تتهاوى أجساد الغزيين واحدة تلو الأخرى، بعضها يسقط جوعاً، وأخرى تنهار تحت القصف والاستهداف المباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، فيما بات يعرف بحرب الإبادة التي تدخل يومها ال653. ووسط مشاهد الجوع القاتلة التي تتوالى من قطاع غزة، يتكشف زيف الشعارات الإنسانية التي ترددها دول العالم المتحضر. وفي ظل الحصار الإسرائيلي الخانق وإغلاق المعابر بشكل كامل منذ مطلع مارس الماضي، أصبح الجوع سيد الموقف في القطاع، مع تزايد حالات الوفاة بسبب التجويع المنهجي. وأطلقت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة مجددا، تحذيرا شديد اللهجة من تداعيات المجاعة الكارثية التي تفتك بالسكان، مؤكدة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الوفيات الناتجة عن الجوع. وأضافت الوزارة أن الكوادر الطبية والمرضى في المستشفيات لم يتناولوا وجبة واحدة طيلة يوم كامل، الأمر الذي يهدد بانهيار المنظومة الصحية، ويعرض الجرحى والمرضى لخطر الموت الوشيك. وأفادت مصادر في مستشفيات القطاع باستشهاد عشرين فلسطينياً بنيران جيش الاحتلال، بينهم 14 من منتظري المساعدات، في ظل تزايد حالات الوفاة بسبب التجويع لاسيما بين الأطفال. وقالت مصادر محلية إن سبعة فلسطينيين استشهدوا وأصيب عدد آخر، بقصف إسرائيلي استهدف منتظري المساعدات في منطقة "السودانية" شمال غربي غزة. كما استشهد فلسطينيان وأُصيب أكثر من 20 آخرين برصاص الاحتلال، قرب مركز المساعدات في "الشاكوش" شمالي مدينة رفح جنوبي القطاع وبحسب وزارة الصحة بغزة، ارتفعت حصيلة شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 891 شهيدا وأكثر من 5,754 إصابة. «حماس» تتسلم خرائط جديدة من الوسطاء تُظهر مناطق السيطرة الإسرائيلية وكانت الوزارة قد قالت إن الكوادر الطبية والمرضى بالمستشفيات لم يتناولوا وجبة طعام واحدة ليوم كامل، ويهدد ذلك بعدم قدرة الكادر الطبي على أداء مهامه، كما ينذر بحالات موت بين الجرحى والمرضى بسبب الجوع. سياسيا، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن محادثات تجري لأول مرة بين إسرائيل وحماس بهدف التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، وهو ما يختلف عن المفاوضات السابقة التي كانت تقتصر على قضايا تبادل الأسرى والرهائن. وبحسب مصدر فلسطيني، فقد تسلمت حماس خرائط جديدة من الوسطاء تُظهر مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة، وبدأت بدراستها في إطار هيئاتها القيادية، بالتوازي مع مشاورات تُجريها الحركة مع فصائل فلسطينية أخرى لتحديد كيفية التعامل مع المقترح المطروح. إخلاء مناطق بدير البلح أنذر جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس، بإخلاء مناطق جديدة في دير البلح وسط قطاع غزة، تمهيدا لتوسيع نطاق حرب الإبادة عبر تنفيذ عملية برية في المنطقة. وقال متحدث جيش الاحتلال في منشور على منصة "إكس": على جميع المتواجدين في المنطقة الجنوبية الغربية من دير البلح، في البلوكات 130، 132-134، 136-139، 2351، بما في ذلك المتواجدين داخل الخيام الموجودة في المنطقة، الإخلاء فورا، نحو منطقة المواصي جنوبا. وأرفق جيش الاحتلال خريطة توضح المناطق التي ينذر الجيش بإخلائها، وتضم خيام نازحين. وكان جيش الاحتلال أصدر منذ شهر مارس عشرات الإنذارات في شمال وجنوب قطاع غزة. إسرائيل تجوّع مليون طفلٍ أكدت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أمس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجوّع مليون طفل في غزة. وذكرت "الأونروا" أن سلطات الاحتلال تجوّع المدنيين في غزة، ومن بينهم مليون طفل. وطالبت بفك الحصار والسماح لها بإدخال الأغذية والأدوية وجميع الاحتياجات المعيشية اللازمة لمواطني غزة، بشكل عاجل. وكانت "الأونروا"، قد حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين مارس ويونيو، نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وأوضحت أن المراكز الصحية والنقاط الطبية التابعة لها قد أجرت في هذه الفترة ما يقرب من 74 ألف فحص للأطفال للكشف عن سوء التغذية، وحددت ما يقرب من 5,500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم. المستوطنون هجّروا 69 تجمّعا أكدت الأممالمتحدة أنه تم تهجير ما لا يقل عن ألفين و895 فلسطينيًا من 69 تجمعًا سكانيًا في شتى أرجاء الضفة الغربية منذ بداية العام 2023، بسبب البيئة القسرية الناجمة عن تصاعد عنف المستوطنين وفرض القيود على الوصول. وقال مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في تصريح صحفي: "بين شهر يناير 2023 ومنتصف يوليو 2025، هُجر ما لا يقل عن 2895 فلسطينيًا من 69 تجمعًا سكانيًا في شتى أرجاء الضفة الغربية، ولا سيما من التجمعات الرعوية والبدوية، بسبب البيئة القسرية الناجمة عن تصاعد عنف المستوطنين وفرض القيود على الوصول". وأضاف "في الإجمال، كان ما نسبته 45% من الأسر المهجرة من محافظة رام الله (1309 من أصل 2895 أسرة)، تلتها محافظات الخليل وبيت لحم ونابلس وطوباس وسلفيت والقدس وأريحا". وأشار إلى أنه من بين 636 شخصًا هُجروا في هذا السياق حتى الآن من سنة 2025، كان ثلث هؤلاء المهجرين في منطقة غور الأردن (215 من أصل 636 شخصًا مهجرًا)". ولفت "أوتشا" إلى تصاعد هجمات المستوطنين والأنشطة الاستيطانية بالضفة الغربية. وتابع "بين يومي 8 و14 تموز، وثّق ما لا يقل عن 30 هجمة شنّها المستوطنون الإسرائيليون على الفلسطينيين وأسفرت عن سقوط ضحايا أو إلحاق الأضرار بالممتلكات أو كلا الأمرين معًا". وأردف أن "هذه الهجمات أدت إلى مقتل فلسطينييْن، أحدهما على يد المستوطنين والآخر في حادثة لا يُعرف إذا ما كان قد قتله المستوطنون أم القوات الإسرائيلية فيها". وأضاف "كما أُصيب 92 فلسطينيًا خلال هذه الهجمات، من بينهم 14 أُصيبوا على يد القوات الإسرائيلية و78 على يد المستوطنين". ولفت إلى أنه تم اتلاف أكثر من 450 شجرة من أشجار الزيتون واللوز والمشمش. وقال: "في يونيو 2025، أصاب المستوطنون 100 فلسطيني بجروح، وهو أعلى عدد يسجَّل على أساس شهري منذ أن بدأنا توثيق الإصابات في سنة 2005". محجوز خلف المعابر قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إنها "تمتلك مخزونا غذائيا كافيا لجميع سكان قطاع غزة لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، لكنه لا يزال في المستودعات ينتظر السماح بدخوله". وأوضحت في منشور عبر منصة "إكس"، أن "هذه الإمدادات، ومنها ما هو مخزن في مستودع بمدينة العريش المصرية، جاهزة للتوزيع"، مشيرة إلى أن "الأنظمة اللوجيستية قائمة". ودعت إلى "فتح المعابر ورفع الحصار"، مؤكدة أنها "مستعدة للقيام بواجبها الإنساني ومساعدة السكان، ومنهم مليون طفل". وقد حذرت وزارة الصحة بغزة من أن "أعدادا غير مسبوقة من الفلسطينيين المجوعين من كافة الأعمار تصل إلى أقسام الطوارئ في حالات إجهاد وإعياء شديدين". وأضافت أن "مئاتٍ من الذين نَحلت أجسادهم سيكونون عرضة للموت المحتّم، بفعل الجوع وعدم قدرة أجسادهم على الصمود". الضفة تنتفض ضد التجويع والعدوان شهدت مدن الضفة الغربية، الليلة الماضية، موجة من المسيرات الشعبية الحاشدة، تنديدًا بسياسة التجويع التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار العدوان والمجازر التي تطال المدنيين منذ 653 يومًا. وانطلقت المسيرات من عدة محافظات، أبرزها نابلس وجنين رام الله، وسط الضفة الغربية، حيث جابت شوارع المدينة ورفعت خلالها الأعلام الفلسطينية، وردد المشاركون هتافات داعمة لغزة ومستنكرة للعدوان المستمر. وندد المتظاهرون بسياسة الحصار والتجويع، واعتبروا ما يجري في القطاع "حرب إبادة مكتملة الأركان"، خاصة في ظل استهداف طالبي المساعدات الإنسانية. وشهدت مدينتا نابلس وجنين، شمال الضفة الغربية، كذلك فعاليات جماهيرية مماثلة، حيث عبّر المشاركون عن غضبهم من الصمت الدولي، وطالبوا بتدخل فوري لوقف الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين في غزة. وتأتي هذه التحركات استجابة لدعوة أطلقتها فصائل فلسطينية والتي ناشدت فيها الشعوب الحرة في العالم بتنظيم مسيرات وفعاليات تضامنية واسعة، وممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية لإنهاء العدوان ورفع الحصار عن غزة. وتزامن تصاعد الحراك الشعبي في الضفة مع تزايد التحذيرات الأممية من تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، في ظل استمرار استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية ومنع دخول المساعدات. قرار إسرائيلي بالاستيلاء على عقارات في باب السلسلة بالقدس أصدر وزير "القدس والتراث" في حكومة الاحتلال المستقيل مئير بروش، قرارا بالاستيلاء على عقارات فلسطينية في حي باب السلسلة، أحد أبرز مداخل المسجد الأقصى المبارك، في تصعيد جديد يستهدف الوجود الفلسطيني في البلدة القديمة من القدسالمحتلة. ويشمل القرار منازل ومحال تجارية تقع على طريق باب السلسلة المؤدي مباشرة إلى المسجد الأقصى، دون أن يتم توضيح تفاصيل محددة حول عدد العقارات أو أصحابها، في وقت تؤكد فيه الوقائع الميدانية أن المنطقة المستهدفة تندرج ضمن ملكيات فلسطينية تاريخية تعود لفترات أيوبية ومملوكية وعثمانية. وبحسب وسائل إعلام عبرية، فقد صدر القرار عشية استقالة بروش، التي جاءت في سياق خلافات بين أحزاب "الحريديم" والحكومة بشأن إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، ما يرجّح أن القرار جاء بدوافع سياسية لترضية جمهور اليمين الديني المتطرف. وبرّر بروش قراره بالاستناد إلى ما سماه "عودة البلدة القديمة إلى شعب إسرائيل عام 1967"، مدّعيا أن جميع ممتلكات ما يسمى "الحي اليهودي" تم الاستيلاء عليها في حينه لصالح شركة حكومية إسرائيلية معنية بإعادة تأهيله، لكنه أقر بأن القرار الحالي لم يُنفذ بعد على الأرض، رغم شموله ضمن خريطة الاستيلاء الإسرائيلية. الوجود الفلسطيني وأكدت محافظة القدس أن القرار يُشكّل خطوة استعمارية جديدة، تستهدف قلب المدينةالمحتلة ومعالمها التاريخية والدينية، وتفتح الباب أمام تهجير قسري ممنهج وسرقة للعقارات والممتلكات تحت غطاء قانوني مزيف. وقالت المحافظة في بيان صدر، أمس، إن استهداف طريق باب السلسلة، بما يضمه من معالم إسلامية ومبانٍ أثرية، يأتي في إطار مساعٍ مكثفة لحسم قضية القدس من خلال فرض وقائع تهويدية على الأرض، وتفريغ الممرات المؤدية إلى المسجد الأقصى من سكانها الأصليين. وأضاف البيان أن هذا القرار لا يمكن عزله عن سياسات التهويد المتسارعة، والتي تشمل التوسع الاستيطاني، ومشاريع البنية التحتية كخط القطار الإسرائيلي الذي يخترق الأحياء الفلسطينية، إضافة إلى مخططات تسجيل الأراضي وتحويلها إلى ما يسمى "أملاك دولة" تخدم المشروع الاستعماري. وحذّرت المحافظة من أن تنفيذ قرار الاستيلاء سيؤدي إلى تحويل طريق باب السلسلة إلى ممر استيطاني مغلق، يُستخدم حصريًا لاقتحامات المستعمرين، ويُهدد حرية الوصول إلى المسجد الأقصى، ويفرض حصارًا فعليًا على الوجود الإسلامي والمسيحي في البلدة القديمة. وبيّنت المحافظة أن ما يُعرف ب"الحي اليهودي" أُقيم في الأساس على أراضٍ فلسطينية جرى الاستيلاء عليها منذ عام 1968، وكان لا يتجاوز قبل النكبة خمسة دونمات فقط، لكنه توسّع لاحقًا ليصل إلى نحو 130 دونمًا، معظمها على حساب عقارات تعود لعائلات مقدسية عريقة منها النمري، غنيم، البشيتي، الجاعوني، العلم، شرف، وبرقان. كما اعتبرت أن الحديث عن نية الاستيلاء على نحو 20 عقارا في هذه المرحلة يشكل تمهيدًا لمرحلة أوسع من التهجير والسيطرة، ضمن خطة إسرائيلية لربط "الحي اليهودي" ببؤر استعمارية مجاورة، بهدف تغيير هوية البلدة القديمة وسلخها عن محيطها الفلسطيني. وأكدت المحافظة أن هذا القرار يُعدّ إعلان نوايا سياسي خطير، يستوجب تحركا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا فوريا، داعية الأممالمتحدة ومنظمة اليونسكو إلى تحمل مسؤولياتهم لوقف هذه السياسات التي تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بمدينة القدس. ودعت المحافظة أبناء المدينة، ومؤسساتها الوطنية والدينية، إلى التكاتف والتصدي لهذا التصعيد عبر كافة وسائل الصمود الشعبي والقانوني، والتشبث بالحق والهوية، والعمل الدبلوماسي المكثف لمواجهة هذه الهجمة التي تستهدف أحد أهم مفاصل الوجود الفلسطيني في القدسالمحتلة. هجوم من مستوطنين