أمام هذا التحدي التكنولوجي الهائل الذي نحيا به، وبين عولمة الثقافة وتسلسل الأجيال قد يتبادر سؤال لحظي إلى أذهاننا وهو هل ينعم أبناؤنا بطفولة صحية؟ نحن نواجه فجوة تواصل إن لم يتم إغلاقها بطريقة متوازنة، فنحن على مشارف العديد من الكوارث البشرية وبنظرة خاطفة إلى عالم الطفولة اليوم، نلاحظ أن هناك ارتباطاً وثيقاً ومريعاً جداً بين الطفل وجهازه الإلكتروني في كل مكان حتى لا يكاد ينفلت من بين أنامله وقد يلجأ إليه الوالدان شماعة لرفاهية الطفل كدرع حصينة ضد مسمى الحرمان نظير أقرانه من ذات المرحلة العمرية، وكذلك حفاظاً على التوازن الانفعالي للطفل ولعلنا نُقَدِّم وجبة معرفية إثرائية لرفع مستوى الوعي الجمعي تجاه النشء وبضرورة إدراك الخطر الجسيم في حال الاستخدام الخاطئ تدرجاً مع المراحل العمرية وفق ما أقرته مجموعة الخبراء والمختصين في علم النفس؛ درءًا ألا يكون الطفل طعماً شهياً للإدمان الإلكتروني، فالطفولة المبكرة تتدرج إلى مراحل كما أوردها العالم (بياجيه): 1/مرحلة الذكاء الحسي وتكون من الولادة إلى العامين حينها يعتمد الطفل على حواسه للتعرف على العالم الحسي. 2/مرحلة ما قبل العمليات وتبدأ من عامين إلى سبعة أعوام حيث يبدأ العقل بالعمل ويظهر التفكير الرمزي إلى العالم الخارجي. 3/مرحلة التفكير الواقعي وتبدأ من سبعة أعوام إلى إحدى عشرة سنة وتتميز بنماء المهارات المعرفية العقلية والقدرة على التصنيف والتمييز وتكوين المفاهيم، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن يتم ردم تلك المهارات داخل بوتقة إلكترونية وقتية وما أن يتم منع الطفل أو انتهاء الوقت المحدد حتى تبدأ ثورة انفعالية مؤججة بالرفض والإنكار والتهيج العصبي، فنحن لا ننادي بالمنع التام بل هناك حاجة ماسة إلى أهمية تعليم الطفل آلية استخدام الهاتف الذكي وحفظ الأرقام المهمة لحاجتها في وقت الطوارئ إضافة إلى التمكين التام للمهارات والعلوم عن طريقه وذلك بوضع الاستراتيجيات الزمنية المتفق عليها من خلال القوانين الزمنية لوقت الاستخدام ليصبح الطفل هو المتحكم بالجهاز وليس العكس، ولا يخفى على الجميع كمية الأضرار المتلاحقة جراء استخدام اللوائح الرقمية لأطفالنا متمثلة في مشكلات ضعف البصر والبدانة والخمول بسبب عدم الحركة مما يسبب عزلة اجتماعية الذي يترتب عليه تأخر النطق بسبب انحسار التواصل بصرياً داخل الجهاز وخفض مستوى التركيز والانتباه، وهذا مما يعانيه بعض أولياء الأمور أثناء استذكار الدروس لأطفالهم من عدم ثبات المعلومة ونسيانها بشكل فوري، لذا التوازن بين الطبيعة والتكنولوجيا مطلوب جداً من خلال تعريض الطفل للطبيعة باللعب في الحدائق العامة وخاصة الرمل لتمرين عضلات اليد الصغرى وتنمية روح الخيال والابتكار وإغراق الطفل في البيئة الفيزيقية الخاصة به وممارسة الألعاب الحركية المساعدة في تقوية العضلات والعظام، أضف إلى ذلك ممارسة الأنشطة العقلية والمسابقات ذات العصف الذهني لتمرين العقل على مهارات التفكير والانتباه وقاعدة الرصانة الذهبية بتعويد الطفل على حفظ بعض من السور القرآنية القصيرة ومراجعتها بين الفينة وأخرى وأثناء الصلاة، فهي كفيلة ببرمجة المراكز العصبية إلى المسار المتزن. أطفالنا هم بسمة الأيام الحاضرة وبناء مستقبل الأوطان لذا مسؤوليتنا جميعاً رسم الطريق الصحيح لهم في خارطة الزمان.