لا يمكن تجاوز براعة الاختيار ودقّة التسمية التي اختارتها وزارة الداخلية لمنصّتها العظيمة «أبشر»، فهي تسمية نابعة من حِسّ لغوي شفيف، وذكاء وجداني فطن، اختار الدلالة المطابقة لخدماتها العديدة التي جعلت من منصتها أيقونة للهوية لا مجرّد شعار. وليس مِنّا من لم ينعم بالخدمات الجليلة التي تتيحها منصّة «أبشر» لجميع مستخدميها مواطنين ومقيمين، أفراداً ومؤسسات وجهات مختلفة. وقد استدعت التسمية من ذاكرتنا العربية أرقى مفرداتها وتعبيراتها؛ فأبشر ليست وَعْدَاً بالخدمة فقط، بل وعد بأن الإنسان سيظلّ في قلب المعادلة، وأن التقنية ستظل وسيلة للتقريب، لا للتغريب. ولا يتسع المجال لتعداد ظِلال وإيحاءات كلمة «أبشر» التي تبدأ من التبشير بالخير مروراً بالسياقات المختلفة التي تتّسم بالمروءة والكرم والمبادرة. بالأمس نُشر تقرير مفاده أنّ منصة وزارة الداخلية الإلكترونية «أبشر»، نفّذت خلال شهر يونيو الماضي، (35,263,949) عملية إلكترونية للمستفيدين عبر منصتي (أبشر أفراد، وأبشر أعمال). ومن خلال منصة (أبشر أفراد)، بلغ عدد العمليات المنفذة (32,980,528) عملية، تضمنت إجراء (26,882,873) عملية استعراض للوثائق من خلال المحفظة الرقمية المتاحة للمواطنين والمقيمين والزوار عبر تطبيق أبشر، فيما وصل عدد العمليات في منصة أبشر أعمال (2,283,421) عملية. هذه الأرقام بطاقتها الاستيعابية والرقمية، وبدلالاتها الكثيفة المبهجة تُمثّل أحد أبهى وأعظم تجليّات التحوّل الرقمي في المملكة، لتثبت للعالم بأن العقل السعودي بلغ ذروة النضوج، والتمكُّن من إنتاج الحلول الرقمية وغير الرقمية في شتى الحقول، وملبّياً لكافة احتياجات العصر من خدمات ذات تماسّ بالحياة وكل شؤونها وشجونها. عقل سعودي قادر على أن يضع الكلمة الفصل في الزمن والمكان اللازمين، ولا ينتظر عوناً أو دعماً من الخارج، كل هذا النضج والتمكّن والعطاء المدهش ما كان ليتم لولا أن ثمّة قيادة راشدة تدعم وتحفّز وتستنهض، وتستحثّ القدرات، والمواهب، وتضع كل الإمكانات والممكنات لإنجاز مهامها وأدوارها الوطنية. قيادة آمنت بأبنائها، وراهنت عليها، ومنحت علماءها ومثقفيها ومفكريها ومهندسيها الثقة، فأثمرت لنا هذه المنصة (البشرى) المبشّرة، والتي تستقبل والِجيها من المستخدمين بكلمة «أبشر». ما يحدث في «أبشر» ليس حدثاً طارئاً، ولا مُفاجئاً؛ وإنما هو ثمرة ونتيجة حتمية لمسار استراتيجي طويل، آمن بأن الرقمنة ليست مجرد ترف، وإنما ضرورة تنموية، وركيزة لرؤية وطنية تؤمن بأن المورد الأهمّ في أيّ أُمّة هو الإنسان، حين يُمكَّن، ويُدرَّب، ويُمنَح الفرصة ليقود. ويحق لنا بعد هذا الألق والسطوع الرقمي والتقني أن نعلن بأن «أبشر» ليست مجرد منصّة، بل حكاية وطن قرّر أن يصنع حضارته بأيديه، وأن يبني مستقبله بالعمل والمعرفة والذكاء.