الأرقام القادمة من قطاع الطيران تظهر الانعكاس الإيجابي لرؤية المملكة على هذا القطاع، خصوصا العامين الأخيرين فاق جميع التوقعات، سواء من حيث حركة المسافرين أو توسع الشبكات الجوية أو حتى نمو قطاع الشحن، وهذا يعكس حُسن التخطيط والتكامل بين الجهات الحكومية والخاصة، والتوجه نحو التحول المؤسسي والمنافسة الدولية. من أبرز المؤشرات التي تؤكد هذا النمو اللافت، ما أعلن عنه الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) بأن مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال عام 2023 بلغت نحو 90.6 مليار دولار، وهو ما يمثل 8.5 % من إجمالي الناتج المحلي، إضافة إلى توفير ما يقارب 1.4 مليون فرصة عمل، بينها 62 ألف وظيفة مباشرة في شركات الطيران، ما يدل على قوة القطاع وقدرته على دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص نوعية. وتؤكد هذه الأرقام المكانة المتنامية للمملكة على خارطة الطيران العالمية، كمطور ومصدّر لحلول النقل الجوي والخدمات المرتبطة به. وتبرز مبادرة "توطين وظائف قطاع الطيران" كمثال حي على نجاح الاستراتيجية الوطنية للطيران، حيث تم توظيف أكثر من 14,300 مواطن ومواطنة حتى نهاية العام 2024، متجاوزة المستهدف بنسبة 124 %، وهو ما يدل على فاعلية البرامج التدريبية والتعليمية والتنسيق المتكامل بين الهيئة العامة للطيران المدني والجهات الأكاديمية والشركات المشغلة. كما أن نسبة تمثيل المرأة في المناصب القيادية داخل القطاع بلغت 17 %، ما يؤكد شمولية التنمية وعدم اقتصارها على جانب دون آخر. على صعيد البنية التحتية، تشهد المطارات السعودية توسعات نوعية تشمل صالات جديدة ومشروعات تطوير متقدمة، فضلاً عن إطلاق المخطط العام لمطار الملك سلمان الدولي، الذي يُعد من أضخم مشاريع النقل الجوي في العالم، ويهدف إلى استقبال 120 مليون مسافر سنوياً بحلول 2030، مما يعزز موقع الرياض كمحور إقليمي ودولي لحركة الطيران. ولا يمكن الحديث عن مستقبل القطاع دون التوقف عند "طيران الرياض"، الذي جاء لسد الفجوة المتوقعة في سعة المقاعد بحلول 2030، والتي ستُضاف إلى شبكة شركات الطيران الوطنية. أما في مجال الشحن الجوي، فحقق القطاع نمواً يتراوح بين 6 % إلى 8 % في عام 2024 مقارنة بعام 2023، مع تجاوز حجم الشحن 1.2 مليون طن، ما يؤكد موقع المملكة كمحور لوجستي عالمي يربط بين ثلاث قارات، ويستفيد من موقعها الاستراتيجي لتطوير سلاسل الإمداد العالمية. كل هذه المؤشرات تجعل من مستقبل القطاع مشهداً واعداً بالفرص، مدعوماً بقيادة مؤمنة، ورؤية واضحة، واستثمارات نوعية تعيد رسم خريطة الطيران في الشرق الأوسط والعالم.