يركز كتاب "توقف عن التفكير المفرط " على ظاهرة يعاني منها الكثيرون في العصر الحديث، وهي التفكير الزائد، الذي يتحول من محاولة للفهم والسيطرة إلى عبء نفسي يستهلك الطاقة ويقلل الإنتاجية ويقود إلى القلق المزمن. يقدم المؤلف "نك ترنتون" هذا الكتاب كدليل عملي وواقعي لمواجهة هذه المشكلة بطرق بسيطة لكنها فعّالة، مع تأكيد قوي على أن المشكلة ليست التفكير بحد ذاته، بل الإفراط فيه دون حلول واقعية. ويوضح الكتاب كيفية كسر دوامة التفكير المفرط واستعادة السيطرة على الذهن، من خلال فهم جذور القلق وتقديم أدوات نفسية ملموسة يمكن تطبيقها فوراً. حيث يبدأ بالتساؤل الذي يفتح أعين القارئ: "هل تجد نفسك منشغلاً بتحليل أحداث الماضي أو القلق بشأن المستقبل؟" فإن كانت الإجابة نعم، فأنت تحتاج إلى التوقف عن التفكير الزائد، والتعامل معه بوعي واستراتيجيات مدروسة. ومن أهم التقنيات والاستراتيجيات التي يستعرضها الكتاب هي: تقنية 5-4-3-2-1، حيث يتم تسليط الضوء عليها يسلط كطريقة سريعة للخروج من نوبات القلق والتركيز على اللحظة الحالية، ويعتمد هذا التمرين على استخدام الحواس الخمس لتشتيت الذهن عن الأفكار المقلقة والعودة إلى الواقع الآني. وتشير 5 إلى الأشياء التي تراها، و 4 إلى الأصوات التي تسمعها، و 3 أشياء تشعر بها بلمسك، و 2 روائح تميزها، و 1 طعم في فمك. وتؤكد هذه التقنية على أهمية ربط الإدراك بالحاضر، وبالتالي تحريك "كرة الوعي" من الماضي أو المستقبل إلى الآن. أما بالنسبة لتجربة الاعتقاد المضاد يؤكد نك ترنتون أن التفكير الزائد غالبا ما ينشأ من اعتقادات داخلية خاطئة أو مثبطة. ويعرض خطوات محددة لتحدي تلك الاعتقادات، منها تحديد الاعتقاد السلبي الكامن، عكسه وتحويله إلى اعتقاد إيجابي، تجربة الشعور الجديد وكأنه حقيقة، البحث عن أدلة تدعمه. وبهذه الطريقة، يتم تفكيك جذور القلق وليس فقط التعامل مع نتائجه السطحية. وفيما يخص تأجيل القلق يستعرض الكاتب طريقة غير تقليدية لكنها فعّالة، وهي تحديد موعد يومي للقلق، مما يقلل من اجتراره طوال اليوم. الفكرة هنا ليست إنكار القلق، بل الاعتراف به ومنحه وقتاً محدداً، مما يسلبه السيطرة على باقي اليوم ويحد من تأثيره المستمر. وعن الرسالة الأساسية للكتاب يؤكد نك ترنتون أن التفكير الزائد ليس قدراً محتوماً، بل يمكن التغلب عليه بوعي وممارسة. ويدمج الكتاب بين التحليل النفسي السلس والأدوات العملية، ويوفر خريطة طريق للخروج من دائرة القلق الذهني نحو حياة أكثر هدوءا وإنتاجية. ويتوقف الكتاب في أنه ليس مجرد عرض لمشكلة التفكير الزائد، بل هو دعوة للتحرر العقلي والنفسي، واستعادة التوازن من خلال تقنيات واقعية قابلة للتطبيق. إنه يؤكد أن راحة البال ممكنة، وأن كل ما نحتاجه هو أن نتوقف عن الاستسلام للعقل المفرط في التحليل، ونبدأ بخطوات بسيطة نحو التغيير.