يشهد سلوك المستهلك السعودي تطورًا ملحوظًا في العام 2025، متأثراً بعدة عوامل اقتصادية واجتماعية وتقنية وبيئية، لاسيّما مع تنفيذ رؤية السعودية 2030 الطموحة التي أسهمت في تغيير أنماط الإنفاق وتفضيلات المستهلكين، نظرًا لكون السعودية سوقاً استهلاكياً مهماً في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ارتفاع وعي المستهلك وتزايد تطلعاته نحو الجودة والقيمة والتجربة الشخصية. وبفضل قدرة المستهلك السعودي على التكيّف مع التقنيات الحديثة وانفتاحه على التجارب العالمية مع الحفاظ على الهوية الثقافية السعودية، أصبح التسوق الإلكتروني جزءًا أساسيًا من حياته اليومية، فقد أسهمت البنية التحتية الرقمية المتطورة وارتفاع معدلات استخدام الهواتف الذكية وانتشار تطبيقات الدفع الإلكتروني والشحن والتوصيل السريع، في زيادة ملحوظة لنسبة المشتريات عبر الإنترنت، خاصة بعد أن أصبحت أيضًا منصات التواصل الاجتماعي توفّر قنوات تسوّق فعّالة تتيح للمستهلكين استكشاف المنتجات وشرائها مباشرة من خلال المنصة نفسها، بالإضافة إلى تزايد انتشار الأجهزة المتصلة المتواكبة مع تقنية "إنترنت الأشياء" التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة المستهلك السعودي. إلى جانب ذلك، فإن تزايد الوعي البيئي للمستهلك السعودي أدى إلى ارتفاع الإقبال على المنتجات الصديقة للبيئة، حيث بات المستهلكون يفضّلون الشركات التي تتبنى ممارسات مستدامة وتقلّل من بصمتها الكربونية، كما ساهم الوعي الصحي كذلك في زيادة الإنفاق على المنتجات والخدمات الصحية، بما في ذلك أغذية الحمية، ومنتجات العناية الشخصية الطبيعية، والاشتراكات في الأندية الرياضية. من جهة أخرى أصبح المستهلك السعودي أيضًا أكثر وعيًا بالقيمة مقابل المال، وأكثر حرصًا على مقارنة الأسعار والاستفادة من العروض الترويجية، كذلك تأثره بشكل متزايد بالمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أصبح هؤلاء المؤثرون قناة تسويقية رئيسة للعلامات التجارية، ويلعبون دورًا مهمًا في تشكيل قرارات الشراء، خاصة في قطاعات مثل التقنية والسياحة. إضافة إلى أن ارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل، ساهم في زيادة الإنفاق على السلع والخدمات التي تلبي احتياجاتها بخاصة قطاعات الموضة والتجميل والمواصلات، والذي غير بدوره كذلك من أنماط الإنفاق العائلي، إذ أصبحت الأسر تتجه بشكل متزايد نحو المنتجات والخدمات التي توفّر الوقت والجهد، مثل خدمات توصيل الطعام والتسوّق المنزلي، وتزايد إقبالهم أيضًا على الفعاليات الترفيهية المحلية، إلى جانب ازدهار قطاع المنتجات والخدمات الفاخرة في السعودية الذي يحظى بإقبال كبير من قبل الأسر ذات الدخل المرتفع التي تبحث عن تجارب استثنائية وخدمات شخصية، مع تركيز واضح على الجودة والأصالة والتميّز. إن فهم سلوك المستهلك السعودي يتطلب من الشركات مواكبة التغيرات المتسارعة في السوق وفي تفضيلات واتجاهات العملاء، لا سيما تلك المرتبطة بجودة المنتج وتجربة الشراء المبتكرة والشخصية، وبناءً على ذلك يجب تبنّي استراتيجيات مرنة ومبتكرة تلبي تطلعات المستهلكين السعوديين الذين يتوقعون رحلة تسوق سلسة عبر مختلف القنوات، انسجامًا مع مبدأ التجارة الموحدة (Omnichannel) الذي يدمج بين المتاجر التقليدية والمنصات الرقمية لتقديم تجربة متكاملة، إضافة إلى توظيف التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتحليل تفضيلات المستهلكين وفهم سلوكهم بشكل أعمق بهدف تصميم عروض مخصصة تلبي احتياجاتهم، إلى جانب الاستثمار في توطين المنتجات والخدمات بما يتماشى مع ثقافة وسلوك المستهلك السعودي.