لم تغب الثقافة ولا التاريخ عن الاحتفاء بيوم الوطن الخالد في ذاكرة الوطن، فقد شهدت "قيصرية الكتاب" في المنطقة المركزية بقصر الحكم، ندوة بعنوان: "اليوم الوطني 94.. تاريخ وانتماء". وهي ندوة حاولت أن تستجلي عظمة هذا اليوم وتستقرئه بما يعكس قيمته، ويليق بأثره الممتد فينا وفي أرضنا حتى اليوم. فقد كان الحضور على موعد مع ندوة مهمة، استحضرت روح الفخر والاعتزاز بمسيرة التأسيس التي أرسى دعائمها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- بحكمة وحنكة قادت إلى أعظم مشروع وحدوي في العصر الحديث. هكذا مهّد مدير الندوة الأستاذ عوضة بن علي الدوسي للندوة بقوله إننا نحتفي اليوم باليوم الوطني الرابع والتسعين، الذي يرمز إلى أكثر من مجرد تاريخ، فهو يمثل انتماءً راسخًا إلى هذا الوطن العظيم، وتاريخًا عريقًا يمتد بجذوره إلى الحضارات التي نشأت على أرضه المباركة. في هذه الندوة، سنغوص في أعماق تلك المسيرة التي خطت طريق المجد، ونستعرض فصولًا مضيئة من تاريخ وطننا، مُستذكرين عبقرية التأسيس وقيم الوحدة التي توارثتها قيادتنا الحكيمة جيلًا بعد جيل، حتى وصلنا إلى هذا العصر الزاهر المليء بالطموح والإنجازات. وأفسح المجال للمحاضر بأن يقود الحضور في رحلة تاريخية تجمعنا، لنتأمل معًا ما صنعه الأجداد، وما نسير عليه من رؤى طموحة تقودنا إلى مستقبل أكثر إشراقًا. بعدها انطلقت الندوة بحديث ماتع للأستاذ الدكتور ضيف الله بن دليم بن رازن، أستاذ التاريخ السعودي المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، متناولاً فيها أبعادًا تاريخية وثقافية متعددة، وذلك تزامنًا مع احتفالات اليوم الوطني السعودي. استهل الدكتور ابن رازن محاضرته برفع أسمى التهاني إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، والشعب السعودي كافة، بهذه المناسبة الوطنية العزيزة. كما قدّم شكره العميق لقيصرية الكتاب بقيادة الأستاذ أحمد بن فهد الحمدان وزملائه، على جهودهم المتواصلة في تحفيز الحراك العلمي والثقافي. بعدها عرّج الدكتور ابن رازن على مفهوم التاريخ الوطني، مؤكدًا عمقه وتجذره على هذه الأرض المباركة منذ آلاف السنين، كما سلط الضوء على أن المملكة العربية السعودية ليست فقط مهبط الرسالات السماوية وموطن الحرمين الشريفين، بل إنها تمثل امتدادًا تاريخيًا وحضاريًا يعكس وجود الإنسان والحضارات على أرضها. كما عرّج على تاريخ قبيلة بني حنيفة العريق وتطور الجزيرة العربية حتى وصول مانع المريدي إلى الدرعية في عام 850ه. وواصل المحاضر حديثه مستعرضاً تاريخ الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ودوره في توحيد المملكة، مشيرًا إلى أن اليوم الوطني الموافق 23 سبتمبر 1932 يمثل ليس فقط وحدة الوطن، بل أيضًا بداية مرحلة تطور شامل. عقب ذلك استعرض د. ضيف الله إنجازات الملك عبدالعزيز في مجالات الأمن، التعليم، الصحة، النقل، والاتصالات، بالإضافة إلى الجوانب العمرانية والإدارية التي شهدتها المملكة في تلك الفترة. في ختام المحاضرة، دعا الدكتور ابن رازن الأجيال الشابة إلى تعزيز وعيهم بالتاريخ السعودي والاعتزاز بالجهود العظيمة التي قدمها قادة البلاد، مشيرًا إلى أن كل مساهمة إيجابية للفرد تعد جزءًا من تحقيق رؤية المملكة 2030. واختتم المحاضر بتأكيده على أن اليوم الوطني السعودي يشكل رمزًا للهوية الوطنية، الوحدة، والتسامح، ودعوة لاستذكار تضحيات القادة وتعزيز قيم المحبة والانتماء. بعد ذلك فتح باب المداخلات للحضور الذين أشادوا بهذا اليوم العظيم وما قدّمه الملك المؤسس- طيب الله ثراه- من جهود عظيمة وكفاح ونضال حتى استعاد ملك آبائه وأجداده -رحمهم الله- جميعاً؛ كما شهدت الندوة مداخلة للزميل عبدالله الحسني مدير تحرير الشؤون الثقافية أشاد فيها بعبقرية التأسيس وعبقرية المكان التي تميزت بها المملكة العربية السعودية منذ نشأتها، كما أشار إلى أن المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، بعبقريته الفذة ورؤيته الاستشرافية، استطاع أن يوحد المملكة ويقدم أعظم مشروع وحدوي في العصر الحديث. وأكد أن سر ديمومة واستقرار هذه البلاد يكمن في قيامها على أسس متينة من القيم الراسخة التي توارثها الملوك جيلًا بعد جيل، حتى وصلنا إلى هذا العصر المزدهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان. كما لفت الزميل الحسني إلى أن رؤية المملكة 2030، بمرتكزاتها الثلاث: وطن طموح، شعب حيوي، واقتصاد مزدهر، جعلت من المملكة نموذجًا عالميًا رائدًا في مختلف المجالات. وأكد على أن الثقافة كانت جزءًا لا يتجزأ من هذا التحول، حيث شهدت تطورًا ملحوظًا في جميع مشاريعها وبرامجها، مما يعزز من دورها المحوري في مسيرة النهضة السعودية الحديثة. جانب من الحضور