تسهيلات جبارة تقدمها الحكومة السعودية لتيسير أداء مناسك الحج، يُعد الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، ويجتمع فيه ملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، ما يجعله حدثًا دينيًا وإنسانيًا فريدًا واستثنائيًا على كافة المستويات. وإدراكًا من المملكة لعظمة هذا الركن ومكانته في نفوس المسلمين، فإنها تبذل جهودًا جبارة واستثنائية سنويًا لتيسير أداء المناسك، وتوفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن، مستعينة بأحدث الوسائل التقنية والخدمات الذكية، في إطار رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين. وفي مقدمة هذه الجهود، أطلقت وزارة الحج والعمرة منصة «نسك» (nusuk.sa)، لتكون البوابة الرقمية الموحدة التي تسهّل على الحجاج والمعتمرين من أكثر من 150 دولة الحصول على التأشيرات، وحجز الفنادق، والتنقل، وتنظيم الجداول الزمنية لأداء المناسك. وتُعد هذه المنصة نقلة نوعية، إذ تسهم في تخفيف الأعباء عن الحجاج، وتحد من عمليات الاحتيال التي قد يتعرضون لها من قبل بعض الشركات غير المرخصة التي تستغل رغبتهم في أداء الفريضة. وفي إطار التحول الرقمي الشامل، تم إطلاق بطاقة الحج الذكية وهي بطاقة إلكترونية تحتوي على بيانات الحاج الشخصية والطبية، ومكان إقامته، والبعثة التابع لها. وتساعد هذه البطاقة في تسهيل عمليات التنظيم، وتحديد مواقع الحجاج، والوصول السريع إلى المخيمات ووسائل النقل وخدمات الطوارئ، ما يعزز من كفاءة إدارة الحشود وسرعة الاستجابة للحالات الطارئة. ولتعزيز تجربة الحج بشكل أكثر مرونة وتنظيمًا، وفرت المملكة خدمة قطار المشاعر المقدسة، وهو وسيلة نقل حديثة تربط بين منى، مزدلفة، وعرفات، وتختصر وقت التنقل بين هذه المشاعر إلى دقائق معدودة، ما يقلل من الزحام ويخفف الضغط على الحافلات، كما يُسهم في تنظيم تحرك الحملات بطريقة دقيقة وآمنة. ولم تقتصر التسهيلات على النقل والتنظيم فقط، بل شملت أيضًا تطبيقات ذكية مثل «توكلنا خدمات» و»نسك»، التي توفر للحاج معلومات فورية حول أماكن الزحام، ومواقع الصلاة، وحجوزات الزيارات، ومواعيد الدخول والخروج، ما يساعدهم على التنقل بثقة وسلاسة داخل المشاعر المقدسة. ونظرًا لتنوع ثقافات وجنسيات الحجاج، واحتياجهم المستمر للإرشاد الديني، قامت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين بتوفير روبوتات ذكية داخل الحرمين الشريفين، تقدم الفتاوى والإرشادات بلغات متعددة، وتتيح التواصل المباشر مع العلماء عن بُعد، ما يسهل على الحجاج الحصول على المعلومات الشرعية بطريقة ميسرة وعصرية. أما على الجانب الخدمي الميداني، فقد وفرت الحكومة السعودية مخيمات مكيّفة ومجهزة بالكامل في منى، مزدلفة، وعرفات، تتضمن مرافق صحية وغذائية، ونقاط طبية متكاملة لضمان راحة الحجاج طوال فترة وجودهم في المشاعر. ومن جانبها، تُشرف وزارة الصحة على تشغيل مستشفيات ميدانية تقدم الرعاية والعلاج المجاني على مدار الساعة، وتوفر فرقًا إسعافية متنقلة، وطائرات للإخلاء الطبي، وخدمات خاصة لكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، حرصًا على سلامة جميع الحجاج دون استثناء. تثبت المملكة عامًا بعد عام قدرتها الفائقة على إدارة أكبر تجمع ديني في العالم بكفاءة واقتدار، من خلال تسخير التقنيات الحديثة، وتوفير خدمات بشرية وميدانية متكاملة، جعلت من تجربة الحج أكثر راحة وتنظيمًا وأمانًا، وهو ما يشهده ويشيد به ملايين الحجاج من مختلف الجنسيات والأعمار سنويًا.