في فيديو عفَوي شاهدته لمعالي وزير الصحة فهد الجلاجل وهو يساعد أحد الحجاج، حين عبّر عن هذه الروح النبيلة بقوله: "إذا كان ملكنا سلمان يُلقب بخادم الحرمين الشريفين، فنحن نخدم ضيوف الرحمن". ليست مجرد عبارة عابرة، بل تجسيد صادق لروح نعيشها نحن السعوديين جميعًا، مشهد يُلخص شعورًا وطنيًا مشتركًا، نحمله في قلوبنا كلما حلّ موسم الحج، ونترجمه بأفعالنا، ومهامنا، وأصواتنا، وعدساتنا، وجهودنا اليومية في خدمة أعظم ضيوف على الأرض. موسم الحج ننتظره بشغف، لنشعل ضوءًا دافئًا في قلوب الإعلاميين والاتصاليين السعوديين الذين يواكبون الحج بمهنية وشغف، خلاله تتحول المملكة إلى مسرح ضخم للعمل الاتصالي الفريد، حيث تُبنى حملات توعية مُتقنة، وتُنتج مواد إعلامية متعددة اللغات، وتُنقل صورة مشرّفة حية، لا بالكلمات فقط، بل بالمواقف والتفاصيل. التنوع الهائل من الحجاج بجنسياتهم ولغاتهم وبيئاتهم وثقافاتهم، يتطلب منظومة اتصالية مرنة وقادرة على الوصول لكل حاج، وهو ما نجحت فيه المملكة عبر مواد مرئية ومسموعة ومقروءة ووسائط رقمية، شملت عشرات اللغات العالمية، فوزارة الإعلام، بالتعاون مع وزارة الحج والعمرة، أطلقت حملات توعوية مسبقة قبل وصول الحجاج، ركزت على سلامة التنقل، والاشتراطات الصحية، والالتزام بالمواقيت، وسُبل التواصل عند الطوارئ. في السياق ذاته، برزت جهود هيئة الإذاعة والتلفزيون التي جهّزت مئات الكاميرات وعربات البث المباشرة، لنقل الشعائر من كل زاوية ممكنة، وبجودة تقنية فائقة، والجهود اللافتة من مركز التواصل الحكومي عبر إنتاجهم مئات المواد والقصص الإنسانية العظيمة، بل وإشراكهم صناع محتوى من دول الحجاج أنفسهم لنقل تجربتهم في الحج عبر منصاتهم، مما زاد من التأثير والمصداقية. أما من ناحية التسهيلات، فقد دعمت وسهلت مهمة أكثر من 2000 إعلامي دولي من 170 دولة في تغطية الحج العام الماضي، بحسب إحصائيات وزارة الإعلام، وهو رقم لا يعكس فقط حجم الاهتمام، بل الاحترافية العالية في التنسيق والتسهيل. وبالرغم من ذلك فالصورة لا تكتمل من دون التوعية الميدانية، في الحرم والمشاعر المقدسة والمطارات ومواقف النقل، تُوزع كتيبات، وتُعرض شاشات توعوية، وتُسمع تنبيهات صوتية بعدة لغات، هدفها إرشاد الحاج برفق واحترام. هذه الرسائل لا تُبنى عشوائيًا، وفي حالات الطوارئ الصحية، مثل ضربات الشمس أو التدافع، تُطلق رسائل تحذيرية فورية عبر تطبيقات الهواتف، ومنصات التواصل، والشاشات الذكية، في تفاعل لحظي بين الإعلام والتوجيه. حقيقة، المؤسسات الإعلامية الرائدة لا تكتفي بالمهام الإعلامية وأداء أدوارها الاتصالية فحسب، بل تشارك في بناء الرسالة الوطنية، فالهوية البصرية الموحدة للحج، واستخدام الرموز والعبارات الملهمة، تسهم في تعزيز الارتباط الوجداني بالحج لدى السعوديين والعالم. كما أن الإعلام الاتصالي بات يلعب دورًا في التصدي للمعلومات الخاطئة، من خلال فرق للرصد الإلكتروني، تعمل على تصحيح الشائعات في وقتها، وتفنيد الأخبار المغلوطة حول التنظيم أو الحوادث. ووسط هذه الجهود كلها، يظهر الإعلامي السعودي، بميدانيته، وكاميرته، وميكروفونه، كواحد من أولئك "الخدام" الذين لا يرتدون زيًا موحدًا، لكنهم يحملون مهمة سامية، فكل تقرير، كل لقاء، كل رسالة توعية، هي جزء من رسالة وطن أراد أن يقول للعالم: هنا تُدار أقدس شعيرة بإيمان وعقل. وفي كل موسم حج، لا نكتب فقط قصة نجاح جديدة، بل نضيف سطرًا مشرقًا في كتاب التاريخ، نؤكد فيه أن خدمة الحاج ليست مجرد مهمة، وليست فقط عبارات وشعارات.. إنها شرف، والتزام، وخدمة للدين، وفخر واعتزاز وطني.