تخيل أن نتينياهو وافق على وقف إطلاق النار في غزة فهل يكون مؤهلا للترشح لجائزة نوبل؟! ذلك تساؤل خيالي غير منطقي ويتعارض مع مبادي حقوق الإنسان ومفهوم السلام، مجرد تساؤل يفتح المجال لعلامات الاستفهام حول معايير هذه الجائزة، تساؤل يتعلق بشخص مدان في محكمة الجنايات الدولية. مفهوم السلام أكثر شمولية من مجرد قرار وقف اطلاق النار، السلام هو حل أسباب الحروب بعدالة وفق القوانين الدولية حتى لا تعود من جديد. السلام لا يتحقق إلا بمبدأ الفوز للجميع. الحديث عن الرغبة في السلام لا يتفق مع استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار وقف اطلاق النار في غزة للتمهيد لبدء المفاوضات. الالتزام بمبدأ السلام هو التزام برفض سياسة الاحتلال. مراجعة قائمة الفائزين بالجائزة ترفع علامات الاستفهام حول مبررات ومعايير منح الجائزة، نقرأ مثلا عن فوز أوباما (لجهوده لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب).. تلك عبارة إنشائية مطاطة لا تقدم انجازا محددا. هل حقق أوباما فعلا ما أشارت إليه تلك العبارة؟! السلام الذي يستحق الجوائز هو السلام الذي يوجد الحلول الدائمة للنزاعات، هو دعم المشاريع الإنسانية التي توفر الحياة الآمنة الكريمة للمحتاجين، هو العلاقات الدولية التي تقوم على الاحترام والمصالح المشتركة، هو محاربة الاستغلال والغطرسة الدولية، هو مكافحة الفقر والجهل والعنصرية. السلام مرتبط بشكل مباشر بالعدالة والاستقرار، النزاعات لا تولد من فراغ، الحروب لا تنتهي بانتصار طرف على آخر، الحروب تنتهي بمعالجة مسبباتها. عندما يتحقق الأمن والعدل للجميع يتحقق السلام، الأمن والعدل هما البيئة التي تتيح للجميع العمل والتعايش دون نزاعات ودون حروب. عندما نراجع جائزة نوبل للسلام نجدها تشتمل على مجالات منها الحد من التسلح ونزع السلاح ومفاوضات السلام وحقوق الإنسان والديموقراطية. ما يحدث في عالم اليوم هو تطوير السلاح كما وكيفا، وأن مفاوضات السلام يتحكم فيها من يملك حق الفيتو، أما حقوق الإنسان فالتقييم يخضع لعوامل سياسية، أما الديموقراطية فهي نظام حكم له ما له وعليه ما عليه، ونجاحه في بلد لا يعني نجاحه في بلد آخر، فهو ليس معيارا موضوعيا لتقييم السلام.. هذا المعيار (الديموقراطية) كأنه يقول تلميحا إن الدول التي تطبق هذا النظام هي من أنصار السلام وبعيدة عن الحروب، وهذا لا يتفق مع الواقع.