أصدرت وزارة المالية تقرير أداء الميزانية العامة للدولة للربع الأول من السنة المالية 1446/1447ه (الموافق للربع الأول من عام 2025م)، والذي كشف عن تسجيل عجز مالي قدره 58.7 مليار ريال، في وقت شهدت فيه الإيرادات ارتفاعًا ملحوظًا، بما يعكس قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في مواجهة المتغيرات المالية العالمية، واستمراره في تحقيق تقدم ملموس على صعيد تنويع مصادر الدخل. وبحسب البيانات المعلنة، فقد بلغت الإيرادات في ميزانية الربع الأول 263.616 مليار ريال، بينما بلغت المصروفات العامة 322.317 مليار ريال. وبلغ إجمالي الإيرادات الفعلية للربع الأول 263.62 مليار ريال، بانخفاض نسبته نحو 10 % مقارنة بالربع الأول 2024. وبلغت الإيرادات النفطية في الربع الأول 149.8 مليار ريال، بينما بلغت الإيرادات غير النفطية 113.81 مليار ريال. وبلغت المصروفات الفعلية للربع الأول 2025، نحو 332.32 مليار ريال، وخصصت الحكومة في ميزانية الربع الأول 2025 لقطاع التعليم 53.94 مليار ريال، والقطاع العسكري 51.40 مليار ريال، وقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية 72.22 مليار ريال. وأظهرت بيانات الميزانية للربع الأول التي تم الإعلان عنها اليوم ارتفاع حجم الدين العام مع نهاية الربع الأول إلى نحو 1328.77 مليار ريال، وذلك مقارنة مع 1215.92 مليار ريال بنهاية العام الماضي. وفي ظل هذا العجز، لم تسجل مستويات الدين العام ارتفاعًا مقلقًا، ما يشير إلى قدرة الدولة على تمويل احتياجاتها بطريقة مدروسة دون اللجوء المفرط إلى الاقتراض. ويأتي هذا الأداء المالي في سياق اقتصادي عالمي يشهد تحديات متنوعة، من بينها التذبذب في أسعار النفط، والتباطؤ في سلاسل الإمداد، والتضخم العالمي. ومع ذلك، أظهرت البيانات المحلية أن الاقتصاد السعودي لا يزال محتفظًا بمرونته ومتانته، مدعومًا بمشاريع تنموية كبرى مثل "نيوم" و"القدية" و"الرياض الخضراء"، وتحفيز الاستثمار في قطاعات التقنية والسياحة والصناعة. الى ذلك أكدت وزارة المالية في تقريرها أن الحكومة مستمرة في تنفيذ سياسات مالية حذرة ومرنة، توازن بين تلبية المتطلبات التنموية والمحافظة على مؤشرات مالية سليمة. كما تواصل المملكة العمل على تحقيق الانضباط المالي وتوسيع الإيرادات المستدامة، بما في ذلك تحسين النظام الضريبي، وتعزيز كفاءة التحصيل، ورفع مستوى الشفافية. كما ان التوقعات تشير إلى إمكانية تقليص العجز خلال الأرباع القادمة، لا سيما مع تحسن أسعار النفط، واستمرار الأداء الإيجابي للإيرادات غير النفطية، وضبط المصروفات الحكومية. وتُعد هذه المؤشرات دلالة على استمرار مسار التحول المالي والاقتصادي للمملكة، بما يحقق التوازن المالي ويعزز النمو المستدام. ويعكس تقرير الميزانية للربع الأول من عام 2025 واقعًا ماليًا متوازنًا، يجمع بين المرونة في إدارة العجز والاستمرار في الإنفاق التنموي، ويُبرهن على أن المملكة تسير بثبات نحو تحقيق تحول اقتصادي شامل ومستدام، فرغم التحديات، تظل أسس الاقتصاد السعودي قوية، مدعومة برؤية استراتيجية تُحدث تغييرًا عميقًا في بنية الاقتصاد الوطني.