60 ٪ من النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة العش الفارغ مقارنة بالرجال

مع بداية مغادرة الأبناء منازل أسرهم نحو حياتهم المستقلة، يعيش العديد من الآباء والأمهات مشاعر مختلطة من الحزن والفخر والفراغ، فيما يعرف بمتلازمة "العش الفارغ"، وهي حالة عاطفية شائعة ترتبط بتغير نمط الحياة داخل الأسرة.
وأوضح المستشار التدريبي أنس محمد الجعوان، في حديث خاص ل"الرياض"، أن متلازمة العش الفارغ تصيب الآباء والأمهات عند مغادرة الأبناء للمنزل، حيث يشعرون بفقدان جزء من حياتهم اليومية المعتادة. وأضاف أن دراسة صادرة عن Harvard Health Publishing في عام 2023، كشفت أن واحداً من كل أربعة آباء وأمهات يختبرون مشاعر الحزن العميق والفراغ بعد مغادرة أبنائهم للمنزل.
وأشار الجعوان إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذه المتلازمة بنسبة 60% مقارنة بالرجال، مرجعاً ذلك إلى طبيعة المرأة واهتمامها الدقيق بالتفاصيل اليومية لحياة الأبناء، مما يجعل التأثير العاطفي لغيابهم أكثر حدة لديها.
وبيّن أن مشاعر متلازمة العش الفارغ تتراوح بين الحب والفقدان والفخر، وقد تستمر هذه الحالة العاطفية من ستة أشهر إلى عامين، وفقاً لإحصاءات الجمعية الأمريكية لعلم النفس. وخلال هذه الفترة، يحتاج الآباء إلى إعادة اكتشاف ذواتهم وإعادة ترتيب أولوياتهم وحياتهم بعيداً عن مسؤوليات الأبناء اليومية.
وفيما يخص الأعراض الخفية المصاحبة لهذه المتلازمة، أوضح الجعوان أنها تشمل شعوراً بالوحدة العميقة حتى وسط التجمعات، وفقدان الإيقاع اليومي المرتبط برعاية الأبناء، وزيادة القلق بشأن مستقبل الأبناء رغم استقلالهم، إضافة إلى صعوبة التأقلم مع الفراغ الجديد الذي يفرضه غيابهم.
وحول اختلاف تأثير هذه المتلازمة بين الثقافات، أشار الجعوان إلى أن المجتمعات الشرقية، التي تتميز بروابط أسرية متماسكة تدوم لفترات أطول، تشهد مشاعر أكثر حدة عند مغادرة الأبناء مقارنة بالمجتمعات الغربية، حيث يعتبر انتقال الأبناء خطوة طبيعية نحو الاستقلالية.
وفيما يتعلق بآليات التعامل مع هذه المرحلة، نصح الجعوان باتباع عدة خطوات، منها: ممارسة الهوايات المؤجلة، تجديد العلاقة مع الشريك من خلال رحلات قصيرة أو جلسات حوارية، التواصل الداعم مع الأبناء دون تدخل مفرط، ومنح النفس مساحة للتعبير عن مشاعر الحزن دون الاستسلام لها.
وأكد الجعوان في ختام حديثه أن غياب الأبناء الجسدي لا يعني غياب الحب، موضحاً أن متلازمة العش الفارغ قد تكون فرصة لإعادة اكتشاف الذات، لافتاً إلى أن العش لا يفقد معناه حين يخلو، بل يصبح مساحة أوسع لذكريات جميلة ولانتظار لقاءات قادمة مليئة بالحب والفخر.