قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي الأحد إنه يتوقع من روسيا أن تلتزم بوقف لإطلاق النار لثلاثين يوماً، مؤكّداً استعداد كييف للاجتماع بمسؤولين روس في إطار مفاوضات مباشرة لإيجاد تسوية للحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام. وأتت تصريحات زيلينسكي بعد ساعات من طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إجراء مفاوضات مباشرة بين الجانبين في 15 مايو في إسطنبول، من دون أن يوافق على مقترح وقف لإطلاق النار لمدّة 30 يوما قدّمه الأوروبيون بدعم من الولاياتالمتحدة. وقال زيلينسكي عبر منصات التواصل الاجتماعي "لا طائل من مواصلة القتل ولو ليوم واحد. نتوقع أن تؤكد روسيا موافقتها على وقف لإطلاق النار، كامل ومستدام وموثوق به، اعتبارا من يوم 12 مايو، وأوكرانيا مستعدة للقائها". وفي بادرة إيجابية نادرة، اعتبر زيلينسكي أن موسكو بدأت تدرس فكرة إنهاء الحرب في أوكرانيا المستمرّة منذ أكثر من ثلاث سنوات والتي أودت بحياة الآلاف. وقال "إنه مؤشّر إيجابي أن يبدأ الروس أخيرا بدراسة إنهاء الحرب"، مشيرا إلى أن "العالم بأسره ينتظر ذلك منذ فترة طويلة جدّا. والخطوة الأولى لإنهاء الحرب فعلا هي وقف لإطلاق النار". وقبل ساعات من تصريحات زيلينسكي، عقد الرئيس بوتين مؤتمرا صحافيا عند الساعة الواحدة من ليل السبت الأحد (22,00 ت غ السبت)، ردّ فيه على الإنذار الموجّه له من الأوروبيين. واقترح بوتين إجراء مفاوضات "مباشرة" و"بلا شروط" مع أوكرانيا في إسطنبول، متجاهلا الرد على مقترح أوكراني أوروبي يحظى بمباركة أميركية لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما. ومن دون التطرّق إلى هذا العرض على نحو صريح، انتقد الرئيس الروسي طريقة معاملة الأوروبيين لروسيا "الفظّة والقائمة على إنذارات"، مؤكّدا أن كلّ هدنة محتملة ينبغي لها أن تكون في سياق محادثات "مباشرة" مع كييف. وقال بوتين للصحافيين في الكرملين إن "روسيا مستعدّة لمفاوضات بلا شروط مسبقة... نقترح أن تبدأ من دون تأخير يوم الخميس 15 مايو في إسطنبول"، مردفا أنه سيتحدث إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الساعات المقبلة. من جانبه، أكد إردوغان الأحد لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بلوغ الجهود الرامية لإنهاء الحرب بين روسياوأوكرانيا "نقطة تحوّل تاريخية"، بحسب ما أفاد مكتبه. من جانب آخر وجهت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، إلى جانب الولاياتالمتحدة، السبت إنذاراً إلى روسيا من أجل وقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوماً اعتباراً من الاثنين، تحت طائلة فرض الدول الغربية "عقوبات هائلة" جديدة على موسكو في حال رفضه. ووُجّه الإنذار خلال زيارة إلى كييف قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيسا الوزراء البريطاني كير ستارمر والبولندي دونالد توسك، مؤكدين أن هذا الطرح يحظى أيضا بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ما يظهر وحدة موقف نادرة بين الدول الغربية. وأكد الكرملين السبت أنه "سينظر" في مقترح وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريح لشبكة سي إن إن الأميركية السبت "علينا أن ننظر في ذلك. إنه تطوّر جديد"، وفق ما أورد الإعلام الروسي الرسمي، مضيفا "لكن محاولة الضغط علينا غير مجدية". وفي وقت سابق السبت، ندد الكرملين بموقف أوروبي "صدامي" حيال روسيا. وصرح بيسكوف للصحافيين "نسمع تصريحات متناقضة من جانب أوروبا. إنها تركز في شكل عام على المواجهة أكثر من تركيزها على مبادرات تهدف الى إحياء علاقاتنا في شكل أو في آخر". وقدّمت أوكرانيا مقترحا لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما عدة مرات في الأسابيع الأخيرة، ولكن روسيا رفضته داعية إلى تقديم التزامات بتحقيق مطالبها أولا، ولا سيما وقف تسليم الأسلحة الغربية إلى كييف. وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأوكراني وقادة بريطانيا وألمانيا وبولندا في حديقة القصر الرئاسي الأوكراني السبت، إن البلدان المنضوية في "تحالف الدول الراغبة" الداعمة لكييف، "قررت دعم وقف إطلاق النار" لمدة 30 يوما "مع إشراف توفره الولاياتالمتحدة بشكل أساسي"، على أن "يساهم في ذلك كل الأوروبيين". وأجرى نحو عشرين بلداً في "تحالف الدول الراغبة" الداعم لأوكرانيا محادثات عبر الفيديو مع القادة الأوروبيين المجتمعين في أوكرانيا إلى جانب زيلينسكي. وأكد ماكرون أنه في حال رفضت روسيا وقف إطلاق النار هذا أو قبلته ولكن انتهكته "اتفقنا على إعداد عقوبات هائلة ومنسّقة بين الأوروبيين والأميركيين". وقال رئيس الوزراء البريطاني "إن الموقف الذي توصلنا إليه اليوم هو الوحدة المطلقة بين سلسلة من البلدان في كل أنحاء العالم، بينها الولاياتالمتحدة". وحذّر ميرتس روسيا من أنه في حال رفض الرئيس الروسي الطرح "فسيكون هناك تشديد هائل للعقوبات وستتواصل المساعدات الكبيرة المقدّمة لأوكرانيا، السياسية طبعا، ولكن أيضا المالية والعسكرية". وأكد ميرتس أن "هذه الحرب لا تهدد وحدة أراضي أوكرانيا فحسب، بل تهدف إلى تدمير النظام السياسي الأوروبي بأكمله. ولهذا السبب نقف إلى جانب أوكرانيا".