة، ما يتيح لها الحصول على التمويل اللازم لمشاريعها دون اللجوء إلى القروض البنكية التقليدية. كما أشار إلى أن هيئة السوق المالية منحت تراخيص لعدد من الشركات التقنية المالية (FinTech) لتقديم حلول مبتكرة في مجال الاستثمار بالصكوك. وأكد أن التحديات التنظيمية والفنية التي تواجه سوق الصكوك يتم التعامل معها من خلال الأنظمة واللوائح الصادرة من هيئة السوق المالية، إضافة إلى الدور المهم الذي تؤديه لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية في تسوية الخلافات وتعزيز الثقة في السوق. واختتم الدكتور مشعل السمحان حديثه بالتأكيد على أن الصكوك الإسلامية تُعد من أهم الأدوات الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة، وأنها تختلف جوهريًا عن السندات في طبيعتها ومضمونها، داعيًا إلى ضرورة توعية المستثمرين والممارسين في القطاع المالي بهذه الفروقات، لضمان تعزيز سوق مالية متوافقة مع القيم الشرعية والتنموية في آنٍ واحد.