تحتفل المملكة سنويًا باليوم العالمي للمتبرعين بالدم في 14 يونيو بتنظيم حملات واسعة للتوعية والتبرع، بإشراف وزارة الصحة، ويُستخدم في الحملات التوعوية لتأكيد البُعد الإنساني للتبرع، وتبذل المملكة جهودًا كبيرة ومستمرة لحث المجتمع السعودي على التبرع بالدم، إدراكًا منها بأهمية هذا العمل الإنساني في إنقاذ الأرواح ودعم القطاع الصحي، وتطلق القطاعات الصحية بالمملكة العديد من المبادرات والمجهودات التي ترسخ مكانة هذا العمل الإنساني، ويستهدف هذا اليوم تكريم المتبرعين بالدم، وتشجيع الآخرين على هذا العمل الإنساني إنقاذاً للأرواح، فيما يعرف التبرع بالدم بأنه إجراء طبي تطوعي يكون بنقل الدم أو أحد مركباته من شخص سليم معافى إلى شخص مريض يحتاج للدم، وتُفعل مختلف القطاعات الصحية، والجهات ذات العلاقة بالمملكة دورها لحث الأفراد على التبرع، ومن أبرز هذه الجهود حملات التوعية الوطنية، والمشاركة باليوم العالمي للتبرع بالدم، والتعاون مع المؤثرين ووسائل الإعلام لنشر رسائل توعوية تُشجع المجتمع على التبرع. وتبادر القطاعات الحكومية ذات العلاقة بتنفيذ برامج للتبرع الطوعي بالدم، ومن هذه الجهات وزارة الصحة وفروعها في جميع مناطق المملكة، حيث تنفذ العديد من الحملات بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم المتبرع به طوعيًا، وتزويد بنك الدم المركزي والمراكز المتنقلة من خلال توفير بنوك دم متنقلة في الأماكن العامة والمراكز التجارية لتسهيل الوصول للمتبرعين، وتتكامل جهود المملكة بين التوعية، والتقنية، والتحفيز، وتسهيل الإجراءات، ما أسهم في رفع نسبة التبرع الطوعي بالدم عامًا بعد عام، وجعل ثقافة التبرع أكثر انتشارًا في المجتمع السعودي. بذل وعطاء ونشرت وزارة الصحة السعودية 2023 أن بلد الجود المملكة حصدت المركز الأول عالميًا بالرغبة في التبرع بالدم، حيث لا يتوانى الشعب السعودي في البذل والعطاء، إذ بلغ عدد المتبرعين أكثر من 420 ألف متبرع من جميع أنحاء المملكة، وفي دراسة أجرتها مؤسسة "أبسوس آند موري" البريطانية حلَّ السعوديون في المركز الأول عالميًّا من بين 28 دولة، من حيث الإقبال على التبرع بالدم بنسبة 58 % ونشرت ذلك وزارة الصحة السعودية على موقعها بمناسبة اليوم العالمي للمتبرّعين بالدم في 14 يونيو من كل عام. وأضافت الوزارة أن عملية نقل الدم على يساعد إنقاذ ملايين الأرواح سنويًا، وتقدم الدعم لإجراء العمليات الطبية والجراحية المعقّدة، كما تؤدي هذه العملية دورًا أساسيًا في إنقاذ أرواح وبالأخص الأمهات والأطفال في إطار رعايتهم، والأهداف التي حددتها الوزارة شكر المتبرّعين طوعًا بالدم دون مقابل لقاء دمهم الممنوح هديةً لإنقاذ الأرواح، ورفع مستوى الوعي بضرورة المواظبة على التبرّع بالدم طوال العام. حث الأفراد وفي هذا اليوم تُفعل مختلف القطاعات الصحية، والجهات ذات العلاقة بالمملكة دورها لحث الأفراد على التبرع، وتتضمن عملية التبرع بالدم أربعة أنواع؛ الأول التبرع بالدم الكامل وهو الأكثر شيوعاً، ويشمل جميع مكونات الدم من الخلايا الحمراء والبلازما والصفائح الدموية، والنوع الثاني التبرع بالصفائح الدموية، أمّا النوع الثالث فيشمل البلازما، والرابع خلايا الدم الحمراء، ويُعد تطبيق "وتين" مبادرة أُطلقت بالتعاون مع وزارة الصحة؛ لتقليص فجوة التواصل بين المتبرعين وبنوك الدم، وهو التطبيق الرسمي للتبرع بالدم في المملكة سواء كان الفرد متبرعاً بالدم أو غير مؤهل للتبرع أو ممثلاً لأحد بنوك الدم، حيث يقدم التطبيق العديد من المزايا منها طلب تبرع بالدم من مجتمع وتين، ومشاركة طلبات التبرع في شبكات التواصل الاجتماعي، وقائمة ومواقع بنوك الدم، ومتابعة سجل التبرع، إلى جانب تذكير بمواعيد التبرع وحملات التبرع حولك، ويهدف التطبيق إلى زيادة الوعي بأهمية التبرع بالدم داخل المجتمع، وسدّ حاجة بنوك الدم داخل المملكة، وإقامة حملات تبرّع دورية، إضافة إلى تحسين تجربة المتبرع بشكل مستمر ودائم. وأطلقت وزارة الصحة مؤخراً وحدات بنوك الدم المتنقلة للوصول إلى أماكن المتبرعين، بغية تعزيز ثقافة التبرع بالدم وزيادة عدد المتبرعين به بشكل طوعي ومنتظم، حيث جرى تأمين عربات التبرع بالدم بمواصفات عالمية، وتجهيزها بشكل كامل بأحدث الأجهزة اللازمة للتبرع بالدم، وتغطي مختلف مناطق المملكة وفق برنامج تشغيلي، واختيار منظمة الصحة العالمية لليوم العالمي للتبرع بالدم يأتي تزامناً مع ميلاد مكتشف نظام فصائل الدم الدكتور كارل لاندشتاينر يوم 14 يونيو 1868م، ونال على إثره جائزة نوبل. شهادات تقدير وفي المملكة تُعتبر شهادات التقدير للمتبرعين بالدم إحدى وسائل التحفيز المعنوي المهمة التي تسهم في ترسيخ ثقافة التبرع الطوعي وتعزيز روح العطاء في المجتمع، وهي لا تُمنح بشكل عشوائي، بل ضمن معايير وضوابط معينة، وعلى الرغم أن شهادات التقدير لا تحمل طابعًا ماديًا مباشرًا، إلاّ أن لها عددًا من الحوافز المعنوية والاجتماعية والإدارية، أبرزها، الاعتراف الرسمي حيث تمنح من وزارة الصحة أو من المستشفيات والمراكز الصحية، وتحمل شعار الجهة الرسمية، ما يمنحها قيمة معنوية عالية، وأفضلية في بعض الترشيحات، ويُمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار في بعض المفاضلات الوظيفية أو الترقيات، خاصةً في القطاعات الحكومية أو الصحية، كمؤشر على المسؤولية الاجتماعية، كما يتم توثيق عدد مرات التبرع، حيث يحتفظ المتبرع بسجل رسمي معتمد، مما يُمكّنه لاحقًا من المشاركة في برامج تكريمية أو حملات إعلامية، ويتم التكريم في المناسبات الوطنية، فبعض المتبرعين المنتظمين يتم تكريمهم في اليوم العالمي للتبرع بالدم بحضور مسؤولين حكوميين. وقد يُطلب أحيانًا من أصحاب شهادات التبرع المشاركة كسفراء أو متطوعين في الحملات الصحية، ودعم المشاركة في الحملات التطوعية، وتُمنح شهادات التقدير للفئات التالية؛ المتبرعين المنتظمين ومن يُتبرع بالدم بشكل دوري -كل 3 إلى 6 أشهر-، ويُستدل على انتظامه من خلال سجلات بنوك الدم أو تطبيق "وتين"، كما يتم منحها للمتبرعين في أوقات الأزمات ممن يلبّون النداء في حالات الطوارئ مثل الكوارث -لا سمح الله- أو نقص المخزون، كما تمنح للمتبرعين لأول مرة في حملات توعوية وطنية تشجيعًا لهم على الاستمرار فوق عدد معين من التبرع -مثلاً 10 أو 20 مرة-، ويُكرَّمون تكريمًا خاصًا في فعاليات اليوم العالمي للتبرع أو من خلال الجهات الصحية. فوائد صحية وأُقيم أول يوم عالمي للمتبرعين بالدم بمبادرة من منظمة الصحة العالمية (WHO)، بالتعاون مع أربع منظمات دولية معنية بنقل الدم، وهي الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر (IFRC)، والجمعية الدولية لنقل الدم (ISBT)، والاتحاد الدولي لمنظمات المتبرعين بالدم (FIODS)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وقد تم اختيار 14 يونيو لأنه يصادف تاريخ ميلاد العالِم النمساوي كارل لاندشتاينر، مكتشف فصائل الدم، والهدف من هذا اليوم هو تكريم المتبرعين بالدم وتقدير تبرعاتهم الطوعية والمنقذة للحياة، ورفع الوعي بأهمية التبرع بالدم بانتظام لضمان توفر إمدادات كافية وآمنة، وتعزيز التعاون والدعم العالمي لأنظمة نقل الدم الآمنة والمستدامة، ومنذ ذلك الحين، أصبح اليوم العالمي للمتبرعين بالدم مناسبة سنوية تُحتفل بها دول العالم، بما فيها المملكة العربية، عبر حملات توعوية وتكريمية واسعة، والتبرع بالدم لا يُعد فقط عملاً إنسانيًا نبيلاً، بل له أيضًا عدة فوائد صحية مثبتة تعود بالنفع على المتبرع نفسه، متى ما تم وفق شروط السلامة، والفوائد الصحية تتحقق عند التبرع المنظم والآمن، الذي يتم كل ثمانية أسابيع للرجال وكل 12 أسبوعًا للنساء، وفق معايير وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، لذلك يُنصح بالتبرع في مراكز معتمدة والاهتمام بالتغذية والراحة، وللتبرع بالدم فوائد صحية وفق توصيات طبية والإيجابيات الصحية للتبرع بالدم منها تنشيط الدورة الدموية، والتبرع يحفّز الجسم على تجديد خلايا الدم الحمراء خلال أيام قليلة، وهذا التجديد يُساهم في تنشيط الدورة الدموية وتحسين تدفق الأوكسجين للخلايا، وخفض نسبة الحديد الزائد في الجسم، لأن تراكم الحديد في الجسم قد يُسبب أضرارًا للأعضاء مثل الكبد والقلب. رضا نفسي والتبرع المنتظم بالدم يساعد في الحفاظ على توازن مستويات الحديد، خصوصًا لدى الرجال الذين لا يفقدون دمًا دوريًا كما يحدث للنساء خلال الحيض، كما يعمل التبرع بالدم على تحسين صحة القلب، وبعض الدراسات تشير إلى أن التبرع بالدم بانتظام قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية والجلطات القلبية، وذلك بسبب تقليل اللزوجة الدموية وخفض نسبة الحديد المؤكسد في الدم، وهو ما قد يقلل الالتهابات في الأوعية الدموية، ويستفيد المتبرع من فحص صحي مجاني قبل كل تبرع، حيث يُجري المتبرع فحصًا أوليًا يشمل قياس ضغط الدم، قياس نسبة الهيموغلوبين، فحص الأمراض المعدية -مثل التهاب الكبد، فيروس نقص المناعة HIV وغيرها-، وهذا يوفّر فرصة لاكتشاف مبكر لأي مشاكل صحية قد لا يكون المتبرع على علم بها، كما أن التبرع يساعد على حرق السعرات الحرارية، فالتبرع بالدم يُحرق ما يُقارب 650 سعرة حرارية تقريبًا عند التبرع بكمية 450 مل -وحدة دم واحدة-، ولا يُستخدم كوسيلة للتنحيف، لكن يُعد نشاطًا بدنيًا خفيف الأثر، كما يسهم التبرع بالشعور بالرضا النفسي، فالشعور بأنك ساهمت في إنقاذ حياة إنسان يُحسّن الحالة النفسية ويُقلل التوتر، ويُعزز الارتباط المجتمعي والإحساس بالمسؤولية. بنوك دم متنقلة سهّلت عمليات التبرع