أكدت منظمة التعاون الرقمي (DCO) ومكتب الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب (UNOSSC) على الدور المحوري الذي تؤديه التجارة الرقمية في دعم مسيرة التنمية العادلة في دول الجنوب العالمي. وشدّد الجانبان على الإمكانات التحويلية الكبيرة للتجارة الرقمية، ودورها في تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية المستدامة، وتقليص الفجوات التنموية، بالإضافة إلى تمكين المجتمعات. وخلال جلسة رفيعة المستوى عقدتها منظمة التعاون الرقمي ومكتب الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب على هامش منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لتمويل التنمية بعنوان «تعزيز التجارة الرقمية الشاملة من خلال التعاون متعدد الأطراف»، شدّد صانعو السياسات الرقمية والمنظمون وقادة القطاع الخاص على ضرورة توسيع نطاق التجارة الرقمية الشاملة. وأشار المتحدثون إلى أن التجارة الرقمية في عام 2020 مثّلت ما يصل إلى 25 % من إجمالي التجارة العالمية، بقيمة تقارب ال5 تريليون دولار أميركي، إلا أنه على الرغم هذا النمو الملحوظ، لا يزال نحو 2.6 مليار شخص حول العالم غير متصلين بالإنترنت، وهو ما دفع الخبراء إلى الدعوة لتعزيز التعاون الدولي، بهدف سد الفجوة الرقمية والتغلّب على ما يرتبط بها من تحديات تعيق الوصول العادل إلى الفرص. ومن جانبها صرحت الأستاذة ديمة بنت يحيى اليحيى، الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي: «لقد أثبت التعاون والحوار اليوم أن التجارة الرقمية الشاملة ليست مجرد طموح سياسي، بل هي مسار عملي لتسريع وتيرة التنمية المستدامة في بلدان الجنوب العالمي. ومن خلال التعاون متعدد الأطراف والتمويل المبتكر، يمكننا سد الفجوات الرقمية وفتح آفاق اقتصادية جديدة تتيح تقديم الفرص للجميع». وأضافت: «تؤكد الشراكة بين منظمة التعاون الرقمي ومكتب الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب على التزامنا بأن لا نترك أي دولة، أو شركة، أو فرد خارج نطاق الاقتصاد الرقمي، لا سيما النساء والشركات الصغيرة والمتوسطة. ومع اقتراب موعد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، تؤكد منظمة التعاون الرقمي استعدادها للتعاون مع الجهات الحكومية، والبنوك التنموية، والشركاء من القطاع الخاص، للعمل على توسيع نطاق البنية التحتية الرقمية القابلة للتشغيل البيني، وتعزيز التكامل الإقليمي، وحشد التمويل لدعم الحلول القائمة على النتائج. بالعمل معاً، يمكننا تحويل التجارة الرقمية إلى محرك حقيقي للنمو الشامل والمستدام.» وفي هذا السياق، سلط المشاركون الضوء على أن 80 % من الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية تواجه تحديات كبيرة تعيق مشاركتها في التجارة الرقمية عبر الحدود، من بينها نقص المهارات، وصعوبة الوصول إلى أنظمة الدفع الرقمية، وضعف البنية التحتية الرقمية. وتُعد المشاريع التي تقودها النساء الأكثر تضرراً، ما يزيد من تعقيد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية القائمة بين الجنسين. وتسهم هذه التحديات مجتمعة في توسيع الفجوة الرقمية، وتحول دون استفادة شرائح واسعة من سكان الجنوب العالمي من التحول الرقمي والمزايا التي تقدمها التجارة الرقمية، مما يحد من قدرة الدول على تحقيق تنمية شاملة للجميع. ومن جانبها صرحت ديما الخطيب، مديرة مكتب الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب: «يُشكّل الاقتصاد الرقمي إحدى أعظم الفرص في عصرنا الحالي، إذ يساهم في تسريع وتيرة التنمية، والحد من أوجه عدم المساواة، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتمكين المجتمعات. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه النتائج يتطلب ضمان الوصول العادل إلى الفرص، وتوافر البنية التحتية والقدرات المناسبة». وأضافت الخطيب: «نحن بحاجة إلى استراتيجيات جريئة وشاملة، تقوم على نهج تعاوني، وتنطلق من الواقع الفعلي لبلدان الجنوب العالمي وابتكاراتها المحلية. لقد مثّل التعاون بين بلدان الجنوب، على مدى العقود الماضية، ركيزة أساسية للتضامن بين الدول النامية. أما اليوم، فقد أصبح أيضاً محرّكاً رئيساً للتحول والتنمية. إذ لا يقتصر دوره على تبادل المعارف والخبرات، بل يشمل أيضاً المشاركة في تطوير حلول عملية وفعالة، والعمل على توسيع أثرها ونطاق تطبيقها». وشهدت الجلسة أيضاً مناقشة حلول عملية لدعم التجارة الرقمية الشاملة، من بينها مبادرات تمويل تدعمها شراكات بين القطاع العام والخاص تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية العامة، بالإضافة إلى نموذج التعاون الثلاثي، الذي يتيح للدول تبادل المعارف والموارد والابتكارات الرقمية، بما يسهم في تطوير منظومات رقمية متكاملة وقابلة للتشغيل البيني. وعلى الرغم من التحديات القائمة، إلا أن هنالك تقدم ملموس على صعيد تعزيز التجارة الرقمية الشاملة. ويُعد بروتوكول التجارة الرقمية التابع لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) خطوة رائدة في هذا الاتجاه، حيث يُمهّد الطريق لبناء سوق رقمية موحدة في أفريقيا، ويساهم في تعزيز التكامل الرقمي عبر الحدود وربط البنى التحتية الرقمية العامة وتنسيق اللوائح التجارية بين دول القارة، مع دعم ذلك بمبادرات مختصة بالشمول الرقمي لتوسيع نطاق الوصول. وتؤكد منظمة التعاون الرقمي ومكتب الأممالمتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب التزامهما الراسخ بدعم التعاون متعدد الأطراف وتوسيع نطاق الشراكات بين مختلف أصحاب المصلحة. وتعمل الجهتان مع الشركاء الدوليين لتحقيق تحول رقمي شامل وعادل، بما يضمن استفادة الجميع من الفرص التي يتيحها الاقتصاد الرقمي ويسهم في بناء مستقبل مزدهر ومستدام للجميع.