حَقق موسم حج هذا العام 1446 نجاحًا استثنائيًا وباهرًا، مواصلًا مسيرة الإنجازات الوطنية العملاقة التي أرستها مواسم الحج السابقة. نجاح هذا الموسم شكّل علامة فارقة، وأضاف فصلًا جديدًا من الإبداع والتميز إلى سجل المملكة الحافل بالإنجازات في خدمة الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض. وقد جاء الإعلان السعودي عن نجاح موسم حج هذا العام، من خلال الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود، نائب أمير منطقة مكةالمكرمة ونائب رئيس اللجنة الدائمة للحج والعمرة، ليؤكد على أن الجهود المبذولة من مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك المتطوعون والمتطوعات والتزام الحجاج بالتعليمات والإرشادات، قد أثمرت عن إدارة ناجحة لموسم الحج، والذي أيضًا تحقق بفضل التنسيق المتكامل والالتزام الدقيق بالخُطط المرسومة سلفًا لتنظيم شعائر الحج. إن ما تحقق من نجاح باهر في موسم حج هذا العام لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة لتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم نتيجة للتوجيهات الحكيمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، والمتابعة الدقيقة والمستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- لمجريات الحج لحظة بلحظة، لضمان راحة وسلامة ضيوف الرحمن. بفضلٍ من الله تعالى، ثم بفضل التوجيهات السديدة والمتابعة الدقيقة من القيادة الحكيمة لشؤون الحج، تمكنت المملكة العربية السعودية من تنظيم موسم حج ناجح هذا العام، الذي استضافت خلاله 1,673,230 حاجًا، من بينهم 1,506,576 حاجًا وحاجة قدموا من خارج المملكة عبر مختلف المنافذ الحدودية، فيما بلغ عدد حجاج الداخل 166,654 حاجًا وحاجة. ولا شك أن للخدمات المتكاملة التي قُدِّمت للحجاج دورًا محوريًا في إنجاح موسم حج هذا العام، سواء في مجالات الرعاية الصحية، أو في مجال خدمات النقل، والاتصالات، وتقنية المعلومات، إضافة إلى حسن التنظيم وإدارة الحشود، وتوفير السكن والمأكل والمشرب الملائم والمناسب للحجاج، فضلًا عن البرامج الإرشادية والتوعوية، التي أبرزت الجهود المتضافرة بصورة أوضح لإنجاح الموسم، وبالذات عند الأخذ في الاعتبار الأعداد الهائلة من الحجاج وأيضًا تواجدهم في نفس التوقيت ضمن مساحات محدودة للغاية. أود التأكيد على أن الفضل الأكبر بعد توفيق الله -عز وجل- في نجاح موسم حج هذا العام، يعود بالدرجة الأولى إلى الجهود الأمنية الاستثنائية التي بذلتها الجهات المعنية بأمن الحج، التي أسهمت بشكل حاسم في الحفاظ على أمن وسلامة ضيوف الرحمن. وقد تجلّى ذلك في التخطيط الأمني الدقيق والتنفيذ المُحكم، إلى جانب وضع استراتيجيات فعالة للحد من الحج غير النظامي، بل ومنعه تمامًا، وذلك من خلال الحملة الأمنية التي أطلقتها وزارة الداخلية تحت شعار: "لا حج بلا تصريح"، والتي تُوجت بنجاح واضح وملموس. كما كان لتوظيف التقنيات الحديثة والمتطورة دورٌ بارز في نجاح موسم حج هذا العام، حيث تم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والروبوتات الذكية، والطائرات المسيّرة (الدرونز)، وغيرها من الحلول الرقمية المتقدمة، والتي أسهمت مجتمعة في تعزيز انسيابية تقديم الخدمات، والاستجابة الاستباقية لاحتياجات الحجاج، بما انعكس إيجابًا على جودة التجربة الشاملة لضيوف الرحمن. وقد كان أيضًا للوعي العالي واليقظة التي تحلّى بها الحجاج، والتزامهم بتطبيق التعليمات والإرشادات، دور جوهري في نجاح موسم حج هذا العام، سيما عند الأخذ بعين الاعتبار تنوع أعمارهم، واختلاف خلفياتهم الثقافية، وتعددية لغاتهم، ما جسد تجسيدًا لمستوى الوعي المسؤول لدى ضيوف الرحمن. أخلص القول: إن موسم حج هذا العام قد سطر قصة نجاح استثنائية بكل المقاييس، والتي عكست كفاءة التخطيط، وجودة التنفيذ، وروح التكامل بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، إضافةً إلى وعي الحجاج والتزامهم بالتعليمات. كما أن للتخطيط المسبق والدقيق دورًا بالغ الأهمية في نجاح موسم حج هذا العام، وهو ما أكّد عليه صاحب السمو الملكي نائب أمير منطقة مكةالمكرمة في كلمته، مشيرًا إلى أن الاستعدادات لموسم الحج القادم قد بدأت فعليًا منذ الآن، في تأكيد واضح على نهج الاستباقية والجاهزية المستمرة. وكان لمنظومة الحج بكل مكوناتها دور محوري في نجاح موسم حج هذا العام، حيث شارك فيها أكثر من تسعين ألف فرد من مختلف الجهات، بما في ذلك الكوادر الصحية والأمنية، وآلاف المتطوعين والمتطوعات، وفرق الكشافة والجوالة، الذين جسّدوا صورة مشرّفة للعمل الإنساني والخدمي، حيث قد عملت هذه المنظومة المتكاملة بتناغم وتفانٍ، واضعة على رأس أولوياتها خدمة ضيوف الرحمن، وتيسير أداء نسكهم بأمن وراحة وطمأنينة. إن نجاح موسم حج هذا العام لا يُعد نجاحًا تنظيميًا ولوجستيًا فحسب، بل يُجسّد أيضًا رسالة المملكة السامية في رعاية ضيوف الرحمن، انسجامًا وتناغمًا مع رؤية قيادتها الحكيمة التي جعلت خدمة الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين في مقدمة أولوياتها، مخصصة لها برنامج متميز ضمن برامج رؤيتها الطموحة 2030 تحت مسمى "خدمة ضيوف الرحمن". فهنيئًا للمملكة، بقيادتها الرشيدة وشعبها الكريم، وللأمة الإسلامية جمعاء، هذا النجاح المشرّف، الذي يُضاف إلى سجل الإنجازات المضيئة، ويبشّر -بإذن الله- بمواسم حج قادمة أكثر تميزًا وتألقًا.