على مر التاريخ برز دور المملكة في تنظيم موسم الحج وتطوير الخدمات وتهيئة الظروف الملائمة وتسخير كافة الإمكانات لتسهيل أداء الحجاج للركن الأعظم في أجواء إيمانية محفوفة بالسكينة والطمأنينة. وفي كل عام يتم تطوير الخدمات وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تواكب المرحلة وتعكس ما وصلت إليه المملكة من تطور نوعي في الخدمات التي سخرتها لخدمة الحجاج. غير أن اللافت في حج هذا العام ارتفاع مستوى الوعي بين الحجاج ففي المساحة الجغرافية التي تشهد أداء الشعائر والتي تحتضن مختلف الأجناس والأعراق والثقافات ظهرت بشكلٍ جلي ثقافة الالتزام "الانضباط" بالتعليمات لدى نسبة كبيرة من الحجاج والتفاعل مع الخدمات الرقمية المتاحة لتيسير إجراءات الحج إضافة إلى الاستجابة للرسائل التوعوية والإرشادية منذ القدوم والتقيد بالأنظمة أثناء أداء المناسك، ما يعكس منهج المملكة وقدراتها على إرساء دعائم الالتزام كمبدأ أساسي وترسيخه كثقافة تكاملت مع منظومة الخدمات المقدمة بانسجام يعزز من فعاليتها بما يكفل لهم أداء مناسكهم بيسر وطمأنينة. ومع تزايد التحديات المتمثلة في اختلاف المفاهيم بحكم التنوع في التشكيلات الثقافية بين الحجاج برز دور المملكة من خلال فهم المعيقات الحقيقية والتعامل معها بما تقتضيه المرحلة خاصة أن الحج يختلف عن بقية الشعائر فكل الشعائر لها ميقات زماني عدا الحج ميقاته زمانى ومكاني، ما يتطلب جهود مضاعفة فالمكان ثابت تتجدد فيه وسائل الراحة والمتغيرات في القادمين الذين لم يسبق لهم أداء فريضة الحج وعامل الديمومة مرتبط بالاعداد الجيد والتهيئة في كافة المجالات. والمملكة كقبلة للمسلمين أخذت على عاتقها مسؤولية خدمة الإسلام وتدرك أهمية الوعي فسعت بكل اقتدار إلى غرس ثقافة الالتزام التي أوجدت أرضية مشتركة ساهمت بشكل كبير في نجاح الحج وتحقيق الأهداف ما يدفعنا للقول إن الدور الذي اضطلعت به تجاه ضيوف الرحمن تجاوز الخدمات النوعية المقدمة إلى توفير أدوات ووسائل الوعي الذي ظهر بشكل جلي في مختلف المواقع فاختصر جهودا كبيرة متعددة الخطوط بحكم اختلاف ثقافة القادمين من كل فج لتصبح أحادية الاتجاه وتسجل المملكة بكل جدارة نجاحاً يضاف الى سلسلة النجاحات بالتكوين المنهجي، فمن إدارة الحشود إلى تطور الخدمات إلى إرساء ثقافة الالتزام وتحصيل أكبر مستوى من الوعي لحج آمن، من هذا المنطلق "الرياض" استطلعت الآراء حول نجاح المملكة في ترسيخ الالتزام كأساس وعامل للنجاح. في المستهل يقول سراج الحميدان مدير إدارة التطوع الصحي بفرع وزارة الصحة بالطائف، ثقافة الالتزام التي غرستها المملكة العربية السعودية لدى الحجاج تُعدّ نموذجًا رائدًا في إدارة التجمعات البشرية الضخمة، حيث تعكس رؤية المملكة في تحقيق حج آمن ومنظم يتوافق مع تعاليم الإسلام واحتياجات العصر، ويمكن وصف هذه الثقافة وتأثيرها على الحج من خلال عدة جوانب: 1. الالتزام بالتشريعات والأنظمة. 2. الالتزام بالإرشادات الصحية والأمنية. 3. الانضباط في أداء المناسك. 4. استخدام التكنولوجيا لتعزيز الالتزام. فيما قال الإعلامي عواض الخديدي عضو "جمعية إعلاميون" إن ثقافة الالتزام التي غرستها المملكة لدى الحجاج يؤكد النجاح الكبير الذي تميزت به المملكة، وهو نتاج عمل منظم وجهد كبير لضمان حج آمن وميسر لحجاج بيت الله الحرام وبما يسهم في تقديم خدمات نوعية ومتميزة، ولا شك أن ثقافة الالتزام بالأنظمة أساس متين لبناء المجتمع وتقدمه، وتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع، وفي كل عام تؤكد المملكة على جميع الحجاج ضرورة التزامهم بالأنظمة والتعليمات التي تضعها الجهات المعنية حفاظًا على أمنهم وسلامتهم وأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، ويأتي شعار "لا حج بلا تصريح" تأكيدًا واضحًا للراغبين في أداء فريضة الحج بأهمية التقيد بالأنظمة وحصولهم على التصاريح اللازمة، ففي مجال إدارة الحشود نرى أهمية الالتزام بالتعليمات لتفويج الحجيج ومنع وقوع التدافع وانسيابيتهم في التنقل بين المشاعر المقدسة بكل سهولة، وكذلك التعليمات الخاصة بالدفاع المدني والالتزام بوسائل السلامة وتحقيق معايير الأمن والسلامة في الحج وضمان عدم وقوع الحوادث، إضافة إلى التعليمات الصحية وغيرها من الأنظمة التي وضعتها الدولة على حجاج الداخل والخارج، وفي هذا العام وكغيره من الأعوام السابقة تحرص الجهات العاملة في الحج على تطبيق الأنظمة والتعليمات بكل دقة وعناية تحقيقًا لتوجيهات القيادة الرشيدة -أعزها الله- والتي وضعت أمن وسلامة ضيوف الرحمن أولوية قصوى. وقالت المتحدثة عائشة أوزدمير من القسم التركي في إذاعة المملكة العربية السعودية الدولية: في إطار منظومة خدمات متكاملة، أدى حجاج بيت الله الحرام عباداتهم بيسر وسهولة. ومن أهم ما لفت الانتباه هذا العام ازدياد الوعي بالالتزام بالنظام والتعليمات، وردود الفعل الإيجابية على الإرشادات المقدمة لضمان السلامة. هذا الوضع ليس مفاجئًا فالمملكة العربية السعودية سعت منذ زمن طويل إلى تهيئة جميع الظروف اللازمة لأداء فريضة الحج، وتهيئة بيئة آمنة لأداء العبادات بسلام. وسعت إلى ترسيخ هذه الثقافة، وشجعت على الالتزام بالواجبات والمسؤوليات. فيما يقول صاطي المقاطي، العناية الفائقة من مملكتنا الغالية في الحج يعكس حجم الاهتمام اللامحدود من قيادتنا الحكيمة حفظها الله، ولعل إشراف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتواجده بالمشاعر لتفقد الخدمات عن قرب بتوجيهات الملك سلمان -حفظهما الله- دليل واضح للعالم أن راحة وسلامة الحجاج على رأس قائمة الأولويات وظهر بشكل واضح في التيسير على الحجاج، وكان من الملاحظ ارتفاع الوعي بين الحجاج والتزامهم واستجابتهم لكافة التعليمات والإرشادات التي ينصب مضمونها لصالح الحجاج وضمان أدائهم للمناسك بسهولة كل ذلك بفضل من الله، ثم بجهود المملكة التي رسخت لهذه الثقافة فلم تأل جهدا في سبيل توعية الحجاج وتزويدهم بكل ما من شأنه التيسير عليهم. الدكتور سعيد علي الزهراني رئيس مجلس إدارة جمعية الطائف لذوي الاحتياجات الخاصة قال: لا شك أن موسم الحج هذا العام عزز من قدرات المملكة في التنظيم الدقيق والخدمات المتطورة التي تم تسخيرها لضيوف الرحمن ولعل الالتزام بالأنظمة ساهم بشكل كبير في النجاح المبكر للحج حيث لمسنا التوافق والانسجام في الخدمات مع الوعي الذي يمثل علامة بارزة فأصبحت تأدية المناسك أكثر سهولة بتوفيق الله ثم، جهود قيادة سيدي خادم الحرمين وولي عهد الأمين صاحب الرؤية الملهمة الذي وجه وأكد على جميع الجهات الحكومية ببذل كل الجهود من أجل راحة الحجاج فتجلت أروع مظاهر العطاء من أبناء المملكة الذين سارعوا لخدمة الحجاج سواء المسؤولين أو المواطنين مستشعرين تعاظم المسؤولية من أجل حج ناجح واستثنائي رسخت من خلاله بلادنا مكانتها لتكون نموذجاً رائداً وفريداً يحتذى به في إدارة الحشود لتثير إعجاب العالم أجمع.. وكيف لا تثير الإعجاب وتحتل مكانة عالية في قلوب المسلمين وهي السعودية العظمي. ويختم مساعد المالكي "رجل الأعمال" بقوله إن المملكة دائما تتصدر المشهد في تميزها على كافة الأصعدة وخاصة في موسم الحج وتحرص على أن يحضى الحاج بالعناية والاهتمام من منطلق كونه "ضيف الرحمن" وأكد المالكي أن ضيوف الرحمن لحجّ هذا العام 1446ه، بدا عليهم جلياً الراحة في آداء نسك الحج، لافتاً أن الوعي والإدراك من قبل الحجاج أسهم كثيراً في أداء نسكهم على أكمل وجه، ما يكشف عن التأثير الإيجابي لرسائل التوعية والإرشادات التي كانت تبث من مختلف الوسائل، ما عزز قيمة الالتزام كمنهج تبناه الحجاج وهو نتاج التخطيط السليم لإدارة الحج. اهتمام منذ القدوم وحتى المغادرة عناية واهتمام لترسيخ ثقافة الالتزام د. سعيد الزهراني مساعد المالكي